علي نور الدين مشرف عام
عدد الرسائل : 3567 تاريخ التسجيل : 06/02/2009
| موضوع: الاتكاء أو التناص عند بعض الشعراء... الأربعاء مارس 24, 2010 11:17 am | |
| الاتكاء أو التناص عند بعض الشعراء
يقول أحد الشعراء وأظنه المتنبي: «الشعر جادة وقد يقع الحافر على الحافر»
والحقُّ أن هذا المعنى هو ماسأوضحه في هذه المقالة من خلال استعراض بعض حالات الاتكاء أو التناص عند عددٍ من الشعراء.
فأحد شعراء الجاهلية قال:
إنا محيوكِ ياسلمى فحيينا وإن سقيتِ كرام الناس فاسقينا
هذا المعنى اتكأ عليه الجواهري بقوله:
حييتُ سفحكِ عن بعدٍ فحييني يادجلةَ الخيرِ ياأم البساتين
وفي معنى آخر قال المتنبي:
وقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لاحياة لمن تنادي
هذا المعنى لم يتكئ عليه الشاعر محمد حسن المنجد بل ضمنه قصيدته تقريباً حيث يقول:
وقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لاحياةَ لمن قلاني
وفي معنى آخر أيضاً يقول المتنبي:
ما لنا كلنا جوٍ يارسولُ أنا أهوى وقلبك المتبولُ
كلما عادَ من بعثت إليها غارَ مني وخانَ فيما يقولُ
اتكأ على هذا المعنى نزار قباني بقوله:
كم رسولٍ بعثته لأبيها ذبحته تحت النقابِ العيونُ
ويقول بدوي الجبل في قصيدته بعنوان «من وحي الهزيمة» التي كتبها عام 1967
بعض حريتي السماواتُ والأنجمُ والشمسُ والضُحى والبدورُ
حاكى هذا المعنى واتكأ عليه الشاعر نزار قباني في قصيدته «مرحباً ياعراق» التي ألقاها في مهرجان الشعر العربي في بغداد عام 1969 حين قال:
أنا حريتي فإن سرقوها تسقط الأرض كلها والسماءُ
أما الشاعر محمد منذر لطفي فقال:
عيناكِ عيناكِ ياحلوتي هما واحتاي وأنتِ النخيل
هذا المعنى استوحاه من قولٍ لبدر شاكر السياب هو:
عيناك غابتا نخيلٍ ساعة السحر
أو شرفتان راحَ ينأى عنهما القمر
أيضاً محمد منذر لطفي يقول في تكريم الدكتور وجيه البارودي عام 1975:
فكنت في موكبِ الأيامِ أغنيةً ياشاعراً أسكر الدنيا وماسكرا
وهذا القول استوحاه من قولٍ لبدوي الجبل في الذكرى الألفية الأولى لأبي العلاء المعري حيث يقول:
حلِيَ النديُّ كرامة للراحِ عجباً أتسكرنا وأنت الصاحِ
بقيت حالة اتكاء واحدة فيما أحفظ حيث يقول الشاعر نزار قباني في قصيدته «ياتونس الخضراء» التي ألقاها في تونس عام 1980:
في عصرِ زيتِ الكاز يطلب شاعرٌ ثوباً وترفل بالحرير قحابُ
هذا المعنى اتكأ عليه الشاعر محمد حسن المنجد بقوله في تكريم عدنان قيطاز عام 2003
أناعقةٌ تولولُ في خرابٍ تشير لها الأصابعُ بافتتانِ
وتغرقها الألوفُ بلا حسابٍ فتنعق بالسخيف من الأغاني
وشاعرُ أمةٍ يقضي فقيراً وتطويه الدقائقُ والثواني
هذا عددٌ من حالات الاتكاء فيما أحفظ ويبقى أن أقول إن الاتكاء ليس حالة ضعف عند الشاعر بل ينم عن ثقافة واسعة، وهذا المعنى أكده شاعرٌ لاأذكر اسمه حين كان المتنبي يلقي قصيدته التي مطلعها:
واحرَّ قلباه ممن قلبه شبم ومن بجسمي وحالي عنده سقم
حيث كان يقول للمتنبي كلما ألقى بيتاً من هذه القصيدة، وما أتيت بجديد، هذا المعنى قاله فلان من الشعراء وحين وصل المتنبي إلى قوله:
سيعلم الجمعُ ممن ضم مجلسنا بأنني خيرُ من تسعى به قدم
قال له وماذا أبقيت لسيف الدولة؟! والقصة تعرفونها.
نؤكد من جديد أن الاتكاء ليس حالة ضعف بل ينمُّ عن ثقافة واسعة في مجال الشعر، وهذا المعنى أكده زهير بن أبي سلمى بقوله:
ماترانا نقولُ إلا معاراً أو معاداً من قولنا مكرورا
| |
|