التي يشع صوتها شبابا وحيوية, كانت بريعان الشباب وبعمر الورود لكن مأساتها تكمن في بحثها عن عملها الذي وجدته اخيرا وأضافت هيفاء إنها قد تعبت كثيرا في بحثها عن عمل يساعدها في دراستها الجامعية في قسم التاريخ في كلية الآداب كانت هي وصديقتها رامية تبحثان عن أي عمل يسد جزءا من مصاريف الجامعة.
[size=16]مكتب وليس بمكتب
[size=16]تحدثت هيفاء عن تجربتها وعن رحلة بحثها عن وظيفة لها بسبب ظروف اهلها المادية الصعبة فكانت تحاول كل أسبوع الحصول على جريدتي الوسيلة والدليل وتتابع الصحف الأخرى ربما تجد فيها عملا لها, وقد تسأل لدى بعض المكاتب في معظم الأيام إن كانوا بحاجة إلى موظفة أو سكرتيرة وهكذا إلى أن وجدت مكتبا بوسط مدينة دمشق هو مكتب للاستيراد والتصدير ويقوم بادارته شاب مهندس ميسور الحال.
[size=16]لكن كل ما كان بداخل المكتب لايدل على أنه مكتب للاستيراد ولا للتصدير.. المكتب فقط مكان لزيارة أصدقاء صاحبه والجلوس والمحادثة والمسايرة في عدة أمور فكان أصدقاؤه لا ينقطعون عنه لا ليلا ولا نهارا, لأن الدوام كان في المكتب منذ الصباح وحتى المساء وبشكل متواصل..
[size=16]أما بالنسبة إلى عملي فكان هو الرد على الهاتف لتحديد مواعيد أصدقائه وملاطفتهم على الهاتف وتقديم الشاي والقهوة لهم عند حضورهم..
[size=16]أما إن حصل ولم يكن أحد منهم في المكتب فيتوجب علي سماع مغازلة صاحب العمل بابتسامة عريضة وملاطفته طوال جلوسه كي لايشعر بالملل على الإطلاق..
[size=16]وكان كلما شعر بضيقي من هذا العمل يلمح لي بخصم جزء من راتبي أن لم أفعل ما يريده مني.
[size=16]جهد فكري وبأجر أقل
[size=16]أما ثناء الحسون فتقول أنا عملت بمكتب ترجمة كوني حاصلة على شهادة اللغة الانكليزية وعندما وجدت عملا مناسبا لدراستي الجامعية أي أن العمل هو ترجمة الى اللغة العربية أو من العربي إلى اللغة الإنكليزية.. وعند استلامي العمل في المكتب أخبرني صاحب المكتب أن عملنا مهم وهناك كثير من الأرباح كان العديد من الناس يحتاجون إلى ترجمة ورقة ما سواء من اللغة العربية أو الانكليزية, وبالحقيقة كان العمل في المكتب متواصل وكنا ستة شبان واربع فتيات ومع ذلك لم يكن احد منا يجلس دون عمل فالمكتب موجود في منتصف المدينه وهو معروف منذ فترة طويلة, وعندما بدأت بالعمل به وعدني صاحب المكتب براتب مغر لكن وحتى اليوم وبعد ثلاثة أشهر لم أحصل على نصف الراتب الذي وعدني به بحجة أن الناس قليلا ما يدفعون له .
[size=16]يهددها باستمرار
[size=16]أما ريم المحمد كانت تعمل بتحضير فساتين السهرة حيث تقوم بشك الخرز على الفساتين وتأخذ على كل فستان بحدود خمسمئة ليرة سورية وأقل.. وتستمر بشك الفستان بحدود أسبوعين وبعضها كان بحاجة لوقت أطول..
[size=16]ومع ذلك كان صاحب العمل يخبرها أن عملها قد أصبح فاشلا بعض الشيء, ولذلك هو سيخصم عليها في كل قطعة أقل مما يعطيها إياه.. وباستمرار كان يخبرها أن فتيات كثيرات يردن مثل هذا العمل, لكنه فضلها على الكثيرات من الفتيات اللواتي يأتين الية ويسألنه عن عمل لكونها اكثر نشاطا من غيرها من الفتيات.
[size=16]عمل الرصيف ليس احسن حالا
[size=16]أما أم محمد لم يكن حالها أحسن حالا من هؤلاء الفتيات اللواتي يحملن الشهادة الجامعية..
[size=16]فأما محمد التي تبيع الأعشاب وبعض الخضار على الرصيف أتية به من وسط قريتها تحمله منذ ساعات الصباح الباكر وتجلس به على الرصيف متحملة البرد والحر من اجل الحصول على بعض النقود إلا أن جلوسها على الأرض ولساعات طويلة لم يكن يقدم لها الرحمة من الشارين فكانوا باستمرار يطلبون منها أسعارا اقل من أسعار السوق بكثير بحجة أن خضارها ليست طازجة وهي بالية وقديمة لذلك تضطر أحيانا لتخفيض السعر أقل من بقية الباعة كي تبيع كل ما أتت به من قريتها ولتعود لأسرتها ببعض النقود لتحضير الطعام ولوازم منزلها. هذا ولم يكن عمل جارتها أم حسين أحسن حالا من عملها والتي كانت تأتي من قريتها حاملة الأجبان والألبان والحليب معها منذ ساعات الصباح الأولى كي تبيعه باكرا وتعود بعد ذلك إلى منزلها, راغبة ببيع كل ما تجلبه معها من قريتها كي لاتعود به ثانية إليها وتحضر لأولادها النقود لجلب حاجيات الأولاد واحتياجات المنزل.
[size=16]رأي الباحثة الاجتماعية
[size=16]الباحثة الاجتماعية سهام المنصور تقول إن المرأة كائن رقيق جدا فيجب مراعاتها باستمرار وعدم القيام باضطهادها لأي سبب كان ..
[size=16]إلا أنه وبسبب الوضع الاجتماعي والاقتصادي الذي غدا فية معظم الناس يسعون بكل جد وجهد لإيجاد قوت أولادهم.ولهذا السبب اضطرت المرأة للخروج إلى العمل خارج المنزل مثلها مثل الرجل لكن رغم تطورها وحصولها على أعلى الشهادات الجامعية يبقى الرجل ينظر إليها على أنها امرأة فيضطهدها ويمارس تسلطه عليها بأي طريقة كانت دون مراعاة لا لجهدها ولا لثقافتها مهما كانت.. أما في حال حصلت على عمل ما فإنه يسعى باستمرار لعدم جعلها مقاربة له لا من الناحية العملية ولا من الناحية المادية.. وتلك إحدى مظاهر البطالة الجزئية..
جريدة الثورة