سميت هذه القصيدة باليتيمة لأنها تسببت بقتل ناظمها وهو(دوقلة المنبجي(الحسين بن محمد المنبجي))ولم يعرف له من الشعر سواها.
وسميت أيضا بيتيمة الدهر لروعتها وجمالها وبلاغتها ولأنها أروع ما وصف في المرأة ومنادمتها وقد اختلفت الروايات حول قائلها وقصته إلا أن أرجح القصص أن ملكة اليمن آلت على نفسها أن لا تتزوج إلا بمن يقهرها بالفصاحة والبلاغة ويذلها بالميدان وكانت ساحرة بجمالها وكان اسمها( دعد)فاستحث الشعراء قرائحهم ونظموا القصائد فلم يعجبها شيء مما نظموه وشاع خبرها في أنحاء جزيرة العرب وتحدثوا عنها. إلى أن جاء شاعرنا وكان قد عرف جمال الملكة ونظم لها هذه القصيدة وركب ناقته قاصدا إياها فمر ببعض أحياء العرب فأضافه كبير الحي فسأله عن حاله فأخبره وأطلعه على القصيدة وكان من عادة العرب ولشدة ذكائهم أن يحفظوا القصيدة مهما كان طولها عند سماعها للمرة الأولى أو الثانية أو الثالثة أو بحسب مقدار ذكائهم إلا أن كبير الحي هذا كان يحفظ من المرة الأولى وأثناء إلقاء دوقلة القصيدة شعر بأن مضيفه قد لمعت عيناه على قصيدته فاستدرك في نهايتها وضمنها بيتين إدراكا منه لفراسة دعد وبالفعل قتل المضيف ضيفه وذهب إلى دعد ليخطبها لنفسه فلما مثل أمامها سألته من أي الديار أنت فأجاب من العراق فلما سمعت القصيدة رأت بيتا يدل على أن قائلها من تهامة وما أن أنهى القصيدة بالبيتين المستدركين صرخت بقومها :أقتلوا قاتل زوجي
وهذه هي القصيدة:
هل بالطلــولِ لِســـــــــــــائلٍ رَدّ *** أمْ هـــل لهـــا بِتكَــــــــــلُّمٍ عَهْدُ
دَرَسَ الجــــديدُ جَـــديدَ مَعْهَـدِها *** فَكَـــــأنَّما هِـــــــيَ رَيْطَةٌ جَرْدُ
مِنْ طُولِ مَا تَبكـــي الغُيومُ على *** عَرَصـــــــــاتِها وَيُقَهْقِهُ الرَّعْدُ
فَوَقَفْتُ أســــــــــــألها وليس بِها *** إلا المــــها ونَقَـــــــــــانقٌ رُبْــدُ
فَتَناثرتْ دُرَرُ الشُّــــــؤونِ على *** خـــــــــــــــدي كما يتناثرُ العِقْدُ
لَهفي على دَعْـــــدٍ ، وما خُلِقَتْ *** إلا لِطُــــــــــــــــولِ تَلَهُّفِي دَعْدُ
بيضاءُ قدْ لَبِسَ الأديـمُ أديــــــــمَ *** الحُســــــــــنِ فهــو لِجِلدها جِلدُ
فالوجـــه مثل الصــــبحِ مُبيضٌ *** والشَــــــعـْرُ مِثـــلُ الليلِ مُسْودُّ
ضِدانِ لما اســـــــــتُجْمِعا حَسُنا *** والضِّدُّ يُظهِرُ حُسْـــــــنَهُ الضِّدُّ
وَجَبينها صَـــــــــلْتٌ وَحَاجِبُــها *** شَخْتُ المَخَـــــــــــطِّ أزجُّ مُمْتَدُّ
فكأنـــها وســـــــــنى إذا نَظَرَتْ *** أو مُدْنَفٌ لما يُفِـــــــــــــــقْ بَعْدُ
بِفـــتـــــورِ عَـــــيْنٍ ما بِها رَمَدٌ *** وبِهـا تُداوى الأعــــــــينُ الرُمْـدُ
وَتُريكَ عِـــــــــــــرْنيناً به شَمَمٌ *** أقنى وَخَـــــــــــــــــداً لَوْنُهُ وَرْدُ
وَتُجِيلُ مِسْــــوَاك الأراكِ عـلى *** رَتْلٍ كـــأنَّ رُضَــــــــــــابَهُ شَهْدُ
والجِــــــيدُ منها جِـــــيدُ جائزة *** تعطوا إذا ما طــــــــالها المَرْدُ
وكأنما سُـــــــــــــقـِيَتْ تَرائِبــها *** والنحــــــــــرُ ماءَ الوردِ إذ تَبْدو
والمِعصـــمان فما يُــــرى لهما *** مِنْ نِعْمَةٍ وَبَضَــــــــــــاضَةٍ زَنْدُ
ولها بَـــنــــــانٌ لـــــو أردْتَ له *** عَقْداً بِكَفِّـك أمْـــــكَـــــــــنَ العَقْدُ
والبطـــنُ مَطــــويٌّ كما طُوِيتْ *** بِيــضُ الرِّيــــــــاطِ يَزِينُها المَلْدُ
وبِخَصْـــــــــــــرِها هَيَفٌ يُزَيِّنُهُ *** فإذا نتوء يَكــــــــــــــــــــادُ يَنْقدُ
فَقِـــيامُـــــــها مَثْنى إذا نَهَـضَتْ *** مِنْ ثِقْلِهِ وَقُـــعُــــودُهـــــــا فَرْدُ
ما شَــــــــــانَها طُولٌ ولا قِصَرٌ *** في خَلقِها فَقِـــــــــــوَامُها قَصْدُ
إن لم يكنْ وَصْــــــــلٌ لديكِ لنا *** يشفي الصـــــــــبابةَ فليكنْ وَعْدُ
قدْ كانَ أورقَ وَصْــــــلُكُمْ زمناً *** فذوى الوِصَــــالُ وأورقَ الصَّدُ
لله أشـــــــــــواقي إذا نَـــزَحـتْ *** دارٌ بِنا وَنــــــــــــــــأى بِكُمْ بُعْدُ
إن تُتْهِــــــمـي فَتِهــــامَةٌ وطني *** أو تُنجِدي إن الهــــــــــوى نَجْدُ
وزَعَمْتِ أنكَ تُضْمـِــــــرين لنا *** وُدّاً فَهَــــــــــــــــلاَّ يَنْفَـــعُ الودُّ
وإذا المُحِبُّ شــكا الصُّـدُودَ ولم *** يُعْطَفْ عليه فَقَـــــــــــــتْلُهٌ عَمْدُ