| العقل والدين : مراجعة لجدل قديم | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: العقل والدين : مراجعة لجدل قديم السبت سبتمبر 18, 2010 8:16 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد موجز ماهي علاقة العقل بالحياة الدينية؟ مناصرات من كل تقاليد الفكر: من تيرتوليان وكيرجارد وابن رشد إلى باسكال وبرتراند رسل والسلطات الكنسية المسيحية واليهودية، حاولت معالجة التوترات المتصورة بين أنواع المعرفة الدينية والعقلية. بوضع هذه الاجابات، تفحص المؤلف كيف يمكننا تسوية التناقضات الظاهرة التي توجد بين الحياة الدينية والبحث العقلي بمواجهة التحدي في تقديم العقل كخصم للايمان. | |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: العقل والدين : مراجعة لجدل قديم السبت سبتمبر 18, 2010 8:16 pm | |
| مكانة العقل في الحياة الدينية
إن القضايا الخاصة بالجوانب الهامة للعقل الانساني أو الجوانب الروحية للانسان، بقيت نفسها عبر العصور بينما موضوعاتها ظلت متغيرة. فالمتديِّنون والذين ضد الدين طرحوا هذا السؤال على حد سواء من وقت لآخر. جزئيا بسبب تضمنه معنى بسيطاً مخادعاً، وجزئياً لأنه قضية غامضة رغم أنه بقي مستمراً، ومع ذلك لايشير إلى شئ ما ذي أهمية حيوية متأججة تتطلب من كل مؤمن في كل تقليد ديني أن يتآلف معها مدى حياته الروحية. إن الأجوبة المعطاة على هذه القضية عبر قرون من التفكير اللاهوتي في أديان العالم الرئيسية، تشكل قاعدة محددة لبدائل واضحة بدقة ومرتبة نوعا ما. هناك من هم معروفون بتصنيف أنفسهم بثقة قوية بجانب أهل القلب بمقابلة أهل العقل. ترتوليان، مع حبه الجسور لما هو سخيف وغير معقول، وبتصميمه على التمسك بمعتقدات أظهرت اتجاهاً كليا للانزواء بمواجهة العقل بسبب سخفها ومنافاتها للعقل، وبالتحديد عندما يصرّح: ( " أنا أؤمن لأن الأمر سخيف")، وباسكال مع تنازله للمعنى الآخر للعقل، عرض في مزاعمه أنه توجد " عقول للقلب " كما توجد "عقول للذهن "، مع اعطاء الأفضلية للزعم الأول، تعتبر هذه المزاعم من بين أبرز المزاعم التي تناصر هذا الحل في التقليد الفكري المسيحي. ومن الأقرب إلى عصرنا، لدينا مثال ملفت للنظر هو كيرغارد الذي يعتقد اليوم على نطاق واسع بأنه المبشر بالوجودية الحديثة، والذي لايفكر الا قليلا بأي نوع من العقائد عدا تلك التي تدعو المرء إلى الوثب بكامل كينونة الإنسان. وضمن الاسلام توجد أدلة قوية على وجود تيار ضد العقل ضمن دائرة أهل الورع والتقوى. أهل الحديث، الذين هم جماعة سلفية، حافظت منذ وقت مبكر على معارضة قوية لمحاولة الفلاسفة المسلمين الكبار استيعاب الايمان ضمن أحضان العقل. وكان للصوفية أيضاً موقفهم المشمئز مما رأوه كمطالب للعقل تقوم على المباهاة تجاه الحقيقة السامية، وصرامة الفلسفة الواضحة التي عارضوها بتجربة الاتحاد النابضة بالحيوية والنشوة الروحية مع الألوهية. وفي الواقع، من النادر أن يمر عقد في حياة أي تقليد ديني متطور دون أن يعلن واحد أو مفكر بارز آخر عداوته للعقل ويكون مصيبة عليه. | |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: العقل والدين : مراجعة لجدل قديم السبت سبتمبر 18, 2010 8:16 pm | |
| العقل كخصم للايمان
الموقف المقابل الذي يناصر العقل ضد الايمان، نجده أكثر ندرة ضمن التقليد الديني، بيد أنه ليس غير موجود قطعاً. ومن الأمثلة الأكثر بروزاً على ذلك، ما نجده في فكر الفيلسوف العربي الأندلسي ابن رشد. وعلى الرغم من أن ابن رشد يؤكد على حقيقة الوحي الديني، فقد كان بالنسبة له، شكلاً من الحقيقة المقنّعة، أو المقنّعة بحكمة، إذا جاز القول.
فالعقل وحده يمكنه الوصول إلى الحقيقة في صفائها المبهر. لكن، بما أن العامة عاجزة بطبعها عن التحليق عالياً نحو أعالي العقل المجرد رغم اهتمام الأنبياء بتعليمها وتطويرها بصورة أساسية، فقد لجأ النبي بطبعه إلى استراتيجية نقل الحقائق القصوى تحت شكل رموز وأساطير مثيرة للصورة الذهنية (باستخدام ناجح طبعت عليه النبوة بشكل جوهري). إن حقيقة أن ابن رشد رأى بعدم وجود أمكانيات للتعارض بين العقل والايمان، وأنه اعتنق بولاء أركان الدين الاسلامي، لا يلغي حقيقة جديرة بالملاحظة ومساوية لما سبق وهي أنه ينظر إلى اللغة الدينية كستار يحمي عقول العامة الضعيفة والهشة من تعقيدات الخطاب العقلي المدهشة. إن التأكيد على سيادة العقل الكلية مقابل الايمان مستحيل – بالطبع - لأي انسان يرغب بمواصلة انتمائه إلى تقليد ديني. إن الامكانية لمثل هذا التأكيد في المسيحية كان أكثر محدودية بشكل هام مما هو في الاسلام، وذلك لوجود بعض الحوادث المعجزة الهامة في تراثهم كميلاد العذراء وبعث المسيح في الجسد، والتي كان ينظر إليها كقضايا محورية للايمان بشكل مطلق. هنا، وكما في بعض مدارس الفكر الهامة الاسلامية (وكما في اليهودية)، فالحصيلة كانت - في العادة - لصالح نوع من المصالحة بين الآراء الفلسفية والاستجابة المبنية على العقيدة. مرة ثانية وثانية، نجد في كل التقاليد الدينية الرئيسية في العالم تجاذباً قوياً بين أعمدة العقل الفلسفي والايمان الديني. في بعض الأحيان نجد أن تألق الفلسفة قد برهن أنه لا يقاوم، ولا سيما بالنسبة لعقول اليوم المتقدمة. وفي أحيان أخرى، نجد أن الاحساس بالأمن أوالتأكيد الهادئ للجانب الالهي المتأدي من خلال الاستسلام إلى نداء الايمان، قد أثبت جاذبية طاغية. فتوازن القوى ينوس دورياً من محور إلى آخر. ومرة أخرى تجرى محاولات للتوجه نحو مايبدو أن يكون وسطاً مناسباً بين طرفين متباعدين. وفي كل الأحوال، فالقضية لم تنقطع عن إقلاق المناصرين للدين حتى يومنا الحاضر. وما هو صحيح بالنسبة لأنموذج العصر الوسيط أننا نسمع، من جهة أولى، أن أنصار العقل ينظرون باشمئزاز إلى حماقات الإيمان الأعمى من جهة بينما يواصل أنصار الايمان النظر باستعلاء واشمئزاز إلى أولئك الذين ضاعوا في منعطفات أزقة الفلسفة القاتلة، في الوقت الذي يسعى فيه الوسطاء المتأثرون بروح التحكيم إلى التسوية بين مزاعم أي واحد من الطرفين، وبهذه الطريقة يحافظون في وقت واحد على الفكر والعاطفة، الاعتدال والانتشاء، الاحترام العقلي والالتزام والتوهج العاطفي. | |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: العقل والدين : مراجعة لجدل قديم السبت سبتمبر 18, 2010 8:17 pm | |
| موضعة العقل
مع كل ما تقدم، عندما نتفحص عن كثب قضية العلاقة الكاملة بين العقل والايمان، نصبح واعين تماما بالتباس المصطلحات. ومن غير أمل في الواقع بخصوص هذا الالتباس، القدرة على التفكير بعلاج أساسي أفضل من رفض المصطلحات واستبدالها بأفكار عديدة تُـدمج معا تحت كل مصطلح كنتيجة لاستخدام غير مميز. بيد أني وجدت نفسي لا أستطيع تنفيذ هذا العمل الأساسي من حيث الزمان والمكان. لذلك أقتنعت بفصل ثلاث مسائل مختلفة هي من بين تلك المسائل المعروضة ضمنا في القضايا المتعلقة بالأصناف المتسترة تحت مفهوم العقل والايمان. واذا كنت قد أعطيت انطباعاً في المقاطع أعلاه أن محاولة العصر الوسيط بتقديم حل مرض لمشكلة العقل مقابل الايمان لم تكن مضللة، فذلك بكلمة أخرى - يخلق احساساً عندئذ للكلام عن العلاقة بين العقل والايمان، لأن هذين المفهومين لهما تعريف مناسب ومعنى محصور في تلك الفترة. فعندما يعبِّر جلال الدين الرومي، أشهر شاعر صوفي في الاسلام – على سبيل المثال – عن كراهية شديدة لنهج العقل بمقابل منهج العشق، كان في ذهنه مقاربة معينة لأسرار الدين تبناها مجموعة معينة من الأشخاص، أي المعجبين الاسلاميين بالفلسفة اليونانية. فالأشخاص المنتمون إلى هذا الصنف من المفكرين أعطوا للعقل وجودا كوسمولوجيا (كونياً) يُحتفى به كمبدء محرِّك لكل الأشياء، بيد أنه يعني شيئا آخر مختلفاً جداً عما نعني بكلمة العقل عندما نستعملها ضمن سياقها العادي، وليس الأكاديمي أو الفلسفي. من أجل ذلك، يجدر بالمرء الذي يشعر باغراء للنطق بحكم على هذه القضية أن يتوقف ويحاول أن يصل إلى معيار معقول لما هو يقيني حول ظاهرة هي خارج النطاق المعتاد والجهل والكسل، والأكثر احتمالا بعيدة عن كل العناصر الثلاثة المتحدة مع بعضها، من أن يصنفها بلا تفكير تحت اسم "عقل" و "دين". | |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: العقل والدين : مراجعة لجدل قديم السبت سبتمبر 18, 2010 8:17 pm | |
| لعقل كمرادف للعلم
المعنى الأول الذي اُستخدم فيه العقل كخصم للايمان، أو أُدخل كحليف له، كان مرادفا للعلم. فالعلم الآن ليس مشروعاً عقلياً بشكل حصري، وبهذا المعنى ليس مقاماً خارج التداول العقلي تماما. لقد نشأ بالأحرى على أساس الملاحظة الصارمة ومناهج مراقبة التجربة العملية. فليس له معنى من غير الدلالة التي اكتسبها من التاريخ الأوروبي لأولئك الفلاسفة الذين تبنوا جدياً مناهج العلم وبنوا عليه الآمال العريضة في تحسين قدر النوع البشري، وقد نظروا لأنفسهم كأعداء للعقلانية، منهج الحقائق السامية المبنية على الفكر المطلق بمقابل الملاحظة والتجربة العملية. ولكن، وبمعنى أوسع، يمكن أن يكون قد قيل عن العلم بأنه " عقلاني"، بقدر ماهو شرطي وحاسم ذاتياًً بشكل دائم، فإنه يرفض قبول المزاعم الدغمائية (العقيدية)، ويميل على الأقل، إلى قبول المواقف الفكرية على أساس من مرجعيتها المجردة. هذه الملامح للاتجاه العلمي أدت إلى كونه متعاديا مع الدين الذي، كما هو مؤكد، غير متسامح مع التطرف المفتوح، ويتبنى المنطوق الدغمائي، ويؤكد إلى حد أقصى على الكلمة المتلقاة، وعلى احترام سلطة التقاليد السلفية. الآن أنطلق من واقع، سواء أكان مصدر الأفكار الدينية، كما هو شائع، موجوداً ومتضمناً في الوحي الالهي، أو ينبغي لهذا الواقع أن يؤدي بالضرورة إلى موقف كثير ما يُدعى بـ " الايمان الأعمى "، هذا الواقع هو القضية التي سأجيب عليها بشكل واضح خلال هذه المقالة. عند هذه النقطة، يمكنني التصريح عن قناعتي التامة بأن الدين الذي يجري تفسيره وتعليمه بطريقة تؤدي إلى تثبيط فعال لمناصريه عن تطوير قوى الفكر والتفكير لديهم، فان مثل هذا الدين يكون مضر ومفسد لهم، ويمثل تهديداً لواقعهم الأخلاقي، وللحياة الحضارية بشكل عام. ومع ذلك، عندما ننظر إلى التاريخ، لا يمكننا إلا أن نقبل بأن الدين في أغلب الأحايين يأخذ هذا الشكل، وأن هذا النوع من الدين هو الذي وجد العلم نفسه مجبراً على اعلان الحرب عليه. وتاريخ الصراع بين العلم والدين كان مسؤولا عن النزعة إلى النظر اليهما كقطب مقابل الآخر. لهذا عرض برتراند رسل تعريفاً مبسطاً جداً إلى حد ما، ومرتباً نوعا ما إلى كل من النظامين (العقل والايمان) هو: " كل معرفة محددة " تنتمي إلى العلم، ولهذا يجب عليَ أن أزعم: وكل معرفة تتجاوز المعرفة المحددة تنتمي إلى ماهو لاهوتي. ومع ذلك إذا كان العلم في الواقع بحثاً عن معرفة محددة، وإذا الدين مجرد حدس واهتمام بحد ذاته بما لا يمكن أن يكون معروفاً، وحتى بعدئذ، أن لاتكون هناك حاجة لصراع بين العلم والدين مالم، وحتى نُعطى معرفة تتعلق بالاشياء ذاتها. وهذا بالضبط ما حدث في أوروبا وأدى إلى خصام مرٍ بين الأوصياء على هذين الفرعين من المساعي الانسانية. فعلى سبيل المثال، فإن مسيحية العصور الوسطى تبنت النظام الكوني القديم المحدد، وعندما غيَر علماء النهضة الصورة المكونة لدينا عن العالم بوسائل الاكتشافات من خلال أجهزة مثل التلسكوب، أعلنت الكنيسة بسرعة أن العلم الجديد هرطقة. ومرّة ثانية، عُورضت بشراسة نظرية داروين عن تطور الأنواع المبنية على قدر جيد من الملاحظة العملية، من قبل العديد من المسيحيين الذين وجدوها متضاربة مع رواية الانجيل عن الخلق. إذا كان الدين والعلم معنيان كلاهما بشكل جوهري بالتحقق عن وقائع تتعلق بالكون، واذا الدين شرع بتحقيق هذا الأمر من خلال الاستغاثة الكاملة بالدين، وقام العلم بذلك بمساعدة الملاحظة الصبورة، ورفض الأخذ بأي شئ آخر من غير هذا الطريق، آنئذ سينشب صراع محتوم بينهما. واحتمالات الوصول إلى هدنة بينهما قد تكون قليلة بشكل مفرط، وذلك بانتظار حل دائم واحد للنزاع. ولا يمكن أن يكون هناك أي شك حقيقي أن أحد الفريقين متجه لاحراز نصر نهائي، ذلك بسبب الاستراتيجية المتبناة من كليهما بمتابعة توجههما المشترك لنهايته. | |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: العقل والدين : مراجعة لجدل قديم السبت سبتمبر 18, 2010 8:18 pm | |
| ميدانا العلم والدين
مهما يكن من أمر، فان حقيقة المسألة تكمن في أن الصراع الكلي يصدر عن التباس قاتل ومتمكن بعمق حول ميداني العلم والدين المعنيين. فالعلم معني باكتشاف الوقائع، والدين معني باكتشاف لا الوقائع بل دلالتها ومغزاها. وبينما العلم يبحث، فان الدين يوضح. إن تركيب الكون هو موضوع العالم، وهو الموضوع المتروك لرجل العلم وحده المؤهل جيداً مسبقاً كي يعطي حكماً عليه. ولكن سواء أكانت الحقيقة، التي يعتبر رجل العلم الكون المادي قد يكون جزءاً منها، سخيفة وبلا معنى بمقابل ما يمكن للانسان وحده أن يشذب لا مبالاة مدروسة وعدم اكتراث، أو سواء، من جهة أخرى، أن يعير قيمة وجوهراً لآمال الانسان وتطلعاته العليا، فإن القضية هي بأنه لا يمكن للعالم الحقيقي أن يدعي بأن له الحق أن يصدر حكماً عليها. إنها مهمة الفيلسوف واللاهوتي التبصر في حقيقة الفلسفة النسبية التي تنظر إلى حقيقة الأشياء على أنها ليست أكثر من خطة فاجعة للاشياء بأسرها، وبالعكس، فان الفلسفة ترى في الحقيقة القصوى نداء وأمراً ملحا للانسان كي يستجيب له بأمل جليل وحب مقدس. مرة ثانية، دعونا نأخذ مثالاً آخر، تركيب عضوية الانسان ووظائفها في الصحة والمرض هي قضية من اختصاص العالم، ولكن لا مكان لبحث شاق في حقل علم الطب أن يؤهل طبيباً ممارساً ليصدر جواباً قطعياً يتعلق بمسألة قيمة الحياة الانسانية ومغزاها. وسواء أكان الانسان عالماً صغيراً يختزل الكون أو مجرد ذرة من تراب هو قضية حكم صادر استجابة لنوع وحيد من الأجوبة المشروعة، حكم ينطوي على واقع الانسان الكلي، هكذا يتوجب الكلام. ومثل هذا القرار بحكم ذلك الواقع الحقيقي، هو قرار يتعلق بطبيعة حقيقة الأشياء ذاتها.
وبهذه الطريقة، يوجد اختلاف جوهري، وليس ببساطة مجرد اختلاف مريح، بين ما يشكل نشاطاً علمياً وبين مايجيب على الحاجة الدينية في الانسان، ولكن هذا اختلاف وليس تعارضاً حقيقة، ليس نوعا من التعارض، في أي حال، يجعل النشاطين في حالة تعارض متبادل. ولتأكيد ذلك، فان رجل العلم قد يكون رجل دين أيضاً ، وإن رجلا لم تكن لديه اهتمامات علمية، وليكن في شبابه، ولكن كانت لديه غيرة دينية قوية وعميقة منذ بداياته، قد يتابع لاحقا مهنة علمية يحقق من خلالها تميزاً وشهرة في مجالها. وفي الواقع، إن رجل العلم، إن كان انساناً باحثاً، سيهتم أيضاً في القضايا الفلسفية بشكل أوسع. وبالامارة ذاتها، فان رجل الدين، اذا كان ذكياً، سيهتم أيضا باكتشافات العلم. ولكن المعتقدات والقيم القصوى التي يؤمن بها رجل العلم ليست هي تلك القيم والمعتقدات التي يعيشها كعالم بل يعيشها باعتباره انسانا، وعلى الرغم من أنه عالم، يتأثر بالقيم التي اختارها ليعيش كانسان. وبالعكس، فإن الاهتمامات والانجازات العلمية لانسان متدين قد يكون امتلكها لتكون شيئاً ما مضافاً ومميزاً – وليس متعارضاً - يلون بها حياته الدينية. ولا يعني هذا أن الشخص الذي عنده مثل هذه الاهتمامات المزدوجة يقيم اختلافا صارماً بينهما في ذهنه. وأريد أن أوضح أن الاختلاف ليس اختلافا سيكولوجيا (نفسياً)، وليس اختلافاً ينعكس في شخصيات الأشخاص المهتمين، بل هو بالاحرى ينحصر في الخاصية الموضوعية لهذين النشاطين الانسانيين الموضوعيين. واذا وجد هذا الاختلاف في الذهن فقط، فإن الصراع المفترض بين العلم والدين يفقد قوته. فقط اذا تهور رجل العلم بالحكم على معنى الحياة الأقصى على أساس من وجاهته العلمية، وفقط اذا رجل الدين استغل سلطته ليعمل اعلانات علمية، فمن المحتمل أن يحدث صراع بين القطبين. وكل من هاتين الخطيئتين قد تم ارتكابهما. لقد عُرف عن رجال الدين تصريحهم أن اكتشافهم للقوانين الطبيعية يجعل من الايمان بوجود الله غير معقول، وهذا استنتاج غير منطقي تماما من طرفهم. وعُرف أيضاً عن رجال الدين مقاومتهم للاكتشافات العلمية بناء على اعتقادهم أنها تتعارض مع ما جاء في الكتب المقدسة، ناسين أن الكتب المقدسة هي كل شئ باستثناء أن تكون أبحاثا علمية. إن الزعم الذي يُسمع بعض الأحيان من الوعاظ الدينيين، أن حكماء الدين توقعوا في الماضي اكتشافات معينة تتعلق بالعلم الحديث بالوصول إليها بلمحة عين عن طريق قوة روحية عليا، هي أيضا مزاعم بلا سند لأنها تخلق الالتباس الرئيسي ذاته. في أية حال، إن ما نحتاج إدراكه من خلط الاكتشاف العلمي بالحقيقة الدينية، هو العلاقة الوثيقة بينهما وامكانية الاستماع المتبادل من بعضهما البعض. إنه لأمر أساسي اذا ما أردنا للعلم أن يزدهر، أنه لا ينبغي للدين أن يحد من اندفاع الروح التي تساعد على ازدهار التقدم العلمي. وهذا الأمر لم يكن في الاسلام، تحت أي ظرف، مشكلة جدية. وحقيقة أن الاسلام وصف الطبيعة بأنها خاضعة لأنظمة قانونية، وحق الانسان باستكشاف قوى الطبيعة والسيطرة عليها، حقيقة معترف بها بوضوح فيه، تدفع بروح الايمان لأن تكون مساعدة للبحث العلمي. والايمان وحده يحتاج إلى استدامة نفسه من خلال المعجزات، أي بالخروج عن نظام الأشياء المعتاد، وحيث يجد نفسه بتعارض مع روح العمل العلمي. | |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: العقل والدين : مراجعة لجدل قديم السبت سبتمبر 18, 2010 8:18 pm | |
| العقل والايمان والموضوعية
توقفت سابقاً عند موضوع العلاقة بين العلم والدين فيما يتعلق بالعقل المعتاد عندما يتكلم الناس غالباً حول موضوع العقل والايمان. هذه العلاقة قائمة في الذهن، بيد أنه يوجد معنى ثان يزعم العقل من خلاله أنه في مجابهة مع الايمان. وما يُقصد بالعقل هنا هو ما يمكن نقله بيسر عبر مصطلح الموضوعية التي تعني قدرة المرء على أن يجعل نفسه على مسافة من أفكاره، ويفكر حولها ضمن اطار الذهن بهدوء ومن غير مشاعر مصاحبة وبحياد. تجاه هذا الأمر يوجد مؤمنون دينيون يودون المجادلة بأن مثل هذه الاستقلالية وهذه الممارسة لقوى العقل والتفكير هي معادية للايمان بشكل أساسي. هذا الاستنتاج مبني على سوء فهم جدي. انه لصحيح أن مطالب الدين أكثر من الاقتناع العقلي، ولكن لا يعني هذا القول بأنه غير مطلب الاقتناع العقلي، أو أن العنصر الذي يطالب باضافته إلى الاقتناع العقلي متنافر معه. يمكن لتوضيح من تجربة انسانية أخرى أن تخدم في شرح هذه النقطة. قيل كثيرا أن الحب هو نوع من الخبل، حتى أن الشخص الواقع تحت تأثير حب عميق تجاه كائن انساني آخر هو في مستوى مختلف تماما عن شخص يحلل ويفكر بموضوعية. يوجد اختلاف بين حل أحجية عقلية وكون المرء في حالة حب وهذا الأمر واضح كفاية، ولكن من النادر أن ينتج عن هذا الأمر أن على مشاعر المرء أن تكون مبرأة كلية من التفكير والتحليل. إن عملية النضوج العاطفي الفعلية تتضمن قدرة متزايدة دائما للمرء أن يضع نفسه كل الأوقات على مسافة من مشاعره ويخضعها لتدقيق قوى الفكر لديه. فضلاً عن ذلك، مثل هذه القدرة لا تحتاج إلى أن يشل المرء مقدرته على الخضوع أو الالتزام باستجابة عاطفية عميقة، مالم تكن القوى العقلية ممارسة – بالطبع – كهروب من الحياة، أكثر مما هي مساعدة حيوية على انجاز نمط أكمل وأغنى من الوجود. والخصومة للادراك العقلي تظهر عادة ليس من قبل أولئك الناس الذين يرغبون بالمحافظة في حياتهم على نوعية من الالتزام العاطفي تجاه قضية ما، بل بالأحرى من قبل أولئك الناس الذين عندهم التزام مهزوز وغير مستقر أساساً. ويجدر بالملاحظة أنه حتى العصور الحديثة جداً، كان أفضل ما قيل وما تم التفكير فيه في العالم، كان - إلى حد معقول- نتاج العقول التي كانت دينية بعمق، والتي لم تبد أغلب الأحايين مزجاً قوياً لتفكير حاد مع المقدرة على الالتزام العاطفي والعميق تجاه نظرة أو أكثر للحياة. إن توق المرء إلى معتقدات وقيم أكثر حيوية وعمقاً موضوعة تحت الفحص من قبل ملكة التفكير، قد نتجت جزئياً عن الخوف. ولكن من المهم التذكر أن التزامات المرء لا تضيع بل تكتسب قوة وصلابة عبر الاتصال مع الأبعاد الأخرى لتجربة الانسان. وبقصد الوصول إلى أحد أعظم مصادر سعادة الانسان والشعور بكليته المتناغمة بكونه ذاتاً متكاملة وكلية، فإن ذلك لايمكن تحقيقه إلا من خلال عملية تلاقح متواصلة ومتبادلة بين الفكر والشعور، والقدرة على بقاء المرء مدركاً لذاته بشكل نقدي، والقدرة على إخضاع نفسه إلى غبطة أنقى للروح الانساني. | |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: العقل والدين : مراجعة لجدل قديم السبت سبتمبر 18, 2010 8:19 pm | |
| العقل كاطار منطقي
في كل الأحوال، يوجد معنى ثالث يبدو في الذهن، يعبر عنه بعض الأشخاص بشك وريبة عند اعطاء أهمية عالية إلى العقل في الدين، رغم أن هذا المعنى ليس محددا دائما ويُفصح عنه بوضوح. توجد مجالات معينة في المعرفة الانسانية يتم التوصل اليها من دون استخدام مشاعر الانسان، أو إرادته أو الاحساسات الفنية والشعرية. والرياضيات هي مثل رئيسي عن هذا الأمر. فالنظرية الرياضية من البداية إلى النهاية ممارسة لمهارة منطقية، تستلزم مقدرة من طرف المرء أن يستخلص نتائج من مجموعة مقدمات مختارة. في تاريخ بعض أديان العالم، نخص منها اليهودية والمسيحية والاسلام، كان يوجد ضمن أتباعها شرائح متأثرة بالمنطق اليوناني، وضمن هذه الشرائح وجد أشخاص اعتقدوا باخلاص أن الاستخدام الخالي من الهوى في هذا النوع من التفكير العقلاني أساسا كافيا للمعتقد الديني وعقيدة التوحيد. إن هذا النوع من المقاربة التي أشار أولئك الأشخاص من خلالها إلى مناهج في الذهن غير" منهج العقل "، وهم هنا محقون. ومن الضروري دائما التذكر أنه لا يمكن للدين أن يكون مؤسسا على العقل بهذا المعنى الضيق، ولا بسبب أن عليه العمل مع ما يدعى بشكل عام انفعال أو عاطفة، بل لأن عليه العمل مع استجابة الانسان الكلية إلى الواقع، ليس إلى هذا المظهر أو ذاك من الواقع، بل إلى كل الواقع المتصور كوحدة. إن الاستجابة الدينية في أنقى أشكالها وأصفاها تجسد محاولة للعودة إلى تلك الوحدة التي توجد قبل أن ينقسم وعي الانسان إلى ذات وموضوع، أنا وأنت، أنا وهي . ويتم تصور هذه الحقيقة القصوى كحقيقة " متعالية " أو توصف كــ " هي التي فوق كل شئ آخر "، ليس لأنها حقيقة يقع فضاؤها فوق المجال الانساني، بل لأنها فوق كل شئ، أي أنها تقع وتتعالى على كل الفئات الانسانية. ولكون الوحدة متحررة من الانفصام بين الذات والموضوع وسابقة عليه، فانها بسبب ذلك هي خارج اطار الخطاب الانساني. عندما صرح أعظم المفكرين والشعراء الدينيين، وبخاصة الصوفيين منهم، أن من السخف لأي انسان أن يحاول استيعاب الحقيقة الالهية بوسائل مصادر العقل الواهنة، وكانوا يعنون ضمناً أنه ليس على الدين أن يشاد على الايمان الأعمى، وأن التقدم الفكري معيقاً للحياة الروحية، أو أن الانفعال أو العاطفة كانا أساسا كافيا للتفكير في أي معتقد مهما كان، بل، بالأحرى، أن على الانسان أن لا ينسى أن المقولات التي يستخدمها بالاتصال اليومي مع العالم لا يمكن أن تقوده إلى ذاك المتعالي الذي هي مدينة اليه بوجودها، والتي بسبب ذلك هو متعال عليها بشكل فعال. وبقدر ما صنف العقل المنشغل بمعالجة الواقع اليومي الجزئي حولنا، فهو مذكر لنا بعدم كفاية المقولات الانسانية بمتابعة الحقيقة العليا التي تميل إلى تذكيرنا بعدم كفاية " العقل ". والبديل لمقاربة الحقيقة العليا، ليس كما لو كان المرء مقارباً إلى شخص آخر أو مشكلة أو حدث أو وضع، ولا الاعتماد على العاطفة أو الانفعال (لكونهما غير متناسبين على حد سواء مع العقل)، بل بدل ذلك، محاولة المرء تنمية انفتاح أساسي له على النور الذي يفوق بضيائه كل الأنوار الأخرى، وتهيئة الظروف الأساسية لتلقيه . | |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: العقل والدين : مراجعة لجدل قديم السبت سبتمبر 18, 2010 8:19 pm | |
| لتصوف
هنا نجد أنفسنا في منطقة تدعى بشكل عام " التصوف ". إن التصوف عملياً مصطح سئ الحظ، جزئياً بسبب اقترانه اللفظي بالسرية والغموض، والذي يتضمن معاداة العقلانية، وجزئياً بسبب شعبيته المنتشرة كموضة في الغرب اليوم.
على كل حال، لقد خدم في الماضي لتركيز الانتباه على حقيقة الأهمية الحاسمة لفهمنا للانسان. ومحاولة الانتقال إلى ما وراء المفهوم البطريركي (الأبوي) لله الذي يحكم العالم حرفياً من الأعلى، والرغبة للانتقال إلى ماوراء مجرد التمسك بالطقوسية الدينية الخارجية، والتلهف للتحرر من عبودية موضوعية العقل، وغيبة المرء عن نفسه، وكذلك ليجدها (كلا العمليتين متزامنتان) ضمن الحالة البدئية التي كانت فيها الذات والموضوع متحدان، أكَّدت (المحاولة) نفسها في كل أديان العالم الرئيسية. لدى الهندوسية والبوذية - بالطبع- غنى لا ينضب من التعبير الصوفي. وكانت النزعة الصوفية في اليهودية والمسيحية متواصلة، وتجدها في الغالب عند التقصي عنها من خلال السلطات اليهودية والكنسية، ومع ذلك كانت قادرة على توكيد ذاتها من وقت لآخر. في الاسلام، تجد أن كراهية الفقهاء المتزمتين لسعي الكائن للاتحاد البدئي (قبل الانفصال) كراهية لاتلين، وغالباً ما تكون قاسية جداً، كما بدت جلياً في صلب منصور الحلاج. وبدل هذا، كسرت الصوفية أغلال شكل الاسلام المغرِّب والطقسي، وقدرت لا أن تحدث فرعاً في الاسلام، بل أن تكسب مزيدا من أتباع الظاهر الشرعي باتجاه الكدح الروحي الصميمي الداخلي. أنها كما لو كانت حاجة روحية عامة للمرء تؤكد ذاتها في كل العصور وفي كل أجزاء العالم، فكراً رصيناً عند أولئك الذين يلحون على أن النزعات الدينية تعبير دقيق عن قوى مادية في لحظة معطاة من التاريخ. ومهما تكن الظروف، فان أكثر الملامح المميزة للنهج الصوفي، هو أنه في اندفاعه التمهيدي باتجاه تجاوز الانقسام والتعددية، يتجاوز ويتعالى على اللغة لهذا السبب، لأن مادة قواعدها نتاج التقسيم والتعددية، ويضع اللغة نفسها تحت توتر كبير. وليس من قبيل الصدفة أن يكون التعبير الأسمى للنبض الصوفي من خلال الشعر، الشعر الذي هو من نوع خاص. أنه نوع من الشعر تتصارع اللغة فيه مع ذاتها. ذلك لأن الشعر بالتحديد لايمكن أن يذهب بعيداً عدا أن يبقى مشغولاً بهذا التصارع لأن يكون شبيها ببزوغ نور عظيم. ذلك لأن اللغة بشكل واضح تعجز عن التعبير بسبب التوتر العاطفي والروحي للمخلوق المندفع بقوة للوصول إلى هدفه الخاص، ولأن احساساً بالحضور الالهي يطغى على كل الأشياء المتعلقة بالشعر. هذا القنوط المبهج من جانب اللغة هو من المميزات المحددة والملازمة للتعبير الصوفي الحقيقي في كل انحاء العالم. | |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: العقل والدين : مراجعة لجدل قديم السبت سبتمبر 18, 2010 8:20 pm | |
| دور العقــل لحظات التنوير الصوفي هي لحظات ينظر الانسان فيها إلى الحقيقة بنظرات حية. إنها لحظات يمكن للانسان من خلالها استمداد الدافع ليحيى حياة أغنى وأعمق مما هو ممكن في عالم مكتسح بالتقنية، عالم يكون فيه وعي الانسان متجسد ومكرس لاتقان الأشياء والسيطرة عليها وادارتها. إن خبرة الحقيقة التي تشمل الواقع المحدود بشكل حاسم، والذي يكون الانسان على تواصل معه في حياته العملية أو الاجتماعية، خبرة ليست السيطرة والهيمنة عليها سهلة كما هو الحال مع الوسط التجاري والتقني، خبرة بالأصح أن نقول عنها أنها نتاج في ما يسمونها باللغة اللاهوتية " النعمة " التي تعطي الانسان مرساة الصفاء والسكينة وسط عذابات الوجود. بيد أن التباين بين هذا النوع من الخبرة والنوع الأكثر صرامة للتعرض إلى الواقع الذي يجد الانسان نفسه ضمن اطار تقني دقيق، لا يماثل بأي طريقة التباين بين العقل والانفعال، بين صرامة العقل والانغماس العاطفي، بين الخطاب المنطقي والالتزام العاطفي. إن وضع الخبرة الدينية بطرف معاكس للتفكير العقلي هو مناف للعقل وخطر. مناف للعقل لأن عملية الكلام الفعلية عن التجربة تستلزم التفكير، وخطرة لأنها تشجع الموقف المتعجرف لحقيقة معتقدات الانسان. يجدر بالانسان بينما هو يتذكر أن جمال عمل الفن العظيم ليس تخريباً، بل هو، بالأحرى، تعزيز للتفكير النقدي، والتي تدفع المقدرة في الحال لاتباع خطوات الفنان واختبار عالمه من الداخل، وأن يبعد نفسه عنه ليتفحصه بموضوعية. وبهذه الطريقة تعمل الخبرة الدينية، انها تكسب أكثر مما تخسر من تطبيق هذا النهج عليها الصادر عن فطنة الانسان العقلية العالية. من الممكن للمرء أن تكون لديه المقدرة على اخضاع معتقداته وقيمه لنقد ذاتي لاهوادة فيه، وأن يتحلى بذهن بحَّاث باستمرار، ومع ذلك، أو بالأحرى، لأنه هبة العقل، عليه أن يدرك أنه توجد أبعاد في الحياة غير تلك التي نراها شغَّالة في أشكال الفكر الاعتيادية. إن من الممكن تماماً، وفي الواقع، أن على ذلك الانسان أن يجذب نفسه لاعطاء جواب كلي عن حقيقة متعالية، وأن يقول مع جلال الرومي:
يا أيها الذي هو راحة نفسي في موسم الحزن
يا أيها الذي هو كنز روحي في مرارة الموت
ان المخيلة لا تتصوره، والفهم لا يدركه
خلِّص نفسي منه، آنئذ سأتوجه في العبادة اليه .
تحياتي القلبية
| |
|
| |
الصقر مشرف عام
عدد الرسائل : 2581 Localisation : ا لمحبة العادية هي مجرد شعور صبياني تافه وسخيف ولعبة حسنة للمراهقين --- علينا ان ننمو ونسمو من هذا المستوى الاعمى الى حقيقة المحبة الروحية تاريخ التسجيل : 21/06/2009
| موضوع: رد: العقل والدين : مراجعة لجدل قديم السبت سبتمبر 18, 2010 8:32 pm | |
| تم اقتباس الموضوع للقراءة
بوركت اخي الروحي مهند | |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: العقل والدين : مراجعة لجدل قديم السبت سبتمبر 18, 2010 8:36 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد الأخ الروحي الصقر الغالي نشارككم المباركة بإذن المولى الكريم بقي أن نذكر أنفسنا أن المصدر موثق ومؤكد من معهد الدراسات الإسماعيلية مع فائق احترامي وتقديري | |
|
| |
الصقر مشرف عام
عدد الرسائل : 2581 Localisation : ا لمحبة العادية هي مجرد شعور صبياني تافه وسخيف ولعبة حسنة للمراهقين --- علينا ان ننمو ونسمو من هذا المستوى الاعمى الى حقيقة المحبة الروحية تاريخ التسجيل : 21/06/2009
| موضوع: رد: العقل والدين : مراجعة لجدل قديم السبت سبتمبر 18, 2010 8:44 pm | |
| | |
|
| |
سقراط مشرف عام
عدد الرسائل : 4740 تاريخ التسجيل : 06/03/2008
| موضوع: رد: العقل والدين : مراجعة لجدل قديم الأحد سبتمبر 19, 2010 3:56 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم يا علي مدد أخي الروحي الغالي مهنّد شكراً لك على المساهمة الكبيرة والرائعة والجهود الطيبة هناك فئة من المتديّنين يرفضون العقل وهناك فئة من العلمييّن يرفضون الدين وهناك مَنْ يعتقدون الدّين ويؤمنون فيتعلّموا ويتعقّلوا وهناك مَنْ يسلكون طرق العلم ليصلوا الدّين ويؤمنوا أمّا الحقيقة الدّين لا يرفض العلم ولا العلم يرفض الدّين سبحان الله والحمد لله ربّ العالمين وفّقك المولى | |
|
| |
| العقل والدين : مراجعة لجدل قديم | |
|