شبكة الاغا خان للتنمية وباع طويل في العمل التطوعي
(دمشق- دي برس )
يعرف العمل التطوعي أو المتطوع على وجه الخصوص بأنه الشخص الذي يكرس وقته وجهده وخبراته بإرادته واختياره بهدف دعم عمل ما أو جهد جماعي يهدف إلى تحقيق التنمية في المجتمع الذي يعيش فيه أو العالم بأسره. وعلى هذا الأساس يشكل العمل التطوعي قاعدة هامة للمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية لبرامج التنمية المختلفة في الدول النامية على وجه الخصوص. كما يشكل التطوع وسيلة أساسية في حالات معينة خاصة في حالة مواجهة الكوارث أو الحالات الطارئة، أو في حالة مواجهة التحديات التي تفرضها عملية التنمية والتغيير داخل المجتمعات النامية.
وفي سورية، بات العمل التطوعي يشكل جزءاً هاماً من النسيج الاجتماعي في البلد، كما أصبح العمل التطوعي يساهم في توفير بيئة صالحة وممكّنة للفرد تجعله يرى نفسه عضواً فعالاً في المجتمع كما يتيح للمجتمع بأسره أن يقدر قيمة وعمل الفرد وأن يرى كل مساهمة حتى لو كانت صغيرة، على أنها قطبة في النسيج التنموي المتكامل.
وتتعدد المنظمات الحكومية وغير الحكومية والمنظمات الدولية التي يقوم عملها على مبدأ الترويج للعمل التطوعي، وتختلف الشرائح التي تستهدفها والقطاعات التي تخدمها، فمن رعاية الطفولة إلى التنظيم المجتمعي فحماية البيئة، والعناية بذوي الاحتياجات الخاصة، ورفد العمل التربوي والتعليمي، والترويج لمفهوم الأعمال، وتقديم الدعم والتمويل للمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، فإلى ماهنالك من نشاطات أخرى تندرج تحت محاور رئيسة تهدف إلى تحقيق التنمية المجتمعية والتنمية الاقتصادية والتنمية الثقافية، وهي العناصر الأولية في أي عملية تنموية.
وسنسلط الضوء في هذه الزاوية على مبادرات واحدة من هذه المنظمات التي وضعت العمل الطوعي شعاراً وهدفاً لها في مسيرتها التنموية في سورية، وهي شبكة الآغا خان للتنمية، وهي مجموعة من البرامج والمنظمات الدولية التنموية اللاطائفية التي تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية وخلق فرص جديدة للفقراء ودعم وتحسين آفاق التطوير الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في سورية وأكثر من 36 دولة في العالم والإسهام في عملية التنمية في هذه الدول بشكل متكامل. وتنتشر برامج شبكة الآغا خان للتنمية في سورية على امتداد سبع محافظات هي (حلب، ودمشق، وحماه، واللاذقية، والسويداء، وطرطوس، وحمص)، وهي تستهدف سكان الأرياف والمدن على حدِّ سواء.
والواقع، حرصت شبكة الآغا خان للتنمية من خلال العديد من برامجها ومؤسساتها على اعتماد نهج الشراكة مع المجتمعات المحلية، وبغية تعزيز هذا النهج وتقويته اتجهت الشبكة في الكثير من البرامج والمبادرات إلى تشجيع وتطوير العمل الطوعي وتنميته، حيث هدفت برامجها ومؤسساتها من خلال ذلك إلى بناء مقدرات المجتمع المحلي وجعله صاحب العملية التنموية ومحركها الأساسي، إضافة إلى تنمية شعور أبناء هذا المجتمع بالمسؤولية والقدرة على دفع عجلة التنمية.
ففي المجال التعليمي تستند معظم المشروعات والمبادرات التي يقوم بها برنامج تنمية الطفولة المبكرة في مؤسسة الآغا خان، إلى فريق مدرب ومحترف من المتطوعين والمتطوعات، تم تدريبهم على مدى عدة سنوات ليكونوا العمود الفقري في قيادة وتنفيذ العديد من المبادرات، مثل الأندية الصيفية، وأيام الفرح. وقد كان هؤلاء المتطوعون المحرك الأساسي لعملية متكاملة استفاد منها الآلاف من الأطفال في مناطق عدة من سورية.
أما البرنامج الصحي في مؤسسة الآغا خان فقد اعتمد في جميع حملاته ومبادراته على المتطوعين ليكونوا رسل البرنامج في تغيير عادات المجتمع الصحية السلبية وتحسين واقعه الصحي، حيث شكل فريق مندوبات الأحياء الدعامة الرئيسة في حملة الإرضاع الطبيعي في القرى التي استهدفتها الحملة، كما استطاعت فرق المتطوعين إنجاح حملة مكافحة التدخين وإيصال رسائلها إلى جميع الشرائح المجتمعية المستهدفة، أما حملة سلامة قيادة الدراجات النارية فقد اعتمدت في مجمل أعمالها على فريق متميز من المتطوعين الذين استطاعوا إنجاح الحملة والوصول بها إلى مراحل متقدمة على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها مثل هذا النوع من الحملات.
وعلى صعيد التنمية الاقتصادية استطاعت مؤسسة التمويل الصغير الأولى- سورية أن تقدم نموذجاً فريداً للشراكة مع متطوعين من المجتمع المحلي، حيث لعبت لجان التنمية (ضمن برنامج القرى الصحية) في القرى والمناطق المستفيدة دور الميّسر والمسهِّل لعملية الاستفادة من خدمات الإقراض. واستطاعت أن تكون جسر الثقة والشراكة بين المجتمع المحلي وموظفي الوكالة، هذا الجسر الذي عمل على الترويج لمفاهيم التنمية الاقتصادية المستدامة وعلى تكوين مثال مهم عن الثقة التي ينالها المتطوعون من أبناء المجتمع من قبل المنظمات والمجتمع المحلي على حد سواء.
أما التجربة الجديدة والغنية فتجلت في برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية لمؤسسة الآغا خان للخدمات الثقافية في أحياء حلب القديمة حيث شارك العديد من متطوعي المجتمع المحلي في عمليات المسح الاجتماعي للمناطق المستهدفة، وكذلك في برامج التعليم ومحو الأمية التي تهدف إلى تحسين مستوى التعليم في أحياء حلب القديمة.
ولعل أبرز النتائج التي خرجت بها كافة المبادرات المذكورة، هو تحول الكثير من المتطوعين مع مرور الوقت إلى مدربين مؤهلين لتدريب متطوعين آخرين، مما يرسخ مقولة سمو الآغا خان، رئيس ومؤسس شبكة الآغا خان للتنمية، أن "التنمية تصبح مستدامة عندما يصبح المستفيدون هم سادة العملية التنموية"، ويؤكد على حرص شبكة الآغا خان للتنمية على إيلاء العمل الطوعي أهمية قصوى في العمل المجتمعي بمختلف ميادينه، وعلى بناء مقدرات المجتمع المحلي في إدارة وتوجيه العملية التنموية المستدامة.