سلام وسلطان وزنوبيا ثلاثة طيور من أبو منجل الأصلع شبه المنقرض
تجتاز سنوياً 3100 كيلو متر من بادية تدمر مروراً بالأردن والسعودية واليمن واريتريا وصولاً إلى أواسط أثيوبيا لتقضي فصل الشتاء على ارتفاع أكثر من 2600متر فوق سطح البحر على بعد 80 كم
من العاصمة أديس أبابا .
هذه المناجل « النادرة» هي الآن محط أنظار علماء الطيور في كل أنحاء العالم ..
ففي نيسان من عام 2002 استطاع فريق وطني من مشروع احياء المراعي وإقامة محميات طبيعية في البادية السورية وبإشراف الخبير الإيطالي جيان لوكاسيرا من رصد وتوثيق اكتشاف مستعمرة مكونة من ثلاثة أزواج تحضن البيض وطائرمغرد من نوع أبو منجل الأصلع الشمالي وذلك على جروف الجبل الأبيض على بعد عشرة كيلو مترات من بحيرة وادي أبيض شمال مدينة تدمر.
لقد كان هذا الاكتشاف مذهلاً بكل المعايير حتى أن منظمة حياة الطيور Birdlifeorganization وصفت هذا الاكتشاف بأنه «أهم كشف يتعلق بالطيور منذ أربعين عاماً» وأخذت وسائل الإعلام العالمية تتناقل خبر هذا الاكتشاف فأوردت قناة «ناشيونال جيو غرافيك» هذا الخبر تحت عنوان «طائر الفراعنة لا يزال يعشعش في سورية» فيما أوردت قناةB.B.C البريطانية صورة للمستعمرة تحت خبر يقول «طائرمعرض للخطر يثير بهجة المنادين بضرورة صيانة الموارد الطبيعية» وصدر في سورية طابع بريدي يحمل صورة هذا الطائر.
من هو؟
يوجد ما يقرب من 30 نوعاً من الطيور تحمل تسمية أبو منجل حيث جاءت هذه التسمية من شكل المنقار الذي يشبه المنجل.
يعرف علمياً باسمGerontisus eremite وتشير تسميته اللاتينية بالطائرالناسك لأنه يعيش منعزلاً في مناطق بعيدة .
وهو طائر متوسط الحجم يبلغ ارتفاعه 70-80 سم وهو أسود اللون بشكل عام مع صبغات قزحية اللون من الأزرق والأخضروالنحاسي تظهر في ضوء الشمس ، يتميز برأس أحمر عار من الريش باستثناء بعض الرياش التي تشكل تاجاً منسدلاً يميزه بشكل مباشر عن طائر أبو منجل الأصلع الجنوبي الذي يستوطن جنوب إفريقيا .
حتى وقت قريب كانت المجموعة الوحيدة المعروفة من طير أبو منجل الأصلع الشمالي موجودة في المغرب، حيث أحصى.نحو220 طائراً قرب مدينة أغادير واعتقد العلماء أن هذا الطائر انقرض من منطقة الشرق الأوسط، لذا كان العثور على مجموعة صغيرة منه في البادية السورية عام 2002 مفاجئاً أثناء عملية لمسح الطيور.والتنوع الحيوي ضمن مشروع إحياء المراعي في البادية الذي تقوم به وزارة الزراعة.
وتضم المجموعة السورية حالياً 13طائراً بينها سبعة بالغة حسب مصادر وزارة الزراعة وهي تحظى بأهمية عالية كونها
المجموعة الوحيدة في العالم التي تعرف خط الهجرة التاريخي وهذه المعرفة تنتقل فقط من خلال تعلم الصغار من الطيور المتقدمة في السن.
أبو منجل الأصلع الشمالي يعرفه علماء الآثار جيداً، فتماثيله ومومياءاته المحنطة موجودة في قبور الفراعنة الذين كانوا يجلونه، ونقوشه تنتشر بكثرة على جدران المعابد المصرية وكانوا قد خصصوا له حرفاً هيروغيليفاً، في كتابة كهنة مصر القدماء التصويرية.
كما كان هذا الطائر مباركاً لدى الأتراك وخصوصاً في مدينة بيرسك حيث كان يعيش مع الناس الذين اعتبروا ظهوره دليلاً على انتهاء فصل الشتاء وهجرة الأرواح ، كما كان دليل الحجاج إلى.مكة المكرمة حيث كان يدعى «طائر النوق» أما في أوروبا وخلال العصور الوسطى فقد كانت فراخ أبو منجل تعتبر الطبق المفضل لأبناءالطبقة المخملية.
كان في الماضي منتشراً في أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجبال الألب الأوروبية ولكن أعداده تناقصت بسبب الصيد والمضايقات البشرية وفقدان السهول الواسعة وإقامة السدود والزراعات المكثفة التي قضت على موائله، إضافة للتسمم بالمبيدات المستخدمة لمكافحة الحشرات والقوارض الصغيرة التي هي غذاؤه المفضل، فقد اختفى من جبال الألب منذ أكثر من 400سنة.وانقرض من تركيا منذ عام 1979 ومن معظم تواجده السابق في المغرب والجزائروالشرق الأوسط، وبات على اللائحة الحمراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعةJUCH حيث صنفبين الأنواع المعرضة للانقراض بشكل خطير .
نشاطه اليومي
تبدأ طيور أبو منجل الأصلع الشمالي نشاطها.اليومي متأخرة مقارنة بأنواع الطيور الأخرى، ففي الأيام الباردة تغادر مناطق مبيتها بعد شروق الشمس بثلاث ساعات، وعادة ما تشمل نشاطات هذه الطيورفي بداية اليوم سلوك التحمية ( تثاؤب ، تنظيف الريش) ثم تبادل ما يشبه التفقد الصباحي وتبادل التحيات مع شركائها لتتوجه الطيور فيما بعد إلى مناطق التغذية .
وباستثناء فترة التكاثر نادراً ماتبدي طيور أبو منجل سلوكاً عدائياً عندما يتم التصارع على مناطق الأعشاش.أو على مواد بنائها حيث تستخدم منقارها عادة للاقتتال ومع ذلك فإن المنقار لا يعد سلاحاً خطيراً، تظهر بعدها الطيور وقفات استرضاء وتسامح مرن نسبياً لوقف التصارع والاقتتال.
مشاريع للحفاظ عليه
قامت وزارة الزراعة في السنوات الماضية ومن خلال مشروع إحياء المراعي وإقامة محميات طبيعية في البادية السورية برصد وتتبع طائر أبو منجل طوال فترة وجوده في البادية السورية بالإضافة لتأمين الحراسة الدائمة له ولمجموعة الطيور الموجودة في المنطقة.
وكما يقوم المشروع سنوياً بإجراء إرشاد وتوعية للأهالي حول فوائد طائر أبو منجل وأسباب حمايته .
كما خصصت الوزارة مساحة تصل إلىنحو 300 كيلو متر مربع من أراضي.
أملاك الدولة غير المحددة والمحررة في بادية تدمر لإقامة محمية طبيعية لتكاثر طائر أبو منجل .
في السنوات الأخيرة ولحسن الحظ فإن أعداد أبو منجل الأصلع الشمالي تحسنت قليلاً نتيجة لإجراءات الحماية ونجاح التكاثر وخلافاً لما هو عليه الحال بالنسبة للجماعات البرية من طيور أبو منجل فإن الجماعات الموجودة في الأسر بازدياد وهناك حالياً أكثر من 1200 طير منه تربى في الأسر في عدد من حدائق الحيوان الموجودة في أوروبا وأمريكا واليابان.
ونحتم بأن المخاطر التي أدت إلى انقراض هذا الطائر لا تزال قائمة ويبدو أن الخطر الناجم عن الصيد هو الأكثر أهمية بالنظر إلى قلة الأعداد المتبقية منه ونظراً لهجرته نحو الجنوب ومروره بعدة دول تصبح حماية هذا الطائر مسؤولية تحتاج إلى تنسيق دولي.
وهكذا فإن الفينيق العربي يحتاج من الجهات المعنية في قطرنا الحبيب مزيداً.من الجهود كي تعاود أجنحته الجميلة تحليقها في سمائنا الصافية ..
الإثنين سبتمبر 11, 2023 8:10 am من طرف الاسماعيلي اليامي
