دعاء يوم الخميس لأمير المؤمنين الامام المعز لدين الله عليه وعلى اله أفضل الصلوات وأتم التسليمات…
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين...
الحمد لله الواحد بلا عدد , والأحد بلا أمد ولا نفد. المتعالي عن درك الصفات , وإحاطة تصاريف اللغات. لا تلحقه أحكام التبديل ولا اختلاف التحويل , ولا تعتوره هموم الأحلام , ولا تحصره رويات الأفهام ولا جولات خواطر الأوهام. لا ينال بحس , ولا ينعت بجنس , ولا يخطر في الظنون , ولا يرى بالعيون , ولا يوصف بالحواس , ولا يدرك بالقياس , ولا يشبه بالناس. تألفت بلطفه الفرق , وفلق بقدرته الفلق , وأنارت بمعرفته دياجي الغسق , وأجرى من الصم الصلاب ماءا ثجاجا , وجعل الشمس للبرية سراجا , والقمر والنجوم أبراجا , من غير أن يمارس فيما ابتدأه لعوبا ولا علاجا.
تجال عن القضايا والفساد , وتقدس عن ظلم العباد , وتنزه عن إخلاف الميعاد , وتعالى عن ضد مناف أو ند مكاف , أو شبيه , أو مثيل , أو عديل , أو شكيل. (لا تدركه الأبصار) العقلية والحسية , (وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير). نحمده أضعاف ما يحصى , وأكثر من عدد الرمل والحصى , ونتوكل عليه توكل من لجأ إليه فكفاه , واعتصم به فهداه , حمدا لا ينقضي أبدا ما اختلف الملوان , وتعاقب العصران.
اللهم صل على الحدود العليا والوسطى والسفلى , وصل على ملائكتك المقربين , وأنبيائك المرسلين , وعلى أهل طاعتك أجمعين من الأولين والاخرين , وعلى كل ساع لهداية خلقك بمشيئتك وأمرك وإرادتك أبد الابدين , ودهر الداهرين.
اللهم اجعلهم لنا أعوانا حافظين , وأعضادا ناصرين , وموفقين ومسددين إلى لحوقنا بهم أجمعين.
اللهم وصل على روحك المسيح عيسى بن مريم من أولاد راحم بن سليمان بن داود الذي شرفته وكرمته وعطلت به ظاهر شريعة موسى , وصيرته رابع أولى العزم من الرسل , وخامس النطقاء , كما قلت سبحانك: (وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين * ثم استوىٰ إلى السماء) , وهو استواء أمر النطقاء قبله به. وجعلته بابك ومحرابك , وبيت نورك , والسبب بينك وبين خلقك إلى انقضاء دوره. فبلغ , وأعذر , وهدى , وأنذر. فكذبه الأكثرون , وضاده المفترون , كفراعنة الشرك من الفلاسفة , وجبابرة اليهود المكاشفة حتى قالوا: (إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولٰكن شبه لهم).
وصل على بابه ووصيه شمعون بن يونا الحجر , وعلى أئمة دوره الستة: عبد بشاشي , وذي النون يونس بن متى , من قرية نينوى من قرى الموصل , وحبيب النجار من أرض أنطاكية , أرسله الله إلى ملوك الطوائف , ومروة الراهب , وعمير , وسرجس الذي يقال له بحيرا.
وصل على سيدنا محمد , نبي الرحمة , وعلى عترته , ورثة الكتاب والحكمة , الصادع لكل باغ منازع بالبيان , الدال على توحيدك بأقطع برهان , واجعله يا رب أقرب النبيين منك منزلة , وأدناهم لديك محلا , واخصصه بالتحية والصلاة المرضية , وأصره أؤل الأنبياء شفاعة , وأوفرهم في القيامة جماعة , واستعملنا بسنته , وتوفنا على ملته , واحشرنا في زمرته , واسقنا بكأسه مشربا رويا سائغا هنيئا.
وصل على جنب الله , وباب حطته , ووجهه الذي يؤتى من جهته , وعلى الأئمة من ولده , اللهم إني أرغب إليك بخشوع وابتهال وخضوع أن تجنبني موبقات المعاصي , ووسم المخازي في النواصي , وأن تغطيني باليمين ?تاب خلاصي , وتبين في الأكرمين اختصاصي , وأن تعيذني من القلة والذلة والعلة , ومن شح هالع , وجبن خالع , ومن الخوف والفتن والقلق والهم والأرق , ومن شر كل ذي شر , وضر كل ذي ضر , لما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله. ومن لم يجعل الله له نورا , فما له من نور (إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها).
اللهم احفظني في الليل إذا يغشى وفي النهار إذا تجلي , وفي الاخرة والأولى , وأجعل أول يومي هذا صلاحا , وأوسطه فلاحا , واخره نجاحا , وأعذني من شر الشيطان وأشياعه , وضر السلطان وأتباعه , وأدفع عني ?يد عدوي في نحره , وأعذني اللهم من شره , واسترني بسترك الواقي , واحفظني بسلطانك الباقي , ورفهني بعيش مغضر , ومتعني بذهن مبصر , وأجرني من سوء الإمحال , وكسوف البال , والداء العضال , ومن الخنوع والكنوع , ومن الجبن والفشل , والفتنة والبخل , ومن الفسوق والشقاق , والكفر والنفاق. ولا تجعلني من أنصار ألجبت , واتباع الطاغوت , وأولياء الأضداد , وخلفاء الفراعنة , وأحزاب الشيطان , وعبدة الأوثان , إنك قريب مجيب.
اللهم أنت الرجاء عند ضيقي , والمرتجى عند فاقتي , فأعطني ما امله , وأفعل بي ما أنت أهله , وتفضل على عبد أهل?ه جهله.
اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت , وما أعلنت وما أسررت , واجعلني للرحم وصولا , وللبر فعولا , وبالصدق قؤولا. ومن أرادني بخير , فيسر لي خيره , ومن أرادني بشر , فاكفني شره. ولا تعذبني بقبيح ما كان مني , فإن عفوك وجودك يسعني. وأقلني عثرتي , واقبلني بقضاء حاجتي. فإني لما أنزلت إلى من خير فقير.
اللهم خالق الكل , ومدرك الكل , وولى خير الكل , وكاشف ضر الكل , أرغد عيشي ما عشت , وسهل ميتتي إذا مت , وأحسن منقلبي إذا انقلبت ، (إنك علىٰ كل شيء قدير) ، و (بكل شيء محيط) اللهم أنت الباسط والقابض , والسائر والحافظ , والرافع والخافض , اجعلني وولدي ومالي وأهلي حرما امنا من جميع ما أوقاه واحذره , واعني على نصب الدنيا وعوائقها , ومصائب الدهور وبوائقها , وارزقني عافية كاملة , وادخل على محبي ال محمد واله حيث كانوا , وأين كانوا , من بركة دعائي ما تقر به عيني وأعينهم.
اللهم , وأجعل عذابك وعقابك على من ظلمهم سرا وجهرا , وليلا ونهارا. وثبتنا يا رب بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة , ولا تضلنا (بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة ۚ إنك أنت الوهاب). اللهم إني أحمدك وأشكرك معتقدا فيك بأنك لا تحتاج إلى الحمد والشكر , ولا ترتاح له ارتياح ذوي الحاجة والفقر , لكن النفوس تأبى إلأ شكر المنعم عليها. وأنا أعتقد أنك ولي ما بي , وما هو في العوالم من نعمة , فلك الحمد بلا نهاية كما أنت أهله ومستحقه.
اللهم إنى أسألك , وأدعوك دعاء من يعلم يقينا أنك لا تقصر عن شي من العطاء دون الدعاء لأجل ما عندك من المزيد , والفضل الذي لا ينفد ولا يبيد. فأسألك يا رب الزيادة منه. صدق الله.
وبلغت رسله , ووضح سبيله , وأنا على ذلك من الشاهدين , وله من العابدين الحامدين , وبما نطق به كتابة من المقرين , وبحقائق اياته من الموقنين. اللهم فبما أعطيتني من الهداية والمعرفة من القران , وأوضحت لي فيه من الدلائل والبيان , أسالك اللهم بخضوع وتضرع وخشوع أن تجعله في الدارين لنا نورا , وفوزا برضوانك و سرورا , وبارك لنا في القران العظيم , وانفعنا بالايات والذكر الحكيم , واجعل القران ربيع قلوبنا , وشفاء صدورنا , وذهاب همومنا , وجلاء أحزاننا , وسعة في أرزاقنا , ومغفرة لذنوبنا. والشافع لنا والمشفع فينا.
اللهم وصدق به حديثنا , وحصن به فروجنا , وأطلق به ألسنتنا , وأعنا على تلاوته وتدبر اياته , واجعلنا مصدقين بتنزيله , مهتدين إلى تأويله , مسارعين في سبيله , واجعل لنا حصنا من عذابك , وأمنا من عقابك , وأوزعنا شكره , وأوجب لنا أجره , واجعلنا ممن يقيم حدوده , ويراعي حقوقه , وارزقنا حفظا لمسطوره ، وإيقانا لمستوره , وأعذنا من أن نخلفه في قلوبنا , وننبذه وراء ظهورنا.
اللهم وفك به أسيرنا , وأجبر به ?سيرنا , واحفظ به صغيرنا , وارفع به ?بيرنا , وانفعنا بما صرفت فيه من الايات , وذكرنا بما ضربت لنا فيه من الأمثال وعرفنا به الممثولات , وكفر عنا بتلاوته السيئات , و ضاعف أجورنا به من الحسنات , وارزقنا به ثوابا في أعالي الدرجات , ولقنا به البشري بعد الممات , (إنك علىٰ كل شيء قدير) ، (بكل شيء محيط). والحمد لله وحده , وصلواته على خيرته من خلقه سيدنا ومولانا محمد النبي , و ال بيته الأئمة الطاهرين , وسلامة وتحياته.