دعاء يوم السبت لمولانا أمير المؤمنين الامام المعز لدين الله عليه وعلى آله أفضل الصلوات وأتم التسليمات...
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الحمد لله ذي الأسماء الحسنى والكلمات التامات العليا التي بها نخلص إلى التوحيد ، ومنها نستوجب المزيد للتأييد. تعالى أن يقال موصوف ، أو لا موصوف ، أو يناله نفي ، أو إثبات ، أو إدراك بحس ، أو إيقان بنفس الذي يقال بالتقريب إلى الأفهام ، إنه الواحد الذي الخدود لها له ، ومنه وبه وإليه. فهو الواحد الصمد الذي منه الأسماء والمدائح التي أظهرها قدما إلى وليه ، الأول ، السميع البصير بخلقه ، الرؤوف بهم بإنفاذ الرسل إليهم ، الأول والآخر لأنهما له وبه وإليه ، فالق الإصباح ، وخالق الأشباح ، ومبدع الأرواح والأجسام ذات النواح ، البعيد من الجور والظلم ، البريء من الفواحش والجرم.
ليس له حد ينال ، ولا شبه يضرب له فيه الأمثال. يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها ، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها ، وهو (الحكيم العليم). ذلك الله الذي لا إله إلا هو ، وإليه المصير. فزد في سمائه ، عدل في قضائه ، لم يقض على خلقه نكوصا عن فرضه ، ولا جورا في أرضه ، بل دلهم على الهدى ، ونهاهم عن الردى. ونصب لهم بعد تصرم الرسل أئمة الهدى. ليس في خلقه تفاوت ، ولا فتور ، لأنه حكيم مدبر قدير. (بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شىء عليم).
اللهم صل على الحدود الروحانيين السبعة الموسومين في كتابك بالنفس ، والشهيد ، والوكيل ، والحفيظ ، والمكين ، والمطاع ، والأمين.
وصل یا رب على السبعة الجسمانیین ، الموسومين في كتابك بالخليفة ، والحبيب ، والخليل ، والنجي ، والروح ، والرسول ، والموصوف بالقيامة. وصل اللهم على الأيام السبعة ، والشهور الاثنى عشر ، أزكى صلاة وأشرفها وأكرمها ، واخصص اللهم محمد المبعوث بالنبأ العظيم ، والقرآن المستقيم ، (على فترة من الله) ، وضلالة من الملل ،(رحمة للعالمين) ، وضياء للمؤمنين ، (شجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين) ، تنبت بالعترة التي يستضاء بنورها في مهامه الديجور ، وظلمات لجج البحور ، وصبغ يصطبغ به مرتادوا العلم ، (صبغة الله ومن أحسن من الله صبغه) ، فهی أحسن الأصباغ. فلم يزل صادعا بأمرك ، ناطقا بذكرك ، حتى أكرمت به الدين ، وأعززت به المؤمنين ، وقمعت به المشركين ، بأفضل الصلوات وأشرف التحيات ، كما وعدته بقولك سبحانك: (ولسوف يعطيك ربك فترضى). ثم لم تكتف له بذلك حتى ألزمتنا الدعاء له فرضا بأن قلت: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما).
اللهم اجعل أفضل صلاتك ونوامي بركاتك على محمد نبيك ، كما أخرجتنا به من غمرات الظلمات ، ونجيتنا به من شفا حفرة الهلكات ، وعلى آله السادة الدعاة والقادة الذين من لزمهم لحق بالبينات ، ومن رغب عنهم فرق من الأمهات ، ووقع في البدع المهلكات ، وعلى أبوابهم مفاتيح الدين القويم ، الأدلاء على الصراط المستقيم ، أبواب حطة لمن دخلها ساجدا ، وأبواب نقمة لمن كان لهم جاحدا. وصل یا رب على أخي نبيك علي ، سيد الأوصياء المنتجبين ، وعلى فاطمة الزهراء ، سيدة نساء العالمين ، وعلى سبطيه الحسن والحسين. وأعطهم ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، وزدهم یا رب زيادة بلا حد.
وصل على القائم بالحق ، الناطق بالصدق ، التاسع من جده الرسول ، الثامن من أبيه الكوثر ، السابع من آبائه الأئمة ، سابع الرسل من آدم ، وسابع الأوصياء من شيث ، وسابع الأئمة البررة ، صلوات الله عليهم أجمعين ، كما قلت سبحانك: (خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام) ، (سواء للسائلين). (ثم السماء) ، وهو استواء أمر النطقاء بالسابع القائم صلوات الله عليه ، كما ذكرناه آنفا الذي شرفته وعظمته وكرمته ، وختمت به عالم الطبائع ، وعطلت بقيامه ظاهر شريعة محمد صلى الله عليه وآله ، وتملأ به الأرض عدلا وقسطا ، كما ملئت جورا وخبطا ، كما أخبر عنه نبيك حين قال : (المهدي منا أهل البيت ، رجلا أشم الأنف ، أقنی ، أكحل ، يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وخبطا.
وهو مترجم القرآن ومبصره ، ومظهر برهانه ومنوره. وهو قائم يوم القيامة ، والبعث والفصل والتغابن والنشور ، یوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ، يوم لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ، أو ?سبث في إيمانها خيرا ، ويوم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر. صاحب النشور فيما لا يعلمون ، تمام الكلمة ، أو الفكرة وأخر العمل ، سدرة المنتهى التي عندها جنة المأوى ، سبب الروحانيين ، ومعدن التأييد ، قاصم الجبارين ، مؤيد المتقين ، قائم يوم الدين ، المهدى بالله ، أمير المؤمنین وصل على خلفائه الراشدين الذين يقضون بالحق ، وبه يعدلون. اللهم آتهم منك صلاحا وفلاحا ، وأعنهم على إعزاز الدين وإعلان ما أسروه من الحق المبين ، إنك خير نصير ومعين.
اللهم إنا نعود بك من نزغات الشيطان ومكائده ، والثقة بأمانيه ومواعيده ، واجعل بيننا وبينه سترا لا يخرقه ، وبابا لا يفتقه ، واكفنا شره ، وولنا ظهره ، وادفع عنا مكره ، وما سول لنا من باطل فجنبناه ، وما نصب لنا من كيد فقناه ، وأيقظنا من سنة الركون إليه ، وأحسن بتوفيقك عوننا عليه ، وأشرب قلوبنا إنكار عمله ، وألطف لنا في نقض حيله ، وحول سلطانه عنا ، واقطع رجاءه منا ، واحلل ما عقد ، وانقض ما أكد ، وافتق ما رتق ، واجبر ما خرق ، واهزم جنده ، وأبطل كيده ، واهدم كهفه ، وأرغم أنفه.
ونعود بالذي (يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه) ، من شر ما ذرأ في الأرض ، وما يخرج منها ، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها. (ومن يعتصم بالله قد هدى إلى صراط مستقيم) ، واستعاذ بمعاذ عظيم. اللهم إنا أخلصنا بالانقطاع إليك ، وأقبلنا بكليتنا عليك ، وصرفنا وجوهنا عن الإنس والخلائق لهم إليك ، علما مئا بأن طلب المحتاج إلى مثله سفه ولجاج.
اللهم فأوردنا مشارع كرامتك ، وأحللنا بحبوحة جنتك ، وانصب الموت بين أيدينا نصبا ، ولا تجعل ذكرنا إياه غبا ، نستحملك من ذنوبنا ما قد أثقلنا حمله ، ونستعين بك على ما فدحنا ثقله ، ونسألك خير هذا اليوم ونوره ، ومعافاته سروره ، وأن توفقنا لشر تدفعه ، وبلاء ترفعه ، و تلبسنا سترا لا ترفعه الرياح ، ولا تخرقه الرماح ، وأن تنزلنا منازل الشهداء وعيش السعداء ، وأن تؤهلنا للتحف والخصائص ، وأن تجنبنا الرذائل والنقائص ، وأن تخصنا من النعم بأتمها ، ومن العافية بأعمها ، وأن تجعل مساعينا مشكورة ، وأعمالنا مبرورة ، وذنوبنا مغفورة. اللهم وسع علينا في الأرزاق ، وارفق لنا یا عظيم الإرفاق ، وهب لنا مكارم الأخلاق ، ومهد لنا رفاهة المعايش ، ورفاعة المرائش في مساء وصباح ، وغدو ورواح.
اللهم عذب الشيطان وجنوده أجمعين ، وقوم نوح في العالمين ، وقوم إبراهيم الذين قالوا: (حرقوه وانصروا ءالهتكم إن كنتم فاعلين) ، وعذب اللهم أصحاب الرس أجمع ، وأصحاب الأيكة ، وقوم تبع ، وقوم (فرعون ذي الاوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد) ، وكفار قريش ، وأتباعهم من أهل النفاق ، وشركاءهم من المراق ، وأتباعهم الفساق والبغاة والطغاة من سائر الناس. اللهم العن من كان للحق خاذلا ، أو قاليا ، أو متحيرا ، في نصرهم جاهلا. اللهم فرقهم بددا ، واقتلهم عددا ، ولا تبق منهم أحدا.
والعن الناكثين ، والقاسطين ، والمارقين ، والقاعدين من مجاهدة الظالمين. فإنهم بدلوا ډينك ، ونكثوا عهدك ، ونقضوا مواثيقك ، وقطعوا ما أمرت به أن يوصل ، ونبذوا كتابك وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون. (ألا لعنة الله على الظالمين) ، من الأولين والآخرین ، (الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون) ، ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم).
اللهم اهدم بنيانهم ، وأدحض سلطانهم ، وأهلك أبدانهم ، ودكدك أركانهم ، وانصرنا عليهم ، وأنجز لنا وعدك فيهم ، يا أرحم الراحمين ، والحمد لله حمد الشاكرين ، وصلواته على خير خلقه سيدنا محمد النبي الأمي ، وعلى ابن عمه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين الوصي ، وعلى الأئمة من نجلهما الغر الميامين ، الطيبين الطاهرين.