دعاء يوم الثلاثاء لمولانا أمير المؤمنين الامام المعز لدين الله عليه وعلى آله أفضل الصلوات وأتم التسليمات...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القاهر أعداءه بعظمته ، المنقذ من الجهالة أهل ولايته ، الذي جعل نظام توحيده نفي الصفات عن هويته ، إذ كل صفة وموصوف مقرون بالازدواج ، منوط بالضعف والاحتياج. فهو كما قال عز وجل: (ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون) ، وقوله: فـ (سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون). وقال علي بن أبي طالب صلوات الله عليه في بعض خطبه: إن نظام توحيده نفي الصفات عنه بشهادة العقول أن كل صفة وموصوف مخلوق ، وشهادة كل مخلوق أن له خالقا ليس بصفة ولا موصوف ، وشهادة كل صفة وموصوف بالإقتراڼ ، وشهادة الاقتران بالحدوث. ولا يحيط الواصفون من هويته لاستعلائه عنها بأكثر من دلائله في أرضه وسمائه ، كما قال عز من قائل: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق. (تعالى عن المقايسة بأصناف الصور ، وأن تحويه رويات الفكر. خالق كل منعوت ، ومدبر كل موقوت ، (خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ، الذين كفروا بربهم يعدلون).
اللهم صل على الأنوار العالية ، والأرواح المقدسة ، والنفوس المطهرة ، والملائكة المقربين ، والاسم المخزون المكنون الذي لا يعرفها إلا من ارتضیت من رسول. فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ، كما قلت عز كبرياؤك: (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة) ، وكما قلت سبحانك: (ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات). وهو اسمك الواحد من الأسماء الثلاثة الجارية من اسمك السابق الذي ليس بحرف ، ولا خط ، ولا شكل ، ولا نقط ، ولا محدود ، ولا محسوس ، وذلك أول مبدع أبدعته بأمرك.
وصل یا رب على شجرة طوبى ، وعلى الأنهار المنهارة الأربعة من تحتها كما قلت ، وقولك الحق: (فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى). فهي مختلفة الهويات والمراتب ، وإن كانت ولادتها كله من معدن واحد ، كما قلت تباركت وتعاليت: (وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل) فهم موازين عدلك ، وأمناء سرك ، تفجر بهم ينابيع الحكمة من أنوارك كانفجار الأنهار. قد علم كل أناس مشربهم على مقدار تهيؤ (34) كل واحد منهم لقبوله في الليل إذا يغشى ، والنهار إذا تجلى ، وفي الآخرة والأولى.
اللهم صل على خليل إبراهيم بن تارخ ، الذي شرفته وكرمته ، وعطلت به ظاهر شريعة نوح ، وصيرته ثاني أولي العزم من الرسل ، وثالث النطقاء ، وجعلته بابك ومحرابك وبيت نورك ، والسبب بينك وبين خلقك إلى انقضاء دوره. فبلغ ، وأعذر ، وهدى ، وأنذر. فكذبه الأكثرون ، وضاده المفترون ، ?اللات ، والعزى ، ومنات الثالثة الأخرى ، إلى غيرهم حتى قال لهم كما حكيت سبحانك: (أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين.
اللهم صل على بابه ووصيه إسماعيل بن إبراهيم ، وعلى أئمة دوره الستة: إسحاق بن إبراهيم ، ويعقوب بن إسحاق ، ويوسف بن يعقوب ، و لاوي بن يعقوب ، ويهودا بن يعقوب ، وأيوب بن أمرص بن زارخ بن إسحاق بن إبراهيم.
وصل على سيدنا محمد ، خير مبعوث ، وأشرف موروث ، نبي الرحمة ، وسراج الظلمة ، وكاشف الغمة ، الذي أرسلته إلى الأنام وهم عباد الأصنام ، بالدين والهدى ، والذيادة عن الردى ، (ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) والمراق ، وأهل الشقاق والنفاق. فلم يزل مخلصا لك تخليصا ، وجاهدا في عبادتك ، حريصا ، قائما ، يدعو عبادك إلى الحق ، مظهرا لكلمة الصدق حتى قبضته حمیدا مكرما سعيدا ، أفضل ما صليت على أحد من المحسنين ، وأعددت من الكرامات لأوليائك المرسلين.
وصل على آله معادن إشراق النور ، ومغارب سكان الطيور ، ومصابيح الدجى في ظلم الديجور الذين اخترتهم تخييرا ، وأذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا ، وجعلتهم خلفائك في أرضك ، وسببا بينك وبين خلقك ، ومن أقبل إليهم سلم ، ومن تخلص إليهم غنم ، ومن تعلق بهم عصم ، أعظم صلاة بلا حد ، ولا إحصاء ولا عد. وبلغهم اللهم ما يأملون ، وأر أعدائهم منهم ما يحذرون ، وأظهر اللهم القائم بالحق ، الناطق بالصدق ، منصور الرايات والأحزاب ، مألوف الساحة والجناب حتى لا يبقى حق إلا ظهر ، ولا عدل إلا زهر ، ولا يستخفى بشيء من الحق مخافة أحد من الخلق.
اللهم إنا نسألك باسمك الذي وضعته على القلم فجرى ، وعلى اللوح فوعى ، وعلى العرش فارتفع ، وعلى الكرسي فوسع ، وعلى السماء فاستقلت ، وعلى الأرض ، فاطمأنت ، وعلى الليل فغسق ، وعلى النهار فأشرق ، أن تعيذنا من شر الشياطين وشركها ، والأبالسة وشبكها ، والمردة وإفكها ، ومن شر السامة والهامة واللامة ، والخاصة والعامة ، ومن شر ما ينزل من السماء وما يعرج فيها ، وشر ما يلج في الأرض وما يخرج منها ، وشر طوارق الليل والنهار.
(جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا). وقل جاء (الحق وبطل ما كانوا يعملون). (وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا). (وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا). اللهم احفظنا في الإقبال والإدبار ، وبالعشي والإبكار ، ولا تجعل لمن يعادينا ساحة ، ولا لمن يكيدنا راحة. (فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا). (وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون) هذا وإن للطاغين لشر مآب ، (وجهنم يصلونها وبئس القرار).
اللهم إنا نسألك ، یا رب السماوات وما أظلت ، ورب الأرضين وما أقلت ، ورب الرياح وما ذرأت ، أنت الله الملك القدوس الحنان المنان ، (بديع السموات والأرض) ، ذو الطول والعرض ، (ذو الجلال والإكرام) ، والآلاء العظام ، أن تعيدنا من شر كل ذي شر ، وضر كل ذي ضر ، وأن تنجینا من كيد الشيطان ، ومن معصيتك ، یا الله ، یا رحمان ، ومن ركوب العمى بعد البيان. اللهم لا تجعلنا لرحى الأشرار طحنا ، ولا بأيدي الأعداء رهنا. اللهم لا تجعلنا ممن يحرف الكلم عن مواضعه ، ولا من الذين نسوا حظا مما ذكروا به ، واجعلنا ممن يسر وسدد ، وقال واقتصد. اللهم بلغنا سدرة المنتهى التي عندها جنة المأوى. اللهم وأعذنا بإسمك من فقر مدقع ، وغرم مفظع ، وذل مصرع ، وذم موجع ، ومن شر غرق البحار المتموجة ، وحرق النار المتأججة.
اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بشر ما عندنا ، واغفر لنا بجودك ما جنته أيدينا ، وأعطنا النعيم المقيم والنجاة من الجحيم ، وتوفنا مسلمين ، وألحقنا بالصالحين غير خزایا ، ولا نادمين، وألزمنا كلمة التقوى ، وأحللنا جنة المأوى ، واخصصنا یا رب بقلوب سليمة ، وأخلاقي قويمة ، وأنلنا من رحمتك التي وسعت كل شيء ما نأمله ، فإنا ضعفاء ، لا نطيق عذابك ، ولا نحتمل عقابك. اللهم واجعل التقوى لنا شعارا وجنة ودثارا ، وأصرنا ممن أفاق من الضلالة وانصرف عن الجهالة ، وخالف الأهواء ، ومحص عن الآراء. (ان الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شدید بما نسوا يوم الحساب).
اللهم واجعلنا ممن يجيب داعي الله ، ويؤمن به ، الذي جعلته ځجة على المسرفين ورحمة للمؤمنين ، وصيرته للنجاة سفينة ، وللكتاب سكينة ، وللمحراب قبله ، ولمن اتبعه جنه ، واجعلنا بالكفاية في دعة الكلاء ، وهب لنا العافية بتمامها ، والكرامة بدوامها ، وفك رقابنا من النار ، یا مقلب القلوب والأبصار! اللهم احرسنا واحفظنا في جميع منقلبنا ومنصرفنا ، ووفقنا وأرشدنا للصواب في أقوالنا وأفعالنا ، وأرنا السرور والمحبة في جميع أمورنا ، وأصحبنا توفيقك وتسديدك وإرشادك حتى لا يكون لنا فعل ولا قول إلا مطابق للصواب ، واكفنا شر من ?ادنا ، وأأصلح لنا من عادانا ، وانصرنا على من ناوانا ، وارزقنا فرجا ومخرجا ، ووسع لنا إلى رحمتك منهاجا ، واجعل لنا من لدنك سلطانا نصيرا ، وكالئا وظهيرا ، وزدنا بك معرفة ، ومنك قربا ، وإليك دنوا ، يا أرحم الراحمين!
اللهم إنا نسألك باسمك الذي ألفت به بين الثلج والنار ، وقهرت به المتضادين على التواصل والجوار ، أن تعذب كفرة أهل الكتاب وجميع المشركين ، ومن ضارعهم من المنافقين ، فإنهم يتقلبون في نعمتك ، ويجعلون الحمد لغيرك ، ويوالون أعدائك ، ويناصبون أولياءك ، تعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا! فالعنهم ، یا رب ، لعنا وبيلا ، وأخزهم خزیا طویلا. اللهم انصر جيوش المسلمین ، وسراياهم ومرابطيهم ومعاقديهم حيث كانوا ، وحلوا في مشارق الأرض ومغاربها ، نصرا عزيزا ، وافتح لهم فتحا يسيرا ، (واجعل) لهم (من لدنك سلطانا نصيرا) ، و كالئا وظهيرا!
اللهم افتح لوليك الذي ارتضيته ، واخترته واصطفيته لتدبير عالم السفلي ، ووعدته أن تظهره (على الدين كله ولو كره المشركون) ، القائم بالحق من ولد نبيك. اللهم زده قوة وتمكينا ، وأنجز له ما وعدته على ألسنة آبائه الصادقين ، وصل عليهم أجمعين ، وأشرق الأرض بنور غرته وبهاء طلعته ، وانشر علينا رحمتك بفيض عدله ، وصل حبلنا بحبله ، وأسبغ علينا نعمك ظاهرة وباطنة ، وزدنا من فضلك یا أرحم الراحمين ، ومجيب دعوة المضطرين!
آمين ، آمين ، آمین ، یا رب العالمين! والحمد لله وحده وصلواته على رسوله سيدنا محمد النبي وآل بيته الطاهرين وسلامه وتحياته.