موضوع: التزويــــــر ...التقليد الخميس يناير 13, 2011 5:09 am
بسم الله الرحمن الرحيم يا علي مدد
لا تقتصر ظاهرة التقليد والتزوير للماركات الشهيرة على بلد دون آخر، فهي موجودة في كل دول العالم، وتقدر قيمة البضاعة المقلدة والمغشوشة في الدول العربية بنحو 50 مليار دولار سنوياً، وتقدر منظمتا التجارة والجمارك الدوليتان حجم السلع المقلدة والمغشوشة بحدود 10٪ من الإجمالي العالمي لتجارة السلع المصنعة وبقيمة تزيد عن 330 مليار دولار سنوياً، والمشكلة أن التقليد يطول الغذاء والدواء، وهنا تكمن المخاطر الكبيرة لهذه الظاهرة، فمنظمة الصحة العالمية تقدر نسبة الأدوية المقلدة في السوق العالمية بـ 10٪، وتعتقد أن أكثر من 25٪ من الأدوية المستهلكة في البلدان النامية مقلدة. وإذا كانت هذه الأرقام العالمية والعربية مخيفة عن حجم التقليد للماركات الشهيرة.. فماذا عنها في سورية.. وهل يتم ضبط الماركات المقلدة وتحفظ حقوق أصحابها الأصليين وهل العقوبات رادعة بحق المخالفين أم لا..؟ التقليد.. لا ينتهي.. وبطبيعة الحال فإن سرقة العلامات التجارية المشهورة تعود بالخسائر الفادحة على الاقتصاد الوطني وعلى صاحب العلامة التجارية لأن التقليد لا يتقيد بمواصفات الجودة ويهمه الربح السريع جداً ما يسيء إلى سمعة الصناعة المحلية ويعرض المستهلكين للغش والابتزاز، والأخطر هو التعدي على منشآت صناعية عريقة حققت مكانة وشهرة بعد سنوات طويلة من الجهد والتعب. ويشير الواقع إلى أنه يتم يومياً ضبط عشرات السلع المقلدة في مختلف المحافظات وبينها سلع الشامبو حيث يتم اللجوء إلى عبوات لماركات شهيرة كبانتين وإعادة تعبئتها وتغليفها وكذلك تقليد منظفات النورس بمواد غير فعالة، إضافة لتقليد ماركات عالمية لمشروبات روحية مرتفعة الثمن ومحاولة تسويقها لفنادق ومطاعم ضخمة بحجة أنها جاءت مهربة وبسعر مغر وكذلك عشرات أنواع الأدوية الشهيرة كالفياغرا والبانادول. شطارة.. أم..؟ وعموماً.. فإن أكثر المواد المقلدة في سورية هي المواد التي يسهل تقليدها كالمنظفات، والألبسة، والعطورات والمواد الغذائية.. أو تلك التي رسومها الجمركية مرتفعة كالمشروبات الروحية والغازية التي تصل رسومها إلى 100٪ فيتم تقليدها وتهريبها إلى سورية. ومن القضايا التي مازالت تعاني منها الأسواق السورية على مدى سنوات طويلة، قضية استسهال تسجيل وسرقة العلامات التجارية المشهورة وتقليدها أو حتى حجزها من قبل أشخاص على أمل أن يقوم مالك الاسم التجاري الأصلي بدخول السوق السورية والاستثمار فيها لتبدأ عمليات المساومة، وذلك مستغلين سهولة التشريعات القديمة لحماية الملكية. وبرز خلال الفترة الماضية عدة أمثلة على ذلك منها ما تعرضت له شركة «ماجد الفطيم»، في سورية التي منعت من وضع اسم الماركة المعروفة «كارفور» باللغة العربية على المول الخاص بها بحلب وعلى جميع منتجاتها بحجة أن الاسم باللغة العربية مملوك لمواطن سوري قام باستصدار قرار قضائي بمنع وضع الاسم لحماية حقه في ملكية الاسم. كذلك تعرضت عشرات الشركات للغبن ذاته عندما وجدت ماركاتها مسجلة في غفلة من الزمن بأسماء غيرها ودفعوا ثمن ذلك غالياً للمصالحة القضائية كما حصل لشركتي المخابز الشهيرتين (شمسين) و (تفاحة) بعدما وجدا أشخاصاً يسجلون ماركاتهم عندما كانتا تعملان في لبنان وقبل عودتهما إلى سورية. من الاستسهال.. إلى النظام الفعال.. وإذا كان موضوع حماية الملكية الصناعية ليس جديداً في سورية ففي عام 1946 نظم عمل حماية الملكية بوزارة الاقتصاد وصدر المرسوم 47 وهو التشريع الثاني بعد قانون الأحوال المدنية، ما يشير إلى أهمية هذا الموضوع في ذلك الوقت. إلا أنه ومنذ ذلك التاريخ وحتى العام 2007 بقي ذلك القانون هو الوحيد الذي ينظم ملكية العلامة التجارية إنما بمرونة كبيرة جداً واستسهال مقابل تقديم طلب فقط ومبلغ زهيد نحو 300 ليرة بينما أصبحت في القانون الجديد نحو 25 ألف ليرة وباشتراطات وباختبارات فعلية. ونتيجة الانتقال إلى اقتصاد السوق والاندماج بالاقتصاد العالمي ودخول استثمارات أعطت قيمة كبيرة مضافة للعلامة التجارية التي تعتبر من أهم الأصول المعنوية للشركات ومن أهم مكونات الرأسمال الفكري لها صدر القانون رقم 8 لعام 2007 الذي عدّل عمل تشريع حماية الملكية من نظام الإيداع السهل (تسجيل على مسؤولية المودع) إلى نظام عصري (فحص- نشر- اعتراض)، حيث يتم فتح المجال لدراسة العلامة و الاعتراض عليها من قبل أصحاب المصلحة، وهذا النظام الحديث متوافق مع المعايير الدولية ويعالج انتهاكات حقوق الملكية التي كانت تحصل فيما مضى وذلك من خلال تخصيص إحدى غرف محكمة البداية لهذا الموضوع وعن طريق الضابطة العدلية الموجودة في مديرية حماية الملكية بوزارة الاقتصاد إضافة للجنة مختصة بفصل النزاعات حول تسجيل العلامات الشهيرة مباشرة. ويقول محمد خير مارديني رئيس الدائرة القانونية في مديرية حماية الملكية: إن القانون رقم /8/ لعام 2007 جاء مواكباً للتطورات العالمية الحاصلة في مجال حماية الملكية التجارية والصناعية ومنسجماً مع أحكام الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها سورية أو تنوي الانضمام إليها وقد شدد هذا القانون العقوبات المفروضة على مخالفة أحكامه بحيث تبلغ ثلاث سنوات سجن وغرامة مالية حتى مليون ليرة سورية. أما المرسوم السابق رقم 47 لعام 1946 وتعديلاته فكان الإيداع فيه تلقائياً وعلى مسؤولية المودع للعلامات وهناك أكثر من مئة ألف علامة سجلت عليه وتبقى سارية المفعول خلال فترة الحماية 10 سنوات وتجدد لعشر سنوات جديدة أو تلغى، حيث أعطى القانون الجديد الحق لمديرية حماية الملكية لفحص العلامات مجدداً والموافقة على تجديدها أو رفض التجديد وهذه فرصة مهمة لتصحيح أخطاء الماضي والتخلص من الماركات المقلدة أو الكاذبة. 163 دعوى العام الماضي وحسب إحصاءات مديرية حماية الملكية التجارية فإن متوسط عدد شكاوى تقليد الماركات سنوياً يبلغ نحو 200 شكوى مقابل عدد العلامات التجارية المسجلة حتى اليوم البالغ عددها نحو130 ألف علامة وهذا الرقم للشكاوى برأي الخبراء يعتبر مقبولاً جداً ويدل على أن سورية من أقل دول العالم تقليداً للماركات وهي بلد عبور فقط. ويؤكد رئيس الدائرة القانونية أن عدد الشكاوى الواردة إلى مديرية حماية الملكية كانت 222 شكوى عام 2009 وتراجعت العام الماضي إلى 151 شكوى بسبب عدم تكرار الشكاوى ولاسيما من قبل شركات شهيرة كنسلة، ويتراجع نتيجة لذلك عدد الضبوط من 460 ضبطاً بحق المقلدين والمزورين عام 2009 إلى نحو 360 ضبطاً العام الماضي وأحيلت هذه الضبوط إلى النيابة العامة حسب الاختصاص ليتم تحريك الدعاوى الجزائية بحق المخالفين. وأما الدعاوى القضائية بطلب إلغاء العلامات المسجلة القائمة لدى المديرية المنظورة أمام القضاء فقد ازدادت من نحو 650 دعوى عام 2009 إلى 813 دعوى العام الماضي، أي إنها ازدادت بحدود 163 دعوى وأغلبها على العلامات التي منحت في ظل القانون القديم لأن القانون الجديد يشدد على منح العلامات حيث يمنع منح أي علامة مشابهة لأي علامة مسجلة أو أي علامة تخص العلامات الشهيرة. إلا أن البطء في البت بالدعوى القضائية أمام محاكم البداية المدنية يعطل حقوق الناس وسبب ذلك حجم الدعاوى الكبير من جهة ونطراً لأن لهذه الدعاوى خصوصيتها من جهة ثانية وتحتاج إلى خبرة ودراية في موضوع التشابه والتقليد حيث يقوم القاضي بتشكيل خبرة أحادية أو ثلاثية أو خماسية، علماً أن عدد المعتمدين بدمشق لدى وزارة العدل يبلغ 27خبيراً وهم إما محامون أو موظفون في المديرية. إلغاء تسجيل 7 علامات تجارية شهيرة ومن جانب آخر، نشير إلى أن مديرية حماية الملكية ليس لديها إمكانية لمعرفة كافة العلامات المسجلة بدول العالم لأن أغلب الدول ليست أعضاء في منظمة حماية حقوق الملكية العالمية( الوايبو) ولهذا يمكن تسجيل ماركات عالمية شهيرة باسم أشخاص محليين...ولهذا فإنه ووفقاً للمادة 24 من قانون حماية الملكية رقم 8 لعام 2007 تعتبر جميع القرارات الصادرة عن المديرية قابلة للاعتراض أمام اللجنة المختصة. أما بشأن العلامات الشهيرة وتسجيلها سواء عالمية أم محلية مثل( توشيبا- مارلبورو..) فقد صدر المرسوم رقم 47 لعام 2009 الذي عالج موضوع تسجيلها لدى مديرية حماية الملكية باسم غير صاحبها من خلال تشكيل لجنة مختصة للبت بالاعتراضات يرأسها قاض برتبة مستشار من وزارة العدل وتضم ممثلين عن وزارة الاقتصاد ومديرية حماية الملكية حيث تبت في القضايا المعروضة عليها مباشرة دون الحاجة إلى اللجوء للقضاء. وأعطى القانون الحق لهذه اللجنة بإلغاء تسجيل العلامة الشهيرة بناء على طلب من صاحب المصلحة يقدمه مباشرة إلى اللجنة مقابل دفع رسم قدره خمسة آلاف دولار كرسم طعن وخلال شهر يصدر قرارملزم ونافذ، وبناء على ذلك تم شطب تسجيل أسماء سبع علامات شهيرة بينها ماركة الكارفور وماركة الأصيل.
علي نور الدين مشرف عام
عدد الرسائل : 3567 تاريخ التسجيل : 06/02/2009
موضوع: رد: التزويــــــر ...التقليد الخميس يناير 13, 2011 9:36 am