محافظ قايمجا

موضوع: محافظ قايمجا الأحد سبتمبر 07, 2008 11:26 pm

لو تكرَّمَ علي أحد قرائي الأعزاء وسألني: ( ماذا تكره في هذه الحياة؟ ) لقلت له:
- عد على أصابعك: أنا أكرهُ ( الخطابة )، وكلما شاهدتُ رجلاً يخطب نظرتُ وراءه لأعرف مدى حماسه من خلال الدخان المتدفق من ( إشطمانه )!.. أملُّ من ( المواعظ )، لأنها لا تزيد الشخصَ الموعوظَ إلا تمسكاً بالخصال المعاكسة لأوامر الواعظ ونواهيه. لا أحب استخدام كلمة ( يجب ) في سياق المقابلات الثقافية، والبرامج التلفزيونية، وعلى رأسها نحن الشبيبة، ونحن الطلائع، ومع العمال، ومع الطلبة، وخَضرا يا بلادي خَضرا، والأيدي الماهرة،.. أمقتُ ( الإقناع ) والكلمتين اللتين تقالان عند الأذن فتنقلبان- كما يزعم البعض- إلى سِحر. أستهجنُ الحديث عن خطر الإمبريالية والعولمة والغزو الثقافي، وضرورة ( تحصين ) الأجيال من شرورها. ولا أطيقُ ( الحِكَم والعِـبَـر ) التي يسعى بعض الأدباء إلى بثها في ثنايا نصوصهم، وبالأخص قصص الأطفال. وأكثر ما أنفرُ منه الخطط المرحلية والاستراتيجية، واللجان العليا، والفرعية المنبثقة عنها، وبرامج التوعية، والحملات التي تسعى إلى ( تثقيف ) الجماهير،.. وما ذلك إلا لقناعتي بأن الجماهير أذكى ( وأثقف ) مني ومنك، وهي تعرف- على قولة المثل- ( السعدان أين قاعد )!
ومع ذلك، إذا سألني أحدهم عن ( العِبرة ) في الحديث عن المحافظين الذين تعاقبوا على محافظة إدلب، الآن، بعد مضي عهودهم، سأقول له باختصار:
أريد، فقط، أن يعلم أولئك الذين يتسلمون المناصب الإدارية، في كل زمان ومكان، وفي كل المدن والقرى والكفور والدساكر، أن الناس أذكياء، وذاكرتهم فولاذية، وألسنتهم لا ترحم، وإذا كانوا- في يوم من الأيام- لم يستطيعوا الكلام، بسبب سطوة الأحكام العرفية، وقانون الطوارىء، وجَـظّ التقارير الكيدية، والاستدعاءات، والسين والجيم، والدولاب واللكز واللبط،.. فلا بد أن يأتي يوم، وقد أتى، يلتقطون فيه أنفاسهم، ويفتحون السجلات والدفاتر، ويفتحون من الأفواه ما يتسع لمحشية القَرْع بالعرض!.. فيقولون ما لأصحاب المناصب وما عليهم، ويقومونهم، مثلما فعلتُ أنا في مقرئي السابق، حينما قلت: إن الناس في محافظتنا يذكرون بالخير المحافِظَين الأستاذين وهيب فاضل ومحمود يونس، بينما تراكمت غبارُ النسيان فوق الكثرة الكاثرة من المحافظين.
أجل، كنا لا نستطيع، في السابق، أن نقول مثل هذا الكلام، أو نكتبه، فإذا كتبناه لم نكن لنجد من ينشره لنا، باعتبار أن صحف البلاد لا تُمَوَّلُ من جيب دافع الضرائب المسكين، بل هي تركة أورثها أبو زيد لزيد، وأبو عبيد لعبيد، وأبو نطاط الحيط لنطاط الحيط!
إن محافظة إدلب- التي كانت قد فرحتْ على نفسها في سنة1960، بتحولها من منطقة تابعة لحلب إلى محافظة مستقلة يملأ اسمُها الفم- قد ( مُنِيَتْ ) في فترة من الفترات، بمحافظ حَصَّنْـتُهُ بالله وأسمائه الحسنى، لا هو من العير ولا من النفير، ولا هو بالطويل ولا بالقصير، ولا هو بالقوي ولا بالضعيف، لا هو بالحار ولا بالبارد،.. مثل المال المُزَكَّى، لا يُحرق ولا يَغرق، ويشبه القماش ( القايمجا ) الذي يتحمل الدعك والمعك، لا يكش على الغسيل، ولا يتجعلك، ولا تكلح ألوانه، .. لا يغيب ولا يسافر، ولا يحصل على إجازة، ولا يبادر في سبيل التنمية، وإذا بادر غيرُه بها قال له ( على خيرة الله )، لا ينتبه لتوالي الليل والنهار، ولا لتعاقب الصيف والشتاء...
بقي هذا الرجل جالساً على كرسي محافظ إدلب سنين طويلة، وكلما صار في سورية تغيير محافظين يسارع أهل إدلب إلى إلصاق آذانهم بالراديوهات، وأعينهم بشاشات التلفزيون، عسى ولعل أن يرد اسم محافظهم ضمن التشكيلة، فلا يحصدون سوى الخيبة، وأما الخطباء الذين يأتون من العاصمة، فأقل واحد منهم كان يدفع الدخان وراءه ما لا يقل عن مترين وهو يكرز الجمل الإنشائية عن إدلب الخضراء، وشعبها المعطاء، الصامد الـ.. الـ..
_________________
خطيب بدلة

................................

ربما تطفئ في ليلي شعله
ربما أحرم من أمي قبله
ربما يشتم شعبي وأبي، طفل، وطفله
ربما تغنم من ناطور أحلامي غفلة
ربما ترفع من حولي جداراً وجداراً وجدار
ربما تصلب أيامي على رؤيا مذله
يا عدو الشمس.. لكن.. لن أساوم
وإلى آخر نبض في عروقي.. سأقاوم

مشكوووور جدا ليث

متابعة واهتمام لما تكتب لخطيب بدلة

على الرحب يا سيدتي

» وْلي ي ي.. محافظ كبير!!
» الرئيس الأسد يصدر المرسوم رقم (136) القاضي بإعفاء محافظ حمص من مهمته
» محافظ درعا في لقاء رؤساء الوحدات الإدارية.... الاهتمـــــام بخـــــدمات المواطنـــــين