التلفزيون، الانترنت، الهاتف النقال والخادمة.. أبرز المتهمين .. من يربي أولادنا في هذا الزمن؟
دمشق
صحيفة تشرين
الثلاثاء 27 تشرين الثاني 2007
هدى قدور
يواجه الآباء صعوبات عديدة في تربية الأولاد في ظل التطورات الدراماتيكية التي طرأت على الحياة العصرية اليوم وما يكتنفها من متغيرات في القيم وأساليب الحياة.
والتي أثرت بمجملها على تربية أولادنا، واضعة الأسرة في موقف صعب بين أن تحتفظ بأبنائها من هذا المد القادم اليهم على أنه الحضارة،أو تطلق لهم العنان مع الاستسلام للواقع وأحكامه. القضية على هذا النحو كانت محور محاضرة الأستاذ عبد العزيز الخضراء (من يربي أولادنا في هذا الزمن؟) التي ألقاها في كنيسة الصليب في دمشق بدعوة من النادي الأدبي النسائي.
[size=9]بداية لفت الاستاذ الخضراء الى أن في تراثنا الماضي قيماً خالدة وعلينا أن نجتهد لنقلها لأولادنا بطريقة خلاقة مقنعة، تاركين لهم أمر التعبير عنها بأشكال جديدة تلائم زمانهم فالأمانة الحقيقية للقيم لا تقوم على اجترار تعابيرها السالفة، كما يرى الأستاذ الخضراء، مهما سمت تلك التعابير، وإنما تقتضي أن نحفظ هذه القيم حية بتجسيدها في تعابير تتجدد مع الزمن، وبالتالي فإن مهمة أولادنا إيجاد التعابير الجديدة مع معاصريهم، فلنمنحهم ثقتنا عونا لهم في مهمتهم الشاقة ولنتعلم منهم بقدر ما نحاول أن نعلمهم.
[size=9]ويرى الأستاذ عبد العزيز أن التحولات المعاصرة لم تترك منحى من مناحي الحياة إلا وكان لها النصيب فيها، والجيل الناشئ من فتيان وشباب هم الأكثر انخراطا في تسارع هذه التحولات، وهم الفئة المستهدفة، بوصفهم أدوات هذه التحولات لتحقيق أهدافها.
[size=9]ووفق هذه الرؤية يجزم الأستاذ الخضراء بأن الجيل الجديد تتنافس عليه أولا: العولمة التي تشدهم الى فرصها وطموحاتها وآفاقها المذهلة والمثيرة للحيوية المنقطعة النظير وثانيا: الأسرة التي تجتهد للحفاظ على أبنائها وارتباطهم بها، وتجتهد من جانب آخر لأن توطن ذاتها للقبول بانطلاقتهم في فضاء العولمة الواسع. وفي هذا السياق يشير الأستاذ عبد العزيز الى أن المطلوب لتربية الأولاد هو أضعاف ما هو مطلوب في أي زمن مضى فنحن لانستطيع أن نحجب الفضائيات عن الأولاد ولانستطيع أن نعيش بمعزل عن الانترنت، ولا نستطيع أن نوقف زحف الإعلام ولا زحف الثقافات الوافدة ولا زحف أنماط السلوكات المزعجة.
[size=9]كل هذه الاختلالات وغيرها شكلت حالة قطيعة بين ما ألفه الكبار، وما نشؤوا عليه، كما يخلص الأستاذ عبد العزيز، فقد نسفت العولمة الديمومة والماضي الذي كان يشكل امتيازا للوالدين ويمكنهم من فرض مرجعيتهم على الأبناء. ومن خلال هذه المحاولات تمكنت العولمة من غرس حالة من التمرد على الماضي والاستهتار بالذات وبالقيم في عقول الناشئين، الذين ترجموا هذا التمرد الى مجابهات وآراء وجعلوا من معطيات الحضارة كالتلفزيون والانترنت وغيرها مرجعية لا تراعي قيماً ولا تقاليد ولا تاريخاً ولا حضارة.
[size=9]ما يؤسس لبارقة أمل ـ يتابع الأستاذ المحاضر ـ هو انه مع كل شراسة زحف العولمة مازالت الأسرة العربية تحتفظ بعلاقات تتجلى بكثافة التفاعل والتزاور والتساند والتشاور، وما زال تراثها فيما يخص العلاقات الاجتماعية كبيراً ومؤثراً وفاعلاً، وما زالت الأسرة تعاني من صعوبة الفطام النفسي عن الأبناء، وهي تقع بين التمسك بهم من جانب وقبول الواقع الذي يدفعهم لعالم أرحب، بكل مغرياته ومشوقاته من جانب آخر.
[size=9]وذهب الأستاذ المحاضر الى القول إنه وبنتيجة المد الثقافي والتكنولوجي التقني برزت عوامل ومؤسسات كثيرة تدخلت بشكل مباشر في تربية أولادنا، بسبب تغير نمط الحياة عن السابق، وبعضها بسبب الرخاء الاقتصادي وبعضها الآخر بسبب خروج المرأة من البيت للعمل، إضافة الى اضطرار الآباء والأمهات لمسايرة التطورات والتعامل مع تقنياتها وأدواتها الحاصلة ومن العوامل والمؤسسات:
[size=9]1 ـ الخادمة: حيث يتأثر الطفل بعادات وسلوك الخادمة، وكما سينشأ عنده ضعف لغوي وضعف في الشخصية.
[size=9]2 ـ التلفزيون: إدمان الأطفال عليه لساعات طويلة يهدد أبصارهم وقدرتهم على التركيز، ويقف عائقاً أمام الاستكشاف والتعلم والتفاعل مع الأهل والآخرين.
[size=9]3 ـ الانترنت: الإقبال المتزايد عليه لا يخلو من الأخطار التي تهدد الأطفال مثل التخريب، وإرهاب البريد الالكتروني، والمواقع الإباحية.
[size=9]4 ـ جماعة الرفاق: وهي ذات تأثير هام لما يترتب عن وجوده من احتكاك بالآخرين وتفاعله معهم حيث يكتسب منهم العادات والطباع والخبرات والثقافات المختلفة... الخ
[size=9]5 ـ الهاتف النقال: استخدامه يضعف نشاط عقل الطفل، بالإضافة الى ما ينتج من خروقات اجتماعية عن طريق التصوير ـ البلوتوث ـ الرسائل المصورة.
[size=9]وختم الأستاذ عبد العزيز محاضرته بدعوة الأهالي للوقوف بجانب الأبناء وبناء جسور التواصل بينهم، وذلك من خلال الحوار الهادئ والبناء والاحترام والصبر والتواصل الودود تحت مظلة الحب والحنان، وأن يكون الأهل صارمين دون قسوة، وحازمين دون جفاف، وحنونين دون انهزام بسلوك أكثر تطوراً وملاءمة للمعطيات الزمنية، وأكثر تماشيا مع الواقع.
[size=9]
[/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]