عزيزي العقل افهم من سؤالك أنّك تسأل عن التقمص. في التراث العربي من اساطير وغيرها أنّ إنليل وهو رمز لأدم أغواه الشيطان فطرد من رحمة الرب أي من الجنة وهبط من العالم العلوي إلى العالم السفلي مع زوجه ليكدح ويتكاثر وقد تقمص ثلاث مرات وهذه قصة سومرية اكتشفت على ألواح في مدينة نفر جنوب العراق , وهذا المعتقد موجود أيضا عند الهنود ففي تعاليم بوذا أن الكائنات الحية تمضي ثم تعود فتولد دنيئة أو سنية , خيرة أوشريرة , وانتقلت هذه العقيدة أيضا إلى اليونان كما ضهر عن فيثاغورث , وفي القرآن الكريم جاء قوله تعالى " يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها , أو نلعنهم كما نلعن أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا " (النساء :47) فالردعلى الأدبار عودة إلى الحياة الدنيا , واللعن تهديد بالمسخ كما في آيات أخرى " لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعو مضيا ولا يرجعون. ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون " (يس : 67-68) فالآيات تدل على أن الله يمد للإنسان الفرصة وتيح له المجال في الحياة كبشر مرة أخرى , وهذا من رحمة الله للبشر يعطيهم فرصا لتستقم أعمالهم ويصلحوا , مثل الطالب الذي يرسب في امتحان فيعطى فرصة أو فرصتين أو أكثر ليدرس ويتقدم للامتحان حتى يحقق النجاح , وفي ذلك عذاب لكنه في النهاية فوز ونجاح . وهذا ما ألمح به الله إلى النبي حينما خاطبه " ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا. إذن لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا " وأما من يفشل في في الفرص التي منحها الله له واستنفد فرص النجاح فيهبط إلى العذاب في المسوخية دونما رجعة حتى يوم القيامة , يقول تعالى " حتى إذا جاء أحدهم الموت قال ربّ أرجعون, لعلّي أعمل صالحا فيما تركت . كلا , إنها كلمة هو قائلها, ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون .(المؤمنون :100).وهذا ما يسمى عالم البرزخ , وقد مثل له الكرماني في راحة العقل بمثال من كان واليا في بلاد بعيدة واستدعاه الخليفة ليقدم عليه , فيأتي وطوال الطريق يفكر فيما استدعاه , فإذا كانت أعماله خيرة يظن بنفسه الخير ويرجو الثواب والترقية والمكافأة, وإن كانت أعماله شريرة يظن بنفسه الشر والعقوبة .وهكذا يتعذب طوال فترة مابين الموت والبعث في القيامة .