سقراط مشرف عام
عدد الرسائل : 4740 تاريخ التسجيل : 06/03/2008
| موضوع: حوار الحضارات بين غارودي وهانتنغتون السبت ديسمبر 05, 2009 7:12 am | |
|
بسم الله الرحمن الرحيم يا علي مدد
مقاربتان هامتان لمفكرين غربيين تعكسان فلسفتين ورؤيتين مختلفتين لطبيعة العلاقة بين الحضارات، ولعل ماطفا على سطح السجالات الفكرية هو ماطرحه المنظر الأمريكي صموئيل هانتنغتون في كتابه المشهور صراع الحضارات، الذي يخلص فيه إلى أن الصراع في العالم ليس صراعاً اقتصادياً، وإنما هو صراع ثقافات كل واحدة منها تحاول عولمة ثقافتها وقيمها وأنماط سلوكها، ويقسم العالم إلى ثماني ثقافات ليصل إلى استنتاج مؤداه ان الحضارة الغربية هي الأقوى والأصلح وستستطيع هضم الحضارات الأخرى عدا حضارتين ستصطدمان معها حكماً ،لأنهما ترفضا التغريب وهما العربية الإسلامية والكونفوشيوسية. ولا شك ان المدرسة الفكرية السياسية التي ينتمي إليها هانتنغتون وهي المحافظون الجدد عبر آليات تفكيرها ونظرتها للعالم قد فشلت فشلاً ذريعاً في تسويق مفاهيمها وسياساتها، ومبعث الخطورة في طروحات هانتنغتون أنها شكلت مدخلات للسياسة الأمريكية ووضعت إطاراً نظرياً وفلسفياً لها، وهنا تكمن الخطورة في العلاقة مابين السياسي والثقافي، ومن المفيد التذكير بالأفكار التي طرحها بعض المنظرين الألمان وكانت الوقود الذي حرك النازية في ألمانيا وأشعل فتيل الحرب العالمية الثانية. وبالعودة للعنوان يشار إلى أن طبيعة العلاقة بين الحضارات هي ليست مسألة جديدة في حقل المساجلات الفكرية، بل هي قديمة قدم الحضارات الإنسانية ذاتها، ومايهم في هذا المجال العودة إلى خمسينيات وستينيات القرن الماضي ففي كتاب لأناتول فرانس بعنوان الحياة بالزهور كتب يقول: عندما هزم شارل مارتل الفرسان العرب في بواتييه سنة 732بدأ تراجع الحضارة العربية أمام الهمجية الأوروبية وفي السياق نفسه وببساطة شديدة يقول المفكر والفيلسوف الفرنسي المعروف روجيه غارودي في كتاب صدر له بعنوان من أجل حوار بين الحضارات : إن كل مصائب الدنيا مصدرها أن العالم الغربي يظن انه صاحب الحضارة العالمي ومصدر التقدم في هذه الدنيا لمجرد انه اليوم هو الأقوى وهو المصدر ،ويطلق غارودي صيحة مدوية في الأوساط الفكرية مؤداها ان الغرب هو مجرد صدفة فالغرب بمفهومه ليس تعريفاً جغرافياً ولكنه معطى ثقافي ومادي يشكل حالة متقدمة في عالم اليوم. ولعل النقطة المحورية في فرضية غارودي هي أن الحضارة الغربية لم تولد من العدم ولكنها كأي شيء له أصل وجذور، وهذه الجذور هي الحضارات التي سبقته، ويعيد إلى الاذهان ماقاله بول فاليري حول مكونات الحضارة الغربية والعقل الأوروبي عموماً ,حيث يجمله في مكونات ثلاثة: أخلاقيا المسيحية وتحديداً الكاثوليكية, وسياسياً وقانونياً روما وقوانينها، وفكرياً وفنياً الحضارة الإغريقية، وللتأكيد على الجذر العالمي ودور حضارة الشرق في الحضارة الأوروبية يبرهن غارودي على ذلك من خلال المكونات التي اشار إليها بول فاليري بالقول إن المسيحية قد ولدت في الشرق وفي سورية تحديدا،ً وكذلك حضارة اليونان والرومان حيث ترعرعت ونمت في حوض المتوسط وشواطئ إفريقيا وكلها عناصر شرقية أي خارج الغرب بمعناه المعاصر . مايهمنا من تلك المقاربة الموضوعية والهامة والمستندة إلى تحليل علمي هو أن يدرك بعض كتاب ومنظري الغرب هذه الحقائق، وفي مقدمتها وضع الحضارة الغربية في حجمها الطبيعي بين حضارات العالم ونسبيتها، والأمر الآخر أن يقوم حوار حقيقي بين الحضارات تتبادل فيه مفاهيمها وقيمها وانجازاتها على قدم المساواة، حتى يمكن للعالم أن يعيش بأمن وسلام، لأن العالم ومنذ فترة ليست بالقصيرة بدأ يمر بمرحلة يمكن تسميتها سيطرة الإنسان على نفسه بعد ان مر بمرحلة سيطرة الطبيعة على الإنسان، ثم سيطرة الانسان على الطبيعة، ولعل أخطر مافي مرحلة سيطرة الإنسان على نفسه إطلاقه للقوة التدميرية التي تهدد وجوده على سطح الأرض .
| |
|
فراس محمد الامير عضو بلاتيني
عدد الرسائل : 259 تاريخ التسجيل : 06/06/2007
| موضوع: رد: حوار الحضارات بين غارودي وهانتنغتون الأحد ديسمبر 06, 2009 5:05 am | |
| - اقتباس :
- ولعل أخطر
مافي مرحلة سيطرة الإنسان على نفسه إطلاقه للقوة التدميرية التي تهدد وجوده على سطح الأرض . هل للاخلاق دور في كبح هذا التخوف شكرا اخي سقراط | |
|
. فااارس من سلمية . عضو بلاتيني
عدد الرسائل : 186 تاريخ التسجيل : 03/08/2009
| موضوع: رد: حوار الحضارات بين غارودي وهانتنغتون السبت يناير 09, 2010 6:33 am | |
| - اقتباس :
- والأمر الآخر أن يقوم حوار حقيقي بين الحضارات تتبادل فيه مفاهيمها وقيمها
وانجازاتها على قدم المساواة، حتى يمكن للعالم أن يعيش بأمن وسلام متالق اخي سقراط وفقك الله | |
|
سقراط مشرف عام
عدد الرسائل : 4740 تاريخ التسجيل : 06/03/2008
| موضوع: رد: حوار الحضارات بين غارودي وهانتنغتون السبت يناير 09, 2010 7:06 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيميا علي مددأخي الروحي الغالي فراس محمد الامير نعم للأخلاق دور كبير ومُهم في ردع التصوّر والفكر الإنساني عن التفكير في الدمار والتدمير وتقويمهوهذا سبب هداية الله عزّوجلّ للإنسان واستمرارها ونزول الأديان وبعثُ الأنبياء والرُسل إلى الإنسان لهدايته إلى الطريق القويم المُستقيم بالأخلاق ومكارمها ولنا موضوع مثبّت في هذه الساحةفالأخلاق هي الرادع عن الأعمال السيّئةوهي المُحفّزلكلّ ما هو جميل وجيّد لننال رضى الله سبحانه ونحظى بخير الدارين | |
|