بسم الله الرحمن الرحيم
يا عـــــــلي مــــــــــدد
من الطبيعي أن الأسرة هي النواة الأساسية في تكوين المجتمع، والتي تتأثر سلباً أو إيجاباً مع الوضع الاقتصادي،
ومن الطبيعي أن تكون أحوال الأسر فيه مرآة تعكس صورة المجتمع ككل..
وخير مثال على ذلك تأثير إفلاس شركات عالمية على
الكثير من الأسر وذلك بعد الاستغناء عن الآلاف من موظفيها، وقيام شركات أخرى
بتخفيض حجم الرواتب لموظيفها، وشركات غيرها قامت بالإغلاق الكامل.
إذا أحوال الأسر في كل مجتمع هي: جزء لايتجزأ منه تؤثر وتتأثر فيه ومنه، وهي قابلة للتغير حسب تغير ظروف هذا المجتمع..
وكما للشركات الكبيرة تأثير على اقتصاد البلد بشكل عام والأسرة بشكل خاص كذلك المرأة لها تأثير ملموس
وموجود بشكل مباشر على اقتصاديات كل بيت، وقد عرضت إحدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة فيلماوثائقياً
تبين من خلاله أن معظم الأسر في العالم الثالث لاتهتم بالتخطيط لميزانيتها، سواء
بشكل يومي أو شهري أو حتى سنوي، عكس الأسر الأوروبية التي تحرص على وضع ميزانية
لنفقاتها الأسبوعية والشهرية لاتتجاوزها مهما كانت الظروف.
دور المرأة في اقتصاد الأسرة
لطالما سمعنا في أغلب الأسر عن مصطلح وزارة الداخلية وهذا المصطلح يعود بالمطلق
إلى المرأة صاحبة الدور الأكبر والأبرز في استقرار الأسرة،وبالتالي فإن حجم ماقد يقع على عاتقها من مسؤوليات
تتعلق باستقرار وضعها الاجتماعي والاقتصادي قد يتجاوز أحياناً ماقد يقع على عاتق الرجل من هذه
المسؤوليات، ما يجعلها في أغلب الأحيان العنصر الأهم في الأسرة المستقرة، وصاحبة
الدور الأكبر فيه، باعتبارها المشرفة المباشرة في الغالب على المصروفات من ناحية،
والمتطلبات الأسرية من ناحية ثانية فهذا يجعل دورها حيوياً ومهماً جداً في سبيل
تحقيق التوازن ومنع حدوث أي خلل فيه قد ينجم عن ارتفاع حجم المصروفات بالمقارنة مع
الدخل المالي للأسرة- ونحن هنا نتحدث عن المرأة الإيجابية -فاستقرار الأسرة المالي
والاقتصادي يرتبط بطريقة أو بأخرى بدور المرأة في تحقيق ذلك التوازن وقدرتها على
تحقيق التناسب الصحيح بين حجم المصروفات والدخل الشهري للأسرة.
كيف ننجو بمصروف البيت حتى آخر الشهر؟...
كثير من البيوت مع اختلاف مستواها المادي أصبحت
تعاني من أزمة الأسعار وتدبر حاجيات البيت ومصروف الأولاد دون التطرق إلى الخوض بموضوع الكماليات...
كيف نحقق التوازن؟
صحيح أن التوازن- المنزلي- الاقتصادي هو حالة مثالية
وغاية منشودة لدى الجميع وهي معادلة صعبة التحقيق على أرض الواقع،إلا أننا يجب أن
نسعى في تحقيق ولو نتائج مرضية، وأن لانستصعب الأمور لدرجة اعتبارها أن لاحل لها
- تفاءلوا خيراً تجدوه- وأن نحاول الوصول دوماً إلى هذا التوازن
الكامل إن أمكن، أو أن نحاول الاقتراب منه بأكبر شكل ممكن وذلك لأنه كلما كنا أقرب
للتوازن كلما كانت الأوضاع أكثر استقراراً، وعلى كل شاب وفتاة مقبلين على حياة
زوجية جديدة أن يعيا أن الحياة الآن أصبحت مختلفة عما قبل ومصروف اليوم يختلف عن
الأيام السابقة حين كانا في بيت أهلهما، فالشاب قبل زواجه تختلف نفقاته عنه بعد
زواجه، وكذلك الفتاة وهي في بيت أهلها تختلف نفقاتها عنها وهي في بيت زوجها،
وأيضاً هناك معادلة خاطئة تقع فيها الكثير من الصبايا عند مقارنة زوجها بأبيها في
كيفية تعاملاته الاقتصادية وكيفية دراسته بمنهجية لكل واردات وحاجيات المنزل
متناسية أن والدها يفوق زوجها بثلاثين عاماً على أقل تقدير وقدرته المادية من الطبيعي
أن تكون أفضل حتى حنكته الاقتصادية ستكون نتيجة خبرة، كذلك الرجل يطلب من زوجته أن
تتدبر أمور المنزل كما كانت والدته تفعل متناسياً أن أمه عمرها خمسون سنة أو أكثر
وقد خبرت الحياة بطريقة أفضل من زوجته الشابة، وهنا نستطيع أن نؤكد أن كلاً من
الرجل والمرأة قادران على خلق صيغ اقتصادية تخص كل أسرة على حدة ونتذكر هنا القول المأثور «الأب جنى والأم بنى».
تأثر العلاقات الزوجية بالحالة الاقتصادية
منذ القديم والناس تقول: لو دخل الفقر من الباب هرب
الحب من الشباك وعلى الرغم من هذه المقولة إلا أنه قديماً كان هناك العديد من
الأسر التي نشأت في ظل ظروف اقتصادية أقل من عادية وقد أثبتت قوة تماسكها وتفاني
الأب والأم في العطاء وقدرتهما الكبيرة على مد الأسرة بالكثير من الأمور الحياتية
التي تتطلبها المعيشة والأولاد أما حالياً هل تستطيع الأسرة الصمود في وجه الهزات
الاقتصادية كما كانت الأسرة قديماً زمن أمهاتنا وجداتنا؟؟
لايختلف اثنان في أن مسألة استقرار العلاقة الزوجية
ترتبط بشكل أو بآخر باستقرار الحالة الاقتصادية فتوفير الحاجات الأساسية على الأقل
يعتبر أساساً في تشكيل هدوء نسبي في العلاقة بين شخصين لا على التعيين وقديماً
ماكان يعتبر من الكماليات أصبح الآن جزءاً ضرورياً في المنزل. كل هذا سينصب
وبالتأكيد على الزوج والزوجة اللذين هما عماد الأسرة خاصة وأن المرأة أصبحت في
أغلب الأسر امرأة عاملة تقع عليها مسألة المساعدة في اقتصاديات المنزل ولديهما
متطلبات يجب توفيرها، الطعام، اللباس،المدرسة، المرض فواتير... كل هذا يحتاج إلى
مبالغ باتت معروفة للجميع وبالكاد تقوم الأسرة بتوفيرها، فإذا ماوجد رب الأسرة
جيوبه فارغة أمام تلك الحاجيات الضرورية فإن ذلك سيترك أثراً سلبياً على الأسرة
ككل الأطفال والزوجة بشكل أساسي مايشكل نفوراً بين الزوجين يهدد هذه العلاقة أو
يمضي بأقل الخسائر ويترك آثاراً نفسية عند الطرفين كالبرود العاطفي مثلاً، هذا من
جانب طرفي المعادلة فما بالك بحالة الأولاد الذين قد يصادفون أقراناً لهم يتميزون
باللباس والرفاهية، فإن ذلك سيترك بالتأكيد آثاراً سلبية عليهم وتنعكس على مستوى
التحصيل الدراسي والاستقرار النفسي، حتى العلاقة مع الأب والأم والنظرة إليهما على
أنهما غير قادرين على تحقيق مقاربة مادية مع هؤلاء الأقران...
اقتصاديات بيتية على أرض الواقع:
لقد أكدت أغلب الاستطلاعات غياب الأب العامل عن
البيت أغلب الوقت وترك مكانه للأم التي تحمل جميع أعباء المنزل.. والنتيجة
بالتأكيد أب مرهق من عمل متواصل طوال اليوم وأم تتحمل فوق طاقتها لكي تحقق توازناً
في فرض شخصيتها على منزل يريد إكمال الشهر حتى نهايته دون أي إحراج وبين دور إضافي عليها أن تقوم به..
وقد أكدت السيدة فاتن محمد: إن أيامنا هذه أصبحت
مختلفة تماماً عن الأيام السابقة أيام أهلنا من الممكن أن المختلف بين الزمنين
«البركة» كان هناك بركة حتى بالقليل من المال أو ربما هي القناعة والتربية الصارمة
التي نشأنا عليها هي السبب ربما! أما حالياً فهناك خلل دائم بكيفية أن ألبي حاجيات
المنزل بما يناسب راتب زوجي فهناك فواتير الماء والكهرباء ومصروف اللباس والطعام
ومدارس الأطفال وهم الآن مازالوا صغاراً يرضون بأي شيئاً يشترى لهم أما بعد سنوات
سيصبح إقناعهم صعباً، وعدم تلبية رغباتهم أمر مستحيل.
أما أم علاء وهي أم لثلاثة أطفال تقول: لقد ربيت عند
أهلي على نظرية أن أكون مع زوجي حتى في أيام الضيم وأن أكون له مساندة في كل ظروفه
الفقر والغنى وها أنا حتى الآن أسانده في أيام الفقر وتدبر الحاجيات الأساسية لنا
كأسرة على أمل أن يأتي الفرج يوماً ومع أن زوجي موظف ويعمل مساءً على تكسي أجرة
إلا أننا نشهق ومانلحق فلدينا أطفال ومصروف مدارسهم وتكاليف أقل مرض «رشح» مثلاً
يكلفنا أكثر من ألفين ليرة مابين أجرة طبيب وصيدلية.. هذا دون الحديث عن الفواتير الشهرية...
السيدة سماح قاسم أضافت: أنا وزوجي موظفان ولدينا
ولدان أحدهما طالب شهادة ومصروف دراسته وحده يكفي وقد احتجنا هذا العام لدخل ثالث
يقينا الحاجة وسؤال الناس فما كان من زوجي إلا أن عمل في أحد المعامل مساءً لأننا
ماعدنا قادرين على تحمل المزيد من المصاريف دون الوقوع في فخ الانكسار والدين آخر
الشهر.. وربما تأثرنا في البداية من قضية غياب زوجي عن البيت طوال اليوم إلا أنني
أعمل على تغطية مكانه بالشكل الجيد فأنا الأب والأم والمربية والدادا والتي تطبخ
وتنظف البيت والموظفة كل هذا أنا...
أخــــــــــــــــوكم.......... دومــــــــــــاً