بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد
أهلا بكم أخي الشاهين معنا في سورة الإسراء
بسم الله ماشاء الله وتبارك الرحمن
والصلاة والسلام على محمد وعلى آل محمد
الطيبين الطاهرين المنتجبين
قول الحق تبارك وتعالى فى سورة الاسراء
{ قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها
وابتغ بين ذلك سبيلا }
ونرى هنا فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى :
في سبب نزولها :
وفي ذلك خمسة أقوال :
الأول :
روى البخاري وغيره عن ابن عباس رضى الله عنه أن الصلاة هنا القراءة في الصلاة قال : { كان
النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن ، فإذا سمع ذلك المشركون سبوا
القرآن ، ومن أنزل ومن جاء به ; فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : { ولا تجهر بصلاتك } فيسمع
المشركون { ولا تخافت بها } حتى لا يسمعك أصحابك الآية } .
الثاني :
أنها نزلت في الدعاء ; قاله البخاري ، وغيره عن عائشة ، وابن وهب أيضا ، رواه عن مالك عن
هشام بن عروة عن أبيه .
الثالث :
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس رضى الله عنه : قيل لمحمد : لا تحسن صلاتك في
العلانية مراءاة ، ولا تسيئها في المخافتة .
الرابع :
روي عن عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنه إنما نزلت هذه لأمر ; وذلك أن الله لما أنزل على
رسوله صلى الله عليه وسلم في عدد خزنة النار : { عليها تسعة عشر } قالوا في ذلك ما قالوا ،
وجعلوا إذا سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يتفرقون عنه ، فكان الرجل إذا أراد أن يسمع استرق
السمع دونهم فرقا منهم ، فإذا رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع ] ذهب خشية أذاهم ، وإن خفض
صوته يظن الذي يسمع أنهم لا يسمعون من قراءته شيئا وسمع هو شيئا منهم أصاخ له يسمع
منه ، فقيل له : لا تجهر بصلاتك فيتفرقوا عنك ، ولا تخافت بها فلا يسمعها من يسترق السمع ،
رجاء أن يرعوي إلى بعض ما يسمع فينتفع به الوسنان . قال محمد بن سيرين : كان أبو بكر رضى
الله عنه
يخافت وعمر يجهر ، فقيل لأبي بكر في ذلك ، فقال : أسمع من أناجي . وقيل لعمر فيه ، فقال :
أوقظ الوسنان ، وأطرد الشيطان ، وأذكر الرحمن . فقيل لأبي بكر : ارفع قليلا . وقيل لعمر رضى الله
عنه : اخفض قليلا ،
وذكر هذا عند قوله تعالى :
{ ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها } .
المسألة الثانية :
عبر الله هاهنا بالصلاة عن القراءة ، كما عبر بالقراءة عن الصلاة في قوله : { وقرآن الفجر إن قرآن
الفجر كان مشهودا } ; لأن كل واحد منها مرتبط بالآخر ; الصلاة تشتمل على قراءة وركوع وسجود ،
فهي من جملة أجزائها ، فيعبر بالجزء عن الجملة وبالجملة عن الجزء ، على عادة العرب في المجاز
وهو كثير .
المسألة الثالثة :
في تتبع الأسباب بالتنقيح :
أما روايات ابن عباس فأصحها الأول وأما رواية عائشة فيعضدها ما روي { أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان في مسير ، فرفعوا أصواتهم بالتكبير ، فقال صلى الله عليه وسلم : إنكم لا تدعون أصم ،
ولا غائبا ، وإنما تدعون سميعا قريبا ; إنه بينكم و بين رءوس رحالكم } .
وأما الثالث فإن صح فيكون خطابا للنبي صلى الله عليه وسلم و المراد أمته ، إذ لا يجوز عليه شيء
من ذلك .
وأما الرابع فمحتمل ، لكنه لم يصح .
وأما حديث أبي بكر وعمر فيشبه الحديث الوارد في الدعاء ، ولعل ذلك محمول على الزيادة في
الجهر ، حتى يضر ذلك بالقارئ ، ولا يمكنه التمادي عليه ، فأخذ بالوسط من الجهر المتعب والإسرار
المخافت .
وقد رأيت بعض العلماء قال فيها قولا سادسا ;
وهو لا تجهر بصلاتك بالنهار ولا تخافت بها بالليل ،
وابتغ بين ذلك سبيلا سنها الله لنبيه وأوعز بها إليكم .
وتفسير ها
( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها
وابتغ بين ذلك سبيلا )
قوله عز وجل ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن ) قال ابن عباس : سجد رسول الله صلى الله عليه
وسلم بمكة ذات ليلة فجعل يبكي ويقول في سجوده : يا ألله يا رحمن . فقال أبو جهل : إن محمدا
ينهانا عن آلهتنا وهو يدعو إلهين! فأنزل الله تعالى هذه الآية . ومعناه : أنهما اسمان لواحد .
( أيا ما تدعوا ) " ما " صلة معناه : أيا ما تدعوا من هذين الاسمين ومن جميع أسمائه
( فله الأسماء الحسنى )
( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله
النعيمي أنبأنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل أخبرنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا هشيم
حدثنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى : ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت
بها ) قال : نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مختف بمكة كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته
بالقرآن فإذا سمعه المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به فقال الله تعالى لنبيه صلى الله
عليه وسلم : ( ولا تجهر بصلاتك ) أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن ولا تخافت بها عن
أصحابك فلا تسمعهم : ( وابتغ بين ذلك سبيلا ) .
وبهذا الإسناد عن محمد بن إسماعيل قال : حدثنا مسدد عن هشيم عن أبي بشر بإسناده مثله
وزاد ( وابتغ بين ذلك سبيلا ) أسمعهم ولا تجهر حتى يأخذوا عنك القرآن .
وقال قوم : الآية في الدعاء وهو قول عائشة رضي الله عنها والنخعي ومجاهد ومكحول : أخبرنا عبد
الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن
إسماعيل حدثنا طلق بن غنام حدثنا زائدة عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها في
قوله : " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها " قالت : أنزل ذلك في الدعاء .
وقال عبد الله بن شداد : كان أعراب من بني تميم إذا سلم النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : "
اللهم ارزقنا مالا وولدا فيجهرون بذلك فأنزل الله هذه الآية : ( ولا تجهر بصلاتك ) أي : لا ترفع صوتك
بقراءتك أو بدعائك ولا تخافت بها .
والمخافتة : خفض الصوت والسكوت " وابتغ بين ذلك سبيلا " أي : بين الجهر والإخفاء .
أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي أخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الخزاعي أخبرنا
أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي حدثنا أبو عيسى الترمذي حدثنا محمود بن غيلان حدثنا
يحيى بن إسحاق حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الله بن أبي رباح الأنصاري عن أبي
قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر : " مررت بك وأنت تقرأ وأنت تخفض من صوتك
فقال : إني أسمعت من ناجيت فقال : ارفع قليلا وقال لعمر : مررت بك وأنت تقرأ وأنت ترفع صوتك
فقال إني أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان فقال : اخفض قليلا
هذا ولله الحمد والمنه وصلى الله على رسول الله وعلى آله وسلم