سنعرض تباعاً قراءة في كتاب حسن الامين(الاسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي) عرض مجتبى العلوي وذللك لأهمية هذا الكتاب وموضوعيته:
يعيد السيد حسن الأمين قراءة التاريخ العربي - الإسلامي وكتابته وهذه مهمة نهض بأدائها، منذ أن رأى أن هذا التاريخ كتب في معظم صفحاته، من وجهة نظر السلطان، وفي بعضها من وجهة نظر موضوعية، تتحرى الحقيقة ما أمكن، فشاعت الإشاعة الأولى وسادت، وتم نقلها من جيل إلى آخر بوصفها مسلمات لا تحتاج إلى إعادة نظر ونقاش، وإن حاول بعضهم ذلك يتهم كأنه يعيد النظر فيما غدا من المقدسات، في حين بقيت الصفحات الأخرى مطوية لم ينظر فيها.
ولهذا نجد الكثير من النقاد من مسلمين ومستشرقين يأخذون بهذه الرواية ويطرحون الأخرى، ويوثقون هذا الراوي ويطعنون الآخر، ليس اعتماداً على الأسس العلمية في القبول والرد، بل تحت تأثير الاتجاهات المسبقة من التاريخ وأحداثه، فكم قبلوا روايات الوضاعين والمتروكين، وأعرضوا عما هو أحسن منها وأولى بالقبول.
ويذهبون إلى أكثر من ذلك، فتحت تأثير عواطف الحب يجعلون كل ما ليس بحسن حسناً، ويجتهدون في تأويل الحوادث بوجه ليس فيه غضاضة، حتى ما أدى منها إلى سقوط فاعله وخيبته.
وعاطفة الكراهية تدعو إلى ضد ذلك فتجعل الحسن قبيحاً، وتستنبط من الخير شراً.. ولم يخلو من هذا الشر العظيم الذي يطمس معالم التاريخ ويضيع الفائدة من تجارب الأمم، إلا نفر قليل جداً.
يحاول السيد حسن الأمين، وهو يعي هذه الحقيقة، أن يؤدي مهمته الشاقة، فيعيد قراءة الصفحات جميعها ما غدا مسلمات وما طوي، وينظر فيما يتحصل لديه بفكر المؤرخ المحقق، ورصانة العالم المعني ببيان الصواب، وجرأة الباحث عن الحقيقة، يكتشفها ويكشفها للقارئ بلغة سهلة الأداء عميقة المؤدى في آن.
السيد حسن الأمين، في هذا الكتاب - مواصلاً نهجه الذي ذكرناه - يكتب في ثلاث قضايا تاريخية كبرى هي: الاسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي.
قيل بشأن كل منها الكثير، وسادت لدى الرأي العام رؤية معينة إليها تمثل وجهة نظر فئة من المؤرخين.
وقد أعاد المؤلف البحث في هذه القضايا الإشكالية وتبينت له حقائقها، فكتب ما تبين له، غير زاعم أنه وحده المصيب، فالمجال مفتوح للنقاش العلمي الموضوعي، وهذا هو السبيل الوحيد لإعادة قراءة التاريخ العربي الإسلامي وكتابته...