بعد إصابتهم وتماثلهم للشفاء.... مرضى انفلونزا الخنازير يؤكدون عدم خطورة المرض
تحقيقات
طبيب مختص : المرض ليس إلا تطور للانفلونزا الموسمية التي تجدد نفسها باستمرار..ولا داع للذعر
"دعوها تجلس في المقعد الأخير وحيدة فقد كانت مصابة بانفلونزا الخنازير"، " رأيتهم يخرجون طفلاً مقطعا ً من المدرسة المجاورة بعد إصابته بالانفلونزا"،"مدارس كثيرة أصيبت بالمرض وتم إغلاقها ".
عبارات قد تلخص واقع انقلونزا الخنازير في الشارع السوري وحالة الرعب التي أثارها هذا المرض، حتى بات هاجساً لدى الكثير من الأهالي الذين امتنعوا عن إرسال أولادهم للمدراس خشية إن يعودوا منازلهم حاملين هذا الفيروس أو حتى الابتعاد عن المصابين بالرشح العادي جراء التهويل الذي طال خطورة المرض.
أهالي الطلاب الذين أصيبوا بالمرض أكدوا أن المرض انفلونزا عادية لكنها "أقوى بقليل من المعتاد"، وبالعودة إلى المختصين تبين أنه تطور طبيعي للانفلونزا الموسمية التي تجدد نفسها في كل عام.
عائلة مصابة تروي قصة اصابتها بالمرض حتى الشفاء.
لم تكن الأعراض التي عانتها الطالبة (أ) في الصف السادس بمدرسة عين الغزال بدمر تختلف كثيراً الانفلونزا العادية الأمر الذي لم يدفع أهلها إلى أخذها للمرصد الوطني للكشف عنها،ولكن بعد مرور خمسة أيام لم تستجب خلالها لخافضات الحرارة قامت والدتها باصطحابها للمرصد حيث تم أخذ مسحة لها ،وأرسلت لمركز الاختبار بالغساني وبعد يومين تم الاتصال بهم ليثبت أنها مصابة بمرض انفلونزا الخنازير.
تروي الوالدة"ر" ما حدث فتقول" بعد أن علمنا أنها مصابة راجعنا المرصد حيث تم تزويدنا بدواء يسمى fly flu ، وداومت ابنتي عليه لمدة أسبوعين ولكن فعليا مرضها استمر اسبوع واحد فقط ، وأمضت الأسبوع الآخر في البيت بناء على نصائح المرصد".
ما سمعته والدة (أ) عن المرض قبل إصابة ابنتها جعلها تشك بأنه نفس المرض وقالت" رسم الإعلام هالة كبيرة حول هذا المرض وبث الخوف في الناس وبرأيي هذا الخوف ناجم عن الجهل بالمرض، فقد قضينا أسبوعان بجانب ابنتنا وتجاوبت خلالهما للعلاج ، وهي الآن بصحة جيدة ومر أسبوع على عودتها للمدرسة".
وتابعت" فحصت ابنتي واثبت المرض وطلب من العائلة كاملةً ملازمة المنزل تحسباً من احتمال إصابتهم، دون فحص، وتفاوتت الأعراض بين عائلتنا المكونة من 5 أشخاص، حتى أن زوجي كان خلال فترة المرض يخرج لعمله كالمعتاد"
ما أكده رب الأسرة "إ"، فقال إنه " لم أشعر بأن المرض خطير فالأعراض كانا كالرشح العادي، وتابعت عملي كما جرت العادة، دون أن أفصح للآخرين عن إصابتي، و بالمقابل تجنبت الاحتكاك بهم عن قرب، حتى شفيت تماماً بعد اسبوعين
طالبة أخرى مصابة وتتماثل للشفاء..والعائلة تؤكد أن تهويل المرض ليس له اساس
لم يمض أيام على إصابة الطفلة(أ) لتتغيب زميلتها (ج) التي تجلس في المقعد المجاور عن مدرستها، فيكتشف أهلها فيما بعد أنها مصابة بانفلونزا الخنازير.
وقالت والدة (ج) " عانت ابنتي من ارتفاع حرارة يوم الجمعة فأعطيتها خافض حرارة ويوم الاثنين اصطحبتها للمرصد الوطني وبعد أن قاموا بأخذ مسحة وتحليلها تبين أن ابنتي مصابة بالمرض، وقامت بنقل العدوى لأخيها في نفس المدرسة وأخيها الأصغر".
وأثنت والدة(ج) على العناية التي تلقوها في المرصد عبر تزويدهم بالدواء واستمرارهم بمتابعة حالتهم والاطمئنان على الأولاد.
وأبدت والدة"ج" استيائها عن ما سمعته من أقاويل مثل" ابنتك هي من أدخل المرض إلى المدرسة " فقالت" لم يكن لابنتي ذنب بذلك فعندما شعرت بأنها متعبة قمت بتغييبها عن المدرسة وهي الآن تتماثل للشفاء ووضعها مستقر،إذ أنها تأخذ الدواء باستمرار وستعود بعد مرور أسبوعين للتأكد من شفائها الكامل".
وأكملت " المرض ليس كما يشاع عنه، والرعب ناتج عن جهل الناس بطبيعة المرض، فكونه مرض جديد وسبق بتهويل كبير، أدى إلى حالات الذعر التي نلاحظها اليوم"
معلمات يثرن الرعب بين الطلاب
ما بينته والدة(أ) و"ج"عن جهل الآخرين بالمرض تجسد في اليوم الأول لعودة ابنتها للمدرسة، فقد طلبت منها مدرستها أن تجلس في المقعد الأخير وحيدة كي لا تنقل العدوى لزملائها !.
ولم يقتصر التخويف عند ذلك الحد ففي مدرسة أحمد أومري بركن الدين التقت سيريانيوز بمجموعة أولاد دار بينهم جدال طويل حول المرض .
فقال الطفل ابراهيم لقد أخبرتنا معلمتنا (ح ) أن هناك الكثير من المدارس قد أغلقت بعد أن أصيبت بالمرض "، فقاطعه صديقة ماهر بالقول "نعم، لقد مات حينها جميع الطلاب".
طبيب: المرض لا يشكل خطورة على الإنسان السليم واللقاح ليس ساماً
وللكشف عن خفايا المرض وحقيقة الجدل الذي دار حول خطورة اللقاح المنتظر أجرت سيريانيوز اتصال هاتفي مع اخصائي الاطفال الدكتور ثائر معلوف في الولايات المتحدة الأمريكية الذي قال " فيروس انفلونزا الخنازير ليس من صنع البشر كما يشاع، بل هو تطور طبيعي عن الانفلونزا الموسمية، التي تطور نفسها كل سنة أو سنتين، بحيث يظهر فيروس جديد متطور عما سبقه، فلا تنفع في علاجه اللقاحات السابقة ما يتطلب تطوير لقاح جديد".
وتابع معلوف " تسمية الفيروس بانفلونزا الخنازير تسمية غير دقيقة، فهي تصيب البشر وتنتقل بينهم، وهي من سلالة الانفلونزا الموسمية من حيث أنها تحمل نفس الأنسجة (H-N) ". مضيفاً " يمكن للجسم المصاب أن يكتسب المناعة من المرض عند الشفاء منه، لكن هذه المناعة ضد هذا النوع فقط من الإنفلونزا ففي حال تطورت عن هذا الشكل مرة أخرى تحتاج للقاح أخر واكتساب مناعة ضد النوع الجديد".
وأوضح معلوف أن هذا المرض لا يشكل خطورة على حياة الإنسان السليم والطبيعي فتبقى الخطورة محصورة " بمصابي أمراض الرئة و القلب وذوي المناعة المنخفضة ، فضلاً عن الحوامل والأطفال دون الـ 4 سنوات".
وشرح طبيب الاطفال كيفية انتقال المرض والعدوى، فقال إن " المرض غير معدي إلا في اليومين الأول والثاني قبل ظهور الأعراض حتى 5 أو 7 أيام من ظهورها، فيكفي على المصاب أن يعتكف المنزل في حال شعوره بالإصابة مدة 10 أيام ومن ثم مزاولة حياته بشكل طبيعي".
ونوه معلوف بأن اللقاح المتوافر حالياً آمن 100%، وقال " ما يتم تناقله عن اللقاح بأنه سام غير منطقي وليس له أساس من الصحة، لأنه منتج من نفس لقاح الانفلونزا الموسمية وبنفس الآلية، لكن السؤال الذي يطرح حالياً هو أنه ، هل سيكون هذا اللقاح فعّال لاكتساب المناعة من المرض كونه طور سريعاً ؟ أما من ناحيتي فأنا أعطي أطفالي ذات اللقاح".
وفيما يتعلق بآلية التعامل مع المرض في أمريكا لفت معلوف إلى أنه تم اعتبار هذا المرض انفلونزا عادية ، ويتم التعامل معه على أنه انفلونزا موسمية ، فلم تعد هناك إجراءات أو فحوصات للتأكد من ذلك ، مشيراً إلى أن ارتداء الكمامات وغسل اليدين بالماء والصابون غير كفيل بالحد من نقل العدوى أو قتل الفيروس .
وبلغ عدد الوفيات جراء مرض أنفلونزا الخنازير في سورية حالتين, وذلك من أصل 67 حالة شفي منها حتى الآن 58 ولازال مصير الشاب طارق جواد مجهولا.
وأعلنت سورية اكتشاف أول إصابة بأنفلونزا الخنازير لمواطنة أسترالية من أصل سوري مطلع تموز الماضي, تبعها الإعلان عن إصابات أخرى أغلبها كانت لقادمين من الخارج أو مخالطين لقادمين من الخارج أيضاً.
وظهر فيروس H1N1 المسبب لمرض أنفلونزا الخنازير أول مرة نهاية شهر آذار الماضي في المكسيك ومن ثم في الولايات المتحدة، قبل ان يتفشى على نطاق واسع إلى دول العالم, كما حذرت تقارير لمنظمة الصحة العالمية إلى أن ثلث سكان الأرض معرضون للإصابة بأنفلونزا الخنازير مع حلول موسم الأنفلونزا الطبيعية المتزامن مع بداية موسم الدراسة, إذ أعلنت المنظمة مؤخرا أن الفيروس بات وباء منتشراً عالمياً.
يذكر أن منظمة الصحة العالمية أعلنت مطلع أيلول الماضي أن عدد الوفيات جراء مرض أنفلونزا الخنازير بلغ 2837 شخص, وذلك منذ ظهوره في آذار الماضي.
حازم عوض، نورعكة- سيريانيوز