لايمكن لأحد يدرس أو يقرا أو يكتب عن الدعوة الإسماعيلية وعلماء ودعاة الإسماعيلية وفلاسفتها دون أن يتعرض لعالم فحل خدم الدعوة خدمات جلى فبلغت على يديه درجة عظيمة من الازدهار ذلك هو العالم الكبير المؤيد في الدين هبة الله الشيرازي داعي الدعاة الذي عرف في الأدب العرب بمناظراته مع الداعي والشاعر أبو العلاء المعري في (تحريم أكل اللحم)جاء المؤيد في الدين الى مصر مقر الخلافة الفاطمية وأقام بها زهاء 30 عاما عمل خلالها على نشر العقائد الإسماعيلية عن طريق إلقاء المحاضرات العلمية والمجالس التأويلية فاستمع له جمهرة من المصريين وأخذوا عنه علوم الدعوة وفلسفتها وعنه أخذ الدعاة اليمنيون فأدانوا له بلاستاذية في علوم الدعوة وفي القاهر وانشد المؤيد أكثر قصائده والقي مجالسه التي بلعت 800 مجلس تحدث فيها عن العقائد الإسماعيلية وعلوم دعوتهاسمه هبة الله بن أبي عمران موسى بن داود الشيرازي ولد في شيراز في القرن الرابع من الهجرة وقد أختلف المؤرخين في تحديد السنة التي ولد فيها وقد قال الدكتور كامل حسين أن ولادة المؤيد كانت على الأرجح سنة 390 هجري معتمدا في ذلك على بيتين من الشعر وردا في ديوان المؤيد يخاطب بهما الأمام الأسماعيلي المستنصر بالله لــي في هـــجرة اليــــــك تمن قد تــمنيته وانــــــي غـــــــلاموتداني من أربعين لي الـــسن ولم يقضي للتمني زمـــــــــــام
وبذلك دل على أنه بلغ الأربعين من عمره سنة 427 هجري
كانت ولادة المؤيد في أسرة اتخذت العقيدة الإسماعيلية مذهبا لها فأبوه كان حجة جزيرة فارس في عهد الإمام الحاكم بأمر الله الفاطمي فنشا ابنه هبة الله واعد ليحتل مكان والده في الدعوة الإسماعيلية في ذلك الإقليموما كاد يبلغ أشده حيى استوعب كل ما يخص الدعوة الإسماعيلية و أسرارها فكاتب أبوه الإمام الحاكم بأمر اللهمتوسلا ان يولي ابنه أمر الدعوة في فارس من بعده و بالنظر لنبوغ هبة الله المبكر ونشاطه الملموس في خدمة الدعوة أصبح حجة بلاد فارس بعد وفاة ولده فكثرت الجهود لرفع مستوى الدعوة في تلك البلادوعمد الى تنظيمها تنظيما علما بحتا فانقاد له أتباعه الانقياد كله وضحوا في سبيله بأرواحهم وازداد عددهم زيادة مخيفة مما جعل السلطان كاليجار البويهي يحاف سطوته ونفوذه فحاول ان ينفيه من شيراز مرارا ولكنه كان يخشى ثورة أتباع المؤيد من الإسماعيلية الا ان المؤيد استطاع بما أوتي من مقدرة فائقة ان يتصل بابي كاليجارفأقنعه بالاستماع إليه وان يعقد مجالس المناظرة بين المؤيد و علماء الشيعة و المعتزلة و أهل السنة فبرز المؤيدعلى خصومه و مناظريه مما اضطر السلطان ان يخضع لقوة بيان المؤيد ودافع حجته ويدخل في دعوتهولقد ساعد دخول السلطان في دعوة المؤيد في الدين فاجهر بمعتقداته الإسماعيلية في بلد يدين للعباسيين دون خشية مما حمل قاضي الأهواز على إرسال كتاب للخليفة في بغداد ينعي فيه الدولة العباسية و ضياع خلافتها على يد المؤيد في الدين و بنفس الوقت ثار أهل السنة على أبي كاليجار مما اجبر العباسيين على أيفاد الوزير العباسي ابن المسلمة للقبض على المؤيد لكن المؤيد علم بلامر فسار متخفيا متجنبا الطرق العامة سالكا البراري والقفار حتى وصل المؤيد الى مصر سنة437 هجريويتحدث المؤيد في سيرته عن حياته في مصر وعن علاقته ببعض الوزراء ولرجال بلاط المستنصر بالله ولقد وصف المؤيد أول مقابلة له للأمام الفاطمي المستنصر بالله فقال:(( وكنت في مسافة بين السقيفة الشريفة والمكان الذي ألمح فيه أنوار الطلع الشريفة النبوية فلم تقع عيني عليه الا وقد أخذتني الروعة وغلبتني العبرة وتمثل في نفسي إنني بين يدي رسول الله وأمير المومنيين ماثل وبوجهي الى وجهيهما مقابل واجتهدت عند وقوعي الى الأرض ساجدا لولي السجود ومستحقه أن يشفع لساني بشفاعة حسنة بنطقه فوجدته بعجمة المهابة معقولا وعن مزية الخطأ معزولا ولما رفعت رأسي من السجود وجمعت علي ثوبي للقعود رأيت بنانا يشير إلي بالقيام لبعض الحاضرين في ذلك المقام فقطب أمير المؤمنين خلد الله ملكه وجهه عليه زجرا على أنني ما رفعت به رأسا وما جعلت له قدرا ومكثت بحضرته ساعة لا ينبعث لساني بنطق ولا يهتدي لقول وكلما استرد الحاضرون مني كلاما ازددت أعجاما ولتعقبه ألقى اقتحاما وهو خلد الله ملكه يقول دعوه حتى يستأنس ثم قمت وأخذت يده الكريمة فترشفنها وتركتها على عيني وصدري ودعيت وخرجت))وبعد هذه المقابلة تقلد المؤيد ديوان الإنشاء وزيد في رزقه وعلا قدره في نظر الإمام المستنصر كان المؤيد بارعا بالكتابة بالعربية والفارسية فوسع نطاق الدعوة الفاطمية الى بغداد فلما علم أن طغر لبك السلجوقي حاول ان يهادن البيزنطينيين ويحالفهم من اجل الاستيلاء على أملاك الدولة الفاطمية في أعالي الجزيرة وبلاد الشام بعد ان دخل مدينة الري سنة 444 هجري راسل وزير طغر لبك الكندري يستميله الى الفاطميين الا ان طغر لبك دخل بغداد سنة 447 هجري فهرب المظفر ألب ارسلان البسا سيري ولكن سرعان ماتصل به المؤيد وابلغه ان الفاطميين مستعدون لشد أزره وإمداده بالسلاح والمال كما اخذ المؤيد يستمل العرب والأكراد ويغدق عليهم الأموالنجحت خطة المؤيد فانتصرت جيوش البسا سيري على جيوش طغر لبك وانتشرت الدعوة الإسماعيلية بالعراق وخطب للإمام المستنصر في بغداد ولكن البسا سيري مالبث أن تفرقت جموعه ونجح طغر لبك في طرده من بغداد في سنة 449 هجري ولقد قدر الأمام الأسماعيلي الجهود التي بذلها المؤيد في نشر الدعوة فعينه داعيا للدعاة سنة 451 هجري توفي المؤيد في الدين هبة الله الشيرازي رحمه الله في القاهرة سنة 470هجري ودفن في دار العلم بجوار القصر وقد صلى عليه المستنصر كان المؤيد في الدين هبة الله الشيرازي شاعرا" قويا صور في شعره العقائد الإسماعيلية فتحدث عن الأمامة والولاية والتوحيد وضرورة إطاعة الامام وهم الو الأمر أئمة الهدى عصمة من لاذ بــهم من الردى
مفروضة طاعتهم على الأمم قاطبة من عرب ومن عــــجم
اقرأ: أطيعو الله والرســولا في آيــــة واحدة منظومــــة
كما رد المؤيد في الدين هبة الله الشيرازي على الفرق المختلفة في تفسير رؤية الرخمن أو انكرتها فقسم الرؤية الى قسمين أحدهما محسوس والاخر معقول وهو رؤية العقل فالبصر لا يتعدى المبصرات الجسيمة والعقل لا يدرك الا المدركات العقلية والرؤية اما رؤية حس أو رؤية عقل ترك داعي الدعاة المؤيد في الدين هبة الله الشيرازي العديد من الكتب والمؤلفات منها :
- المجالس المؤيدية : ويضم 800 مجلسا من مجالس الدعوة الإسماعيلية التي كان يلقيها المؤيد
- ديوان المؤيد بالدين:وهو مجموعة من القصائد التي كان يلقيها المؤيد في مدح الائمة وتعرض لاحوالهم واشار الى جهوده في نشر الدعوة الإسماعيلية
- السيرة المؤيدية:وهو كتاب قيم يتحدث عن الحياة السياسية والإجتماعية في فارس والعراق ومصر من سنة 429 الى سنة 450 هجري
- كتاب شرح المعاد
- كتاب الايضاح والتبصير في فضل يوم الغدير
- كتاب الابتداء والانتهاء
- تأويل الارواح
- جامع الحقائق في تحريم اللحوم والالبان
- نهج العباد
- المسألة والجواب
- القصيدة الاسكندرانية
- ترجمة أساس التأويل الى الفارسية عن القاضي النعمان
- المجالس المستنصرية