| الفلسفة والعلوم الإسلامية | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: الفلسفة والعلوم الإسلامية الإثنين أغسطس 02, 2010 6:20 pm | |
| علم اللغة
دعونا ننظر إلى أقسام أخرى من هذه المجموعة الأولى. القراءة والكتابة والنحو والشعر والعروض وجميعها يمكن أن ندعوها علم اللغة، ومن السهل هنا تسويغها كأنواع أخرى من الشروط المسبقة للتعلم. "في البداية وجد الفعل" ويبدو أيضاً أن هذا ما كان موجوداً في العديد من التصنيفات المسلمة للعلوم. فالفصل الأول من إحصاء العلوم للفارابي مكرس لـ"علم اللسان". وبالطريقة نفسها يبدأ ابن النديم في كتابه الضخم الفهرست، الذي يمكن اعتباره فهرساً للعلوم، بقسم يصف فيه لغات العرب والعجم، وميزات أساليبهم في الكتابة وأشكال الخطوط لديهم. ولذلك لا نجد الأمر مدهشاً عندما تحتل علوم اللغة مكاناً متقدماً في الرسائل. ومرةً ثانية نجد أن جميع هذه المجالات قد تم التفكير فيها من ناحية تطبيقاتها في الحياة اليومية فقط. أعتقد أنه لا توجد حاجة لتبرير وجود فروع من المعرفة مثل الحِرف والصنائع، وعلم البيع والشراء والتجارات والحرث والنسل وما شابهها والتي هي جميعها أمثلةً واضحةً عن مواضيع، أيمكن القول أنها مواضيع ’فنية‘ أم ’علمية‘؟ - والتي لا تتجاوز منافعها حدود هذا العالم. وأيضاً يجب قول الشيء نفسه بخصوص علم السير والأخبار، وحتى عن علم السحر والعزائم والكيمياء والحيل وما شاكلها، والتي جميعها بذلك تعد هنا حصرياً أنشطة دنيوية. وفي مجموعها، فإن مجموعة العلوم الأولية تتركنا بانطباع بأنها قد وضعت بشكل أساسي لتكون كمخزنٍ للمماراسات الدنيوية. ولكن برغم كل شيء يمكن اعتبار هذا سمة نموذجية للأدب.
| |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: الفلسفة والعلوم الإسلامية الإثنين أغسطس 02, 2010 6:20 pm | |
| العلوم الدينية والتقليدية
وبالانتقال إلى المجموعة الثانية من العلوم، يجب أن نلاحظ أولاً عنوانها وتعريفها. يدعو الإخوان هذه المجموعة بالعلوم الشرعية والوضعية، ثم يشرحون أنها العلوم ’التي وضعت لطب النفوس وطلب الآخرة‘. إن النقطة التي يجب التركيز عليها هنا هي بالتأكيد مسألة التقليدية. يتحدث الإخوان عن علوم قد ’وضعت‘، وهذا تماماً ما قد قاموا به مسبقاً بخصوص العلوم الرياضية. ويبدو بشكل واضح أن العلوم الدينية تختلف بشكل كبير عن تلك الأخيرة حيث أنها لا تتعلق بهذا العالم وحسب، بل وبالعالم الآخر أيضاً. ولكن مجموعتي العلوم هذه تتشارك في سمة واضحة وهي أنهما تقليديتان، وهذا يعني أنهما قد تم إختراعهما أو إنشاؤهما بشكل هادف. حدد الإخوان ستة مجموعات من العلوم الدينية وذكروا الناس المختصين بكل مجموعة من هذه العلوم. إننا لا نحتاج للمناقشة المطولة حول الوحي بشكله القرآني علم التنزيل ولا حول الروايات والأخبار ولا عن الفقه لأن جميع هذه الفروع متوقعة في هذا السياق. ما يستحق الملاحظة هو أن علم الكلام الذي غالباً ما يربط بالفقه في العديد من التصنيفات الإسلامية هو غير مذكور هنا. وبدلاً عن ذلك ذكر علم التأويل الذي اعتبر أنه من واجب الأئمة وخلفاء الأنبياء، وهذا دليل واضح على انتماء الإخوان للإسلام الشيعي. وبإخلاصهم لاصطفائيتهم لا يتردد الإخوان في ذكر التصوف والنماذج المتنوعة للممارسات التزهدية – سواء أكانت مسلمة أم لا- كعلوم دينية أيضاً. والعلم الأخير الذي ذكر في هذه المجموعة هو علم آخر من علوم التأويل، ألا وهو علم تأويل المنامات. وهذا فن، شرعه الإسلام من خلال بعض الأحاديث النبوية، وأيضاً من خلال سورة قرآنية مشهورة وهي سورة يوسف. ولذلك غالباً ما يذكر في التصنيفات الإسلامية للعلوم كما يذكره ابن خلدون في المقدمة، حيت رتبه بين العلوم الدينية.
| |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: الفلسفة والعلوم الإسلامية الإثنين أغسطس 02, 2010 6:21 pm | |
| العلوم الفلسفية الحقيقية
وهكذا نصل أخيراً إلى المجموعة الثالثة التي يدعوها إخوان الصفا مجموعة العلوم الفلسفية الحقيقية والتي كما كتبوا تتألف من أربعة أنواع وهي: الرياضيات والمنطقيات والطبيعيات والإلهيات. وللبحث الحالي فإن هذا أيضا هو أمتع جزء في التصنيف لأنه كما يبين المؤلفون في بعض الأماكن من تعدادهم، أن العلوم الفلسفية هي تلك التي ألفوا من أجلها رسائل مفردة. وفي هذا الخصوص، يبدو أيضاً أنه من المناسب اقتطاف بضعة سطور من مقطع يؤكد فيه الإخوان على المرحلة الانتقالية بين تطوير العلوم الفلسفية والعظة الأخيرة من الرسالة:
" وقد عملنا في كل فصل من هذه العلوم التي تقدم ذكرها رسالةً،(يشير السياق أن الإخوان يشيرون هنا إلى مجموعة العلوم الفلسفية) وذكرنا فيها طرفاً من تلك المعاني، وأتممناها بالجامعة، ليكون تنبيهاً للغافلين، وإرشاداً للمريدين، وترغيباً للطالبين، ومسلكاً للمتعلمين. فكن يا أخي سعيداً، واعرض هذه الرسالة على إخوانك وأصدقائك، ورغبهم في العلم، وزهدهم في الدنيا، ودلهم على طريق الآخرة!"
ومع هذه المجموعة الأخيرة من العلوم الفلسفية نصل إلى موضوع أكثر إلفة. يبدو أنه مألوف جداً إلى درجة أن الإخوان لا يسعون حتى إلى تعريف هذه المجموعة الأخيرة ولا يخبرون قراءهم عن الأسباب التي توجد هذه العلوم ببساطة من أجلها. وما يجب علينا التلميح إليه حتى الآن هو أن علوم تلك المجموعة لم يتم وضعها، بل إنها موجودة بذاتها. وفي هذا السياق، للتأكيد، نجد أن الإخوان يدّعون أنها حقيقية. إن قليلاً من الحكم الصائب كاف باعتقادي للاستدلال عما ينقص هنا: بالتحديد هنا فإن العلوم الفلسفية والعلوم الدينية على الرغم من الاختلاف في طبيعتهما، فكلاهما تسعيان إلى الهدف أو الغرض ذاته ألا هو سعادة الروح في العالم الآخر. ففي مقطع هام من الرسالة الثامنة والعشرين مخصص عن قصور العلم البشري، يقارن الإخوان تلك الطرق المختلفة للوصول إلى نفس الهدف إلى المواقع المتنوعة للحجاج حيث تتلاقى باتجاه بيت الله المقدس.
والآن دعونا نبحث تقسيم الإخوان للفلسفة. كما هو معروف، فقد ميز أرسطو الفيزياء والرياضيات والماورائيات كأجزاء ثلاثة مما دعاه بالفلسفة النظرية، والتي تهدف إلى دراسة الكائنات العاقلة. وقد قال أن الفيزياء تعالج تلك الأشياء التي لا يمكن أن توجد ولا يمكن تصورها بدون المادة والحركة. وعلى مستوى أعلى من التجريد، فإن الرياضيات تهتم بالكائنات التي يمكن عزلها عقلياً عن المادة والحركة، ولكنها على الرغم من ذلك تتطلب كلاهما لكي تصبح في حيز الوجود. إن المستوى الأعلى من التجريد يقع في الماورائيات، التي تتعامل مع تلك الكائنات العاقلة والتي لا يمكن تصورها مفصولة عن المادة والحركة وحسب، ولكن تلك التي يمكن أن تُوجد بدونهما أيضاً. وقد قام بوثيوس بنقل التقسيم الأرسطوطاليسي للفلسفة التأملية إلى العصور الوسطى الغربية وهو الذي تحدث في كتابه دو ترينتاته عن تلك الأجزاء الثلاثة للفلسفة الطبيعية والرياضيات (ماثماتيكا) والإلهيات (ثيولوجيا). وفي الإسلام ، تبنى الكندي وأسلافه هذا النظام الثلاثي في علم الفلسفة، وكانت نقطة النقاش الوحيدة هي المواقع والمتتاليات المنسوبة للفيزياء والرياضيات كل على حدة. وبالنسبة لوجهة النظر الوجودية، فإن المتتاليات التي ذكرت للتو، يجب تفصيلها بوضوح. ومع ما قد ذكر آنفاً فقد يمكننا أن نفهم لماذا يمكن النظر إلى العلوم الرياضية، والتي هي أساساً الرباعية الفيثاغورية، كنموذج للتعلم التمهيدي.
نستطيع القول، أن هذه هي حال نصنا، حيث تأتي الرياضيات قبل الفيزياء والماورائيات. ومع الإخوان فإن المتتالية الفكرية والعامة قد تم شرحها من خلال تضمين المنطق في النظام بأكمله. وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا أمر لا يمكن استغرابه. وعلى خطى المفسرين الإسكندرانيين في العصور المتأخرة، فإن العرب كانوا لوقت طويل معتادين على النظر إلى المجموعة الكاملة لعلوم المنطق عند أرسطو كوسيلة تمهيدية لدراسة كل علم فكري. وبالنتيجة، يمكن النظر إلى كل من المنطق والرياضيات على أنهما جانبان تمهيديان ضروريان من أجل الدراسة العامة للفلسفة.
| |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: الفلسفة والعلوم الإسلامية الإثنين أغسطس 02, 2010 6:23 pm | |
| تقسيم الإخوان للفلسفة
يمكننا الآن التركيز على طريقة تقسيم الإخوان لمجموعة العلوم الفلسفية. سيكون من الممتع هنا القيام باقتباس حرفي لمقطع من الرسالة السابعة التي يشرح فيها الإخوان ويعلقون على كل واحد من هذه التقسيمات الفرعية. ومن أجل الإيجاز، سأقتصر على تقديم ذلك الجزء من النص على شكل جدول. انظر الملحق، الجدول 2.
يحتاج هذا الجدول إلى بعض الشروح. بالطبع فإن تراث أرسطو هو ذو السلطة الأعلى. ليس ذلك في التركيب العام وحسب، ولكن في كل قسم من الأجزاء بأكملها كالمنطق أو الفيزياء هي أرسطوطالية في تسميتها. ولن تحافظ على انتباهنا هنا. ولن أعود أيضاً إلى الرباعية الرياضية للقسم الأول، لأنني أعتقد أنه قد تم ذكر ما يكفي عن ذلك من قبل. وبالتأكيد فإن القسم الأصلي أكثر من غيره هو بالتالي الأكثر متعة للبحث فيه وهو القسم الأخير الذي يظهر مباشرةً للقارئ بعناصره غير الأرسطوطاليسية. في البداية، نتعلم أنه لا يوجد شيء اسمه علم إلهي، وهو شي يمكن مقارنته بشكل شرعي مع ما ذكره أرسطو عن ‘علم الكائنات ككائنات’ أو مع ‘الفلسفة الأولية’ لسكولاستيكية القرون الوسطى. وبدلاً عن ذلك فإن ما نواجهه هنا ليس بأقل من خمسة فروع مختلفة تتضمن السياسة والإيمان بالآخرويات، والتي لا تبدو في الوهلة الأولى أنها تمتلك نقاطاً كثيرة مشتركة. ولكن على ما يبدو أن ما يمكن إدراكه أكثر هو نوع من الحركة الدائرية التي تملك أصلها في أكثر الكائنات صعوبة في الوصف- وما هو هام إلى درجة كبيرة هو أن الإخوان يتحدثون عن ‘العلم’ ولكن ليس عن ‘علم’ الخالق- وهذا يعود بنا إلى النقطة نفسها- بعد نزول خطوة بخطوة عبر الكائنات القدسية كالملائكة والأرواح والأنفس التي تنتشر في الكون، ومن هنا يأتي ‘علم المعاد’. وكما يبدو فقد تم تكريس مكان مثير جداً للسياسة في استمرارية نظرية الفيض في الأفلاطونية الحديثة، وخصوصاً عندما تبدو التقسيمات الفرعية الأخرى لذلك العلم بشكل كبير في غير موضعها تماماً في هذا القسم من العلوم الإلهية. وبالفعل وفي جزء واحد تظهر التقسيمات الفرعية للسياسة : العامة والخاصة والذاتية، على توافق مع الأجزاء العملية للفلسفة عند أرسطو وهي السياسة والاقتصاد والأخلاق. ولماذا لم يختار إخوان الصفا ببساطة أن يتبنوا هذا النظام الأرسطوطاليسي للفلسفة العملية حتى الآن كمجموعة أخرى من العلوم قائمة بحد ذاتها؟ وفوق كل ذلك فإن ما هو محير أكثر هو أن نجد أن الفرعين الثانويين الآخرين من السياسة أي السياسة النبوية والملكية هي جزء من الفلسفة، بينما تبدو أنها تتلاءم أكثر وبسهولة مع مجموعة العلوم الدينية وكما وصفت أعلاه في المقطع نفسه؟
أعتقد أنه في هذه المرحلة يمكننا أن نقدم لائحة الرسائل الإحدى والخمسين أو الإثنتان والخمسين التي تشكل مجموعة رسائل الإخوان كما وردت إلينا. فالجزء الثالث في الملحق يعرض عناوين الأجزاء وعناوين الرسائل كما تم حفظها بالفعل في المخطوطات. وكما يبدو، فإن بعض هذه العناوين لها أسلوب أكثر زخرفة.
| |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: الفلسفة والعلوم الإسلامية الإثنين أغسطس 02, 2010 6:24 pm | |
| مقارنة بين التصنيفين
دعونا الآن نضع وجهاً لوجه النظامين اللذين يبدو أن النص يدعونا للمقارنة بينهما، وهما قائمة العناوين ومجموعة العلوم الفلسفية والحقيقية المذكورة في الرسالة السابعة. وكما قُسّمتْ مجموعة العلوم الفلسفية هذه، قُسّمتْ أيضاً كل الرسائل إلى أربعة أجزاء أساسية. وحتى الآن كل شي على ما يرام. ولكن هنا للتو تأتي المفارقات الأولى، حيث نستطيع أن نرى في الحال أنه لا يوجد تطابق دقيق بين الأقسام الرئيسية للنظامين. وعلى الرغم من عنوانه، فإن الجزء الأول يتضمن العلوم المنطقية، وهكذا يبدو أن ضمًّ لأول جزء من التصنيف في الرسالة السابعة. وكنتيجة لهذا الدمج، انتقلت مجموعة العلوم الفيزيائية إلى الجزء الثاني من قائمتنا. أما بالنسبة للمجموعة الأخيرة وهي العلوم الإلهية فيبدو أنها مقسّمة إلى قسمين مختلفين، حيث يتناول القسم الأول ‘علوم الروح والعقل’ والثاني ‘العلوم الإلهية والشرعية’. وللتأكيد فإن هذه تغييرات هامة. و لكننا نلاحظ مباشرة اختلافات أخرى، فعلى سبيل المثال نجد العدد الكبير من الرسائل التي لا تتوافق عناوينها مع أي من التقسيمات الفرعية المذكورة في الرسالة السابعة.
وفي مقدمة كتاب فلسفة إخوان الصفا لإيف ماركيه ، يحاول المؤلف أن يجد، في مقاطع متنوعة من الموسوعة، برهاناً على الاستنتاج القائل بأن ‘رسائلنا فيها آثار من الغموض، في كل من تنظيم الفصول وعدد الرسائل في كل جزء.’ ويقدم عدداً من المؤشرات التي لا يمكن دحضها من النص نفسه، ويستخلص الباحث الفرنسي الاستنتاجات التالية:
عندما كتبت الرسالة الأولى من مجموعة العلوم الفيزيائية التي تبحث في المادة والصورة الخ... فقط خمس رسائل من الجزء الأول وسبعة من الجزء الثاني كان قد تم تأليفها. تم تعديل بعض الرسائل من الجزأين الأول والثاني فيما بعد سواء أكان ذلك بالتوسع والإسهاب أو بتقسيم محتوياتها. ففي حالة سابقة، كان يوجد رسالة واحدة عن المنطق. كل واحد من الأجزاء الأربعة قد تم توسيعه أو إتمامه فيما بعد مع إضافة رسائل جديدة. ولا ضرورة للقول بأن المقارنة بين النظامين تؤكد كل واحدةٍ من هذه النقاط. إن التغييرات الواضحة في الجزء الرياضي والفيزيائي تميل لأن تكون أكثر بروزاً نسبياً كلما اقتربنا من نهاية المجموعة. وعلى الرغم من قول ذلك، إلا أنهم قد كرسوا رسالة معينة لكل واحد من هذه التقسيمات الثانوية يبقى صحيحاً إلى درجة كبيرة. تفتتح الموسوعة بالعلوم الأربعة للرباعية (الرياضيات في الأولى، الجبر في الثانية، والفلك في الثالثة والموسيقى في الرابعة ). والخصوصية الوحيدة هي أن الرسالة التي تتناول علوم الجغرافية قد تم إقحامها بين الفلك والموسيقى، ولكن يبقى هذا بالكاد مدهشاً لأنه من الممكن تصور الجغرافية كنوع من الملحقات الطبيعية للفلك. ولا تتوافق عناوين الرسائل الخمس عن منطق العلوم الخمسة المذكورة في الرسالة السابعة (وهي أنولوطيقيا وهي معرفة صناعة الشعر، ريطوريقا وهي معرفة صناعة الخطب، طوبيقا وهي معرفة صناعة الجدل، بولوطيقا وهي معرفة صناعة البرهان، سوفسطيقا وهي معرفة صناعة المغالطين في المناظرة والجدل)، بل تتوافق مع كتاب البرهان الشهير – وبكلمات أخرى، فإن الرسالة الرابعة عشر ‘في معنى أنولوطويقا الثانية’ تتوافق مع العلوم التمهيدية الأساسية، وهي: الرسالة العاشرة ‘في أيساغوجي’ والرسالة الحادية عشرة ‘في المقولات العشر التي هي قاطيغورياس’ والرسالة الثانية عشرة ‘في معنى بارامانياس’ والرسالة الثالثة عشرة ‘في معنى أنولوطويقا الأولى’. وكما قلنا فإن قسم العلوم الطبيعية قد حافظ على تتابعه بأفضل شكل ممكن. إن كل واحد من هذه الأجزاء السبعة في الفيزياء هو بالفعل موضوع رسالة معينة (من الرسالة الخامسة عشر إلى الرسالة الثانية والعشرين)، مع إقحام وحيد يمكن ذكره وهي الرسالة العشرين في ماهية الطبيعة.
ويبدو بشكل واضح أن أهم سمة في المقارنة التي قمنا بها تتعلق بالقسم الأخير، حيث لم يعد من الممكن تصور الاختلافات كشيء يمكن إهماله. وهكذا، وبصرف النظر عن الرسالة في كيفية أحوال الروحانيين والتي يمكن أن نجدها بالفعل في الرسالة التاسعة والأربعين، فإن العلم الآخر الذي يمكن إيجاده في حد ذاته في الموسوعة هو الأخير وهو ‘علم المعاد’، ولكننا نلاحظ مباشرةً أن هذه الرسالة التي هي الرسالة الثامنة والثلاثين، قد تم وضعها في القسم الثالث وليس في القسم الرابع. أما بالنسبة لعلم السياسة وتفرعاته الخاصة، سيكون بالتأكيد من الخطأ القول بتشابهها بسرعة مع ما ذكروه في رسالتهم الأولى عن أنواع السياسات.
وهكذا كيف يمكننا تفسير ما يبدو هنا كشذوذ ؟ حسناً، يمكنني القول، مع أنني قد أبدو مخيباً للآمال، أنه نموذجياً سيكون من الأفضل ترك هذه الأمور بدون حل للوقت الراهن. وبالتأكيد على المرء تقديم الأسباب وفقاً لترتيب زمني، وأن يفترض، على سبيل المثال، أنه يوجد فترات زمنية تفصل بين كتابة الرسالة السابعة – مع تنظيمها وتصنيفها المدروس بدقة للعلوم – وبين تأليف الرسائل بأكملها. إن أولئك الذين هم مثل ماركيه يفضلون ترتيباً زمنياً أطول يستطيعون بالتأكيد الادعاء بأنه من المحتمل أن يكون مؤلفو الرسالة السابعة هم ليسوا نفس ‘إخوان الصفا’ الذين قاموا بذلك المشروع العالمي. وفي الوضع الراهن لمستوى معلوماتنا، يمكن للمرء الظن بأن ترتيب الرسائل على النحو الذي نعرفه لا يجب أن يُعزى إلى المؤلفين أنفسهم ولكن إلى أنصار أو باحثين متأخرين. ومع ذلك فإن كل ذلك تخميني إلى حدٍ كبير، وهو خاضع لأن يبقى كذلك حتى تتوفر لدينا صورة أوضح عن السياق الاجتماعي والتاريخي والمعرفي الذي بدأ فيه إنتاج الرسائل وجمعها ونشرها. أما بالنسبة للعديد من الأسئلة التي يطول نقاشها بخصوص الإخوان ، فإن هذا النوع من التساؤل سيكسب الكثير من التحقيق القادم لرسائل إخوان الصفا والقائم على أساس علمي.
على أية حال، فإن التوافق التام بين تصنيف الرسالة السابعة وتتابع الرسائل الذي شكل المجموعة الفعلية يجب اعتباره توقع غير واقعي من اللحظة التي يبدأ المرء فيها بالإقرار بأن الرسائل هي الجزء الظاهر أكثر من سواه من هذا المشروع. يشير الإخوان أو يلمحون في العديد من المواضع إلى اجتماعاتهم السرية التي عرفت باسم مجالس العلم، مما يدل بوضوح إلى أن المستويات الأعلى من برنامجهم التعليمي لم تكن مكرسةً للكتابة. وكما استنتج ماركيه بحق في الكتاب الذي ذكرنا من قبل بأن ‘الرسائل هي كتاب المعلم ودليل الطالب في الوقت ذاته، ومع كل هذا فهو دليل يجب إكماله ببعض التعليم الشفهي.’ ومن هذه الناحية، يمكننا أن نضيف، أنه من المهم الإشارة إلى أن القسم الموجود في موسوعتنا والذي نجد فيه أن الاختلافات في تصنيف الرسالة السابعة ثقيلة بشكل خاص هي الأخيرة بالضبط وهي التي تحتوي على أعلى مستوى من الباطنية.
| |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: الفلسفة والعلوم الإسلامية الإثنين أغسطس 02, 2010 6:24 pm | |
| الخاتمة
في الوقت الحاضر، أود أن أختم هذا البحث بالتأكيد على نقطة واحدة فقط. إنها العادة أن يُشار إلى التقسيم الثنائي للعلوم في الإسلام: بالعلوم التقليدية والدينية والإسلامية الحقيقية من جهة، ومن جهة أخرى إلى العلوم العقلية والفلسفية والأجنبية وهي العلوم الإغريقية بشكل أساسي. من الممكن أن لا نجد إثباتاًً لهذا التقسيم أفضل مما قد نجده في مفاتيح العلوم للخوارزمي، ويجب ألا نخلط بينه وبين العالم العظيم الخوارزمي، وهو المؤلف الذي يرتب كل فروع المعرفة تحت عنوانين أساسيين، الأول هو ‘العلوم الدينية والعلوم العربية المتعلقة بها، والعنوان الثاني هو ‘العلوم غير العربية من الإغريق ومن الأمم الأخرى أيضاً’. وتقريباً في كل مناقشة للعلوم أعقبت ذلك، يمكن أن نجد التقسيم نفسه مكراراً. وبالفعل، فإن مقدمة ابن خلدون التي ذكرناها سابقاً تقدم لنا واحداً من أشهر الأمثلة عن التمييز بين العلوم النقلية والعلوم العقلية. والبرهان الموضوعي الآن يمكننا من تحديد تاريخ مفاتيح العلوم للخوارزمي والذي لا يمكن أن يكون قبل عام 977 الميلادي مما يعني أنه من الممكن جداً أن يكون قد كُتبَ بعد الرسائل. من المؤسف بالطبع أننا لا نملك المزيد من الأعمال التي يقال أن الكندي والفارابي قد ألفاها عن تصنيف العلوم. ومع ذلك يبدو لنا من مؤلفاتهما الباقية حول هذا الموضوع – ولنفكر أولاً بكتاب الكندي بعنوان الرسالة في عدد الكتب لأرسطو أو إحصاء العلوم للفارابي- أنهما لم يؤسسا تصنيفهما للعلوم بناءً على هذا التقسيم. وكما ذكرنا في بداية هذا البحث، أن استكشافنا لتصنيفات العلوم كما ذكرت في الموسوعات الإسلامية مازالت بعيدة عن الكمال. ومع ذلك ففي الوضع الحالي من بحثي أجد نفسي ميالاً لأن أشهد للإخوان بدور رائد في ذلك المجال.
| |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: الفلسفة والعلوم الإسلامية الإثنين أغسطس 02, 2010 6:25 pm | |
| الملحقات
الجدول الأول: التصنيف العام للعلوم حسب ما ورد في الرسالة السابعة
العلوم الرياضية هي علوم الآداب التي وضع أكثرها لطلب المعاش وصلاح أمر الحياة الدنيا، وهي تسعة أنواع:
علم الكتابة والقراءة، علم اللغة والنحو، علم الحساب والمعاملات، علم الشعر والعروض، علم الزجر والفال وما يشاكله، علم السحر والعزائم والكيمياء والحيل وما شاكلها، علم الحِرف والصنائع، علم البيع والشراء والتجارات والحرث والنسل، علم السير والأخبار العلوم الشرعية التي وضعت لطب النفوس وطلب الآخرة وهي ستة أنواع:
علم التنزيل، علم التأويل، علم الروايات والأخبار، علم الفقه والسنن والأحكام، علم التذكار والمواعظ والزهد والتصوف، علم تأويل المنامات. فعلماء التنزيل هم القراء والحفظة، وعلماء التأويل هم الأئمة وخلفاء الأنبياء، وعلماء الروايات هم أصحاب الحديث، وعلماء الأحكام والسنن هم الفقهاء، وعلماء التذكار والمواعظ هم العباد والزهاد والرهبان ومن شاكلهم، وعلماء تأويل المنامات هم المعبرون.
العلوم الفلسفية هي أربعة أنواع:
الرياضيات، المنطقيات، الطبيعيات، الإلهيات. الجدول الثاني: تقسيمات العلوم الفلسفية وفقاً لما ورد في الرسالة السابعة
1. الرياضيات
الأرثماطيقي الجومطريا (الهندسة والجبر) الأسطرنوميا (علم الفلك) الموسيقى 2. العلوم المنطقية
أنولوطيقيا وهي معرفة صناعة الشعر ريطوريقا وهي معرفة صناعة الخطب طوبيقا وهي معرفة صناعة الجدل بولوطيقا وهي معرفة صناعة البرهان سوفسطيقا وهي معرفة صناعة المغالطين في المناظرة والجدل 3. العلوم الطبيعية
علم المبادئ الجسمانية علم السماء والعالم علم الكون والفساد علم حوادث الجو علم المعادن علم النبات علم الحيوان 4. العلوم الإلهية
علم معرفة الباري علم الروحانيات علم النفسانيات علم السياسة (وهي خمسة أنواع: النبوية والملوكية والعامة والخاصة والذاتية) علم المعاد الجدول الثالث: قائمة بعناوين الرسائل
القسم الأول: الرسائل الرياضية، 14 رسالة
الرسالة الأولى: في العدد الرسالة الثانية: الموسومة بجومطريا في الهندسة وبيان ماهيتها الرسالة الثالثة: الموسومة بالأسطرونوميا في علم النجوم وتركيب الأفلاك الرسالة الرابعة: في الجغرافيا الرسالة الخامسة: في الموسيقى الرسالة السادسة: في النسبة العددية والهندسة وفي تهذيب النفس وإصلاح الأخلاق الرسالة السابعة: في الصنائع العلمية والغرض منها الرسالة الثامنة: في الصنائع العملية والغرض منها الرسالة التاسعة: في بيان الأخلاق وأسباب اختلافها وأنواع عللها ونكت من آداب الأنبياء وزبد من أخلاق الحكماء الرسالة العاشرة: في أيساغوجي الرسالة الحادية عشرة: في المقولات العشر التي هي قاطيغورياس الرسالة الثانية عشرة: في معنى بارامانياس الرسالة الثالثة عشرة: في معنى أنولوطويقا الأولى الرسالة الرابعة عشرة: في معنى أنولوطويقا الثانية القسم الثاني: الجسمانيات الطبيعيات، 17 رسالة
الرسالة الخامسة عشرة: في بيان الهيولى والصورة والحركة والزمان والمكان وما فيها من المعاني إذا أضيف بعضها إلى بعض الرسالة السادسة عشرة: الموسومة بالسماء والعالم في إصلاح النفس وتهذيب الأخلاق الرسالة السابعة عشرة: في بيان الكون والفساد الرسالة الثامنة عشرة: في الآثار العلوية الرسالة التاسعة عشرة: في بيان تكوين المعادن الرسالة العشرون: في ماهية الطبيعة الرسالة الحادية والعشرين: في أجناس النبات الرسالة الثانية والعشرين: في كيفية تكوين الحيوانات وأصنافها الرسالة الثالثة والعشرين: في تركيب الجسد الرسالة الرابعة والعشرين: في الحاس والمحسوس الرسالة الخامسة والعشرين: في مسقط النطفة الرسالة السادسة والعشرين: في قول الحكماء أن الإنسان عالم صغير الرسالة السابعة والعشرين: في كيفية نشوء الأنفس الجزئية في الأجساد البشرية الطبيعية الرسالة الثامنة والعشرين: في بيان طاقة الإنسان في المعارف وإلى أيَ حد هو ومبلغه من العلوم وإلى أي غاية ينتهي وإلى أي شرف يرتقي الرسالة التاسعة والعشرين: في حكمة الموت والحياة الرسالة الثلاثون: في خاصية الذات وفي حكمة الحياة والموت وماهيتها الرسالة الحادية والثلاثين: في علل اختلاف اللغات ورسوم الخطوط والعبارات القسم الثالث: النفسانيات العقليات (عشر رسائل)
الرسالة الثانية والثلاثين: في مبادئ الموجودات العقلية على رأي الفيثاغوريين الرسالة الثالثة والثلاثين: في المبادئ العقلية على رأي إخوان الصفاء الرسالة الرابعة والثلاثين: في معنى قول الحكماء إن العالم إنسان كبير الرسالة الخامسة والثلاثين: في العقل والمعقول الرسالة السادسة والثلاثين: في الأدوار والأكوار الرسالة السابعة والثلاثين: في ماهية العشق الرسالة الثامنة والثلاثين: في البعث والقيامة الرسالة التاسعة والثلاثين: في كمية أجناس الحركات الرسالة الأربعون: في العلل والمعلولات الرسالة الحادية والأربعين: في الحدود والرسوم القسم الرابع: العلوم الناموسية الإلهية والشرعيةإحدى عشرة رسالة
الرسالة الثانية والأربعين: في الآراء والديانات الرسالة الثالثة والأربعين: في ماهية الطريق إلى الله عز وجل الرسالة الرابعة والأربعين: في بيان معتقد إخوان الصفا ومذهب الربانيين الرسالة الخامسة والأربعين: في كيفية معاشرة إخوان الصفا وتعاون بعضهم مع بعض وصدق الشفقة في الدين والدنيا جميعاً الرسالة السادسة والأربعين: في ماهية الإيمان وخصائص المؤمنين المحققين الرسالة السابعة والأربعين: في ماهية الناموس الإلهي وشرائط النبوة وكمية خصالهم ومذاهب الربانيين والإلهيين الرسالة الثامنة والأربعين: في كيفية الدعوة إلى الله الرسالة التاسعة والأربعين: في كيفية أحوال الروحانيين الرسالة الخمسون: في كيفية أنواع السياسات وكميتها الرسالة الحادية والخمسين: في كيفية نضد العالم بأسره الرسالة الثانية والخمسين: في ماهية السحر والعزائم والعين | |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: الفلسفة والعلوم الإسلامية الإثنين أغسطس 02, 2010 6:30 pm | |
| وبالطبع كما أسلفنا الذكر المصدر معهد الدراسات الإسماعيلية تحياتي | |
|
| |
علي نور الدين مشرف عام
عدد الرسائل : 3567 تاريخ التسجيل : 06/02/2009
| موضوع: رد: الفلسفة والعلوم الإسلامية الأربعاء أغسطس 11, 2010 2:41 pm | |
| الله يعطيك العافية
مني لك تحية لشخصك الكريم
| |
|
| |
سقراط مشرف عام
عدد الرسائل : 4740 تاريخ التسجيل : 06/03/2008
| موضوع: رد: الفلسفة والعلوم الإسلامية الخميس أغسطس 12, 2010 4:14 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
يا علي مدد
أخي الروحي الغالي مهند
شكراً لك على المساهمات التي تجعلنا نقف احتراماً ومحبّة
| |
|
| |
| الفلسفة والعلوم الإسلامية | |
|