لم يظهر منصب الوزارة لدى الفاطميين كمؤسسة ادارية بارزة في الدور المغربي.وذلك لان الخلفاء الفاطميين كانوا يباشرون امور الدولة بانفسهم. ومع ذلك فانهم كانو يستعينون بجماعة يعملون عمل الوزراء ، وان لم يطلق على أي واحدٍ منهم اسم وزير. ففي عهد المعز لدين الله لمع اسم جوهر الصقلي في سماء السياسة الفاطمية ، ووصل الى مرتبة الوزارة ، واصبح يحمل لقب (كاتب). وكانت الكتابة اعلى المناصب الادارية في الدور المغربي ولايتولاها الا من يبرهن على كفائته وقدرته في معالجة الامور الخطيرة ، وتعد الخطوة الاولى للوزارة ، لكن المقريزي يرى ان جوهر وصل الى مرتبة الوزارة سنة 347هـ/959م. فيما ذكر ابن ابي دينار ان مرتبة جوهر قد ارتفعت منذ سنة 345هـ/957م ((وصار في رتبة الوزارة)). ولم يقل انه اصبح وزيراً ، ويبدو ان رأي الاخير هو الارجح ، لان المعز حتى بعد انتقاله الى مصر لم يتخذ وزيراً.
اما بعد السيطرة على مصر سنة 358هـ/968م فان جوهر الذي كان ينوب عن مولاه في حكم مصر. اقر الوزير جعفر بن الفرات –وزير الاخشيديين- على منصبه لكنه لم يخاطبه بالوزارة الا بعد مراجعة قائلاً انه ((لم يكن وزير خليفة)). كما ابقى الموظفين المصريين من اهل الذمة واهل السنة في وظائفهم واشرك معهم الرجال المغاربة. وكانت سياسة جوهر مستمدة من سياسة مولاه المعز التي تقضي بضرورة التآلف مع المصريين وكسب ودهم ، نظراً لحاجة البلاد الى الاستقرار الاداري والمذهبي. وفضلاً عن ذلك فانه اراد للمغاربة الاستفادة من خبرات المصريين بالعمل الى جانبهم ليخلق من هؤلاء جيلاً جديداً يمكن الاعتماد عليه في بناء الجهاز الاداري للدولة الجديدة.وجدير بالذكر ان جوهر وان ترك الوزارة لابن الفرات فانه في الوقت ذاته دس عليه عيوناً يراقبونه ، وحجم سلطاته حتى اصبح ليس له من الوزارة الا الاسم. فعاجل ابن الفرات ، المعز الفاطمي بعد وصوله مصر بطلب الاستقالة وحاول الخليفة الفاطمي ثنيه عن قراره ، لكن دون جدوى ، فاجابه الى طلبه. واشترط عليه ان يبقى في البلاد لحاجة الدولة الجديدة لخبراته وخدماته في هذا المجال.
بعد وصول المعز الى القاهرة لم يمنح سلطاته اول الامر الى احد بل اخذ ((يباشر التدبير بنفسه ولايعول فيه على غيره)). لكنه اوجد فيما بعد ما يعرف بـ (الوساطة). ويقوم صاحبها بمهمة الوسيط بين الخليفة ورعيته.على ان يبقى القرار في النهاية بيد الخليفة. وهذا ما حصل عندما اسند المعز في سنة 363هـ/973م الى يعقوب بن كلس مهمة الاشراف على الشؤون الادارية يعاونه عسلوج بن الحسن في الاشراف على الشؤون الماليه. حيث كان ابن كلس ومساعده ينفذان اوامر الخليفة ولم يكن لهما التجاوز على ذلك ، وبقي الامر على هذه الحال طيلة عهد المعز وبداية عهد العزيز بالله حيث منح ابن كلس لقب (الوزير الاجل) وغدا بذلك اول وزراء الدولة الفاطمية