بيروت، لبنان (CNN)-- توصل باحث لبناني إلى اكتشاف علاج لمكافحة أمراض السرطان، يتوقع به أن يحدث، عند اكتماله، انقلابا في المفاهيم والمقاربة الطبية المعتمدة منذ عقود طويلة لمكافحة هذا المرض المستعصي.
فقد أجرى الطالب والباحث ميشال عبيد على مدى ثلاث سنوات، تجاربا مخبرية على ألف فأرة بعدما حقنها بخلايا سرطانية، وذلك في إطار تحضيره لرسالة الدكتوراه في مجال التلقيح ضد أمراض السرطان في معهد Gustave-Roussy "غوستاف روسي" بفرنسا، والذي بدأه منذ أربع سنوات.
وركز عبيد تجاربه على حقن الخلايا السرطانية لدى الفئران بعدد من البروتينات، كان يعتقد أنها تصلح للقيام بدور "الإنذار" لنظام المناعة، منبهة اياه إلى وجود خلايا غريبة في الجسم يجب القضاء عليها.
ولدى وصول الباحث الشاب إلى البروتين رقم أربعين، والمعروف علميا بأسم ""كالريكوتيلين" Calreticuline، راح يراقب بذهول عمل هذا البروتين، وهو يحفز جهاز المناعة على العمل.
النتائج المذهلة تبينت خلال أيام قليلة، عندما اختفى التورم السرطاني بشكل كامل، ومن دون أن يترك أية آثار جانبية، كتلك الناتجة عن العلاج الكيميائي.
عبيد، ابن الرابعة والعشرين، وهو من بلدة بقرزلا في شمال لبنان، قدم الجمعة عرضا علميا لاكتشافة في قاعة المحاضرات بالمجلس الوطني للبحوث العلمية في بيروت، الذي كان قدم له منحة لإعداد الدكتوراه.
وشرح عبيد في حديث خاص لموقع CNN بالعربية" تقنية العلاج، بقوله إن "الخلايا السرطانية ذكية جدا، وهي تخبيء نفسها داخل الخلايا بعيدا عن رصد جهاز المناعة، والتقنية المكتشفة تعمل على حقن البروتين الممزوج بمادة (أبدى تحفظا في الكشف عن طبيعتها) داخل التورم السرطاني لجعله منظورا بالنسبة لجهاز المناعة، الذي سيهاجمه حال كشفه ويقضي عليه."
وردا على سؤال فيما إذا كان العلاج المقترح من جانبه سيلغي بدوره الجراحة والعلاج الكيميائي، أجاب عبيد قائلا: "لم أقم بأية جراحة على الإطلاق، والفئران التي حقنتها بمواد كيميائية خسرت وزنها، واضمحلت، ثم ماتت."
وأضاف:" أما تلك التي عالجتها بالبروتينات، فقد توصلت إلى شفاء ما نسبته 90 في المائة من الحالات السرطانية فيها."
وعن المدة الزمنية التي تفصل مرضى السرطان عن هذا العلاج، أوضح عبيد أن هناك مراحل عدة يجب تجاوزها قبل الوصول إلى طرح العلاج في الأسواق.
ويسعى الباحث عبيد، ومعهد Gustave-Roussy "غوستاف روسي" الآن، إلى الحصول على براءة اختراع دولية، قد تبلغ تكلفتها القانونية قرابة مليون دولار.
وقال: "هناك سنوات من التجارب على الانسان ستبدأ قريبا، بعد إتمام إجراءات قانونية تسمح بها، إضافة إلى الحصول على تمويل لهذه التجارب، يقدر بخمسين مليون دولار."
ولدى سؤاله عن مصادر التمويل هذه، وعن احتمال نقل التجارب المقبلة إلى بلدان أخرى، قال إنه يدرس احتمالات عدة، معربا عن استعداده "لإجرائها حيث يتوفر التمويل اللازم."
وقال:" "بكل تواضع وحذر، إنه اكتشاف لا يصدق."
وكانت كلفة التجارب الأولية التي أتت بنتائج "لا تصدق" قد بلغت قرابة أربعة ملايين يورو "، وقام بتمويلها الاتحاد الأوروبي.
هذا، ومن المتوقع أن يكون لهذا الاكتشاف، بعد الحصول على براءة اختراع دولية له، وإلى جانب الأثر العلمي والطبي، وقعا اقتصاديا هائلا على أسواق الأدوية والعقاقير المستعملة حاليا لعلاج أمراض السرطان، وبخاصة العلاج الكيميائي منه، اكثر من مائة مليار دولار سنويا.
يذكر أن مرض السرطان هو المسبب الثاني للوفيات في العالم، والأول للوفيات لدى الشباب في البلدان المتقدمة، بحسب التقرير العلمي لمجلة Annals of Oncology لعام 2005.
ويركز الطب حاليا على العلاج الكيميائي، الذي ينجح في عدد محدود جدا من الأورام السرطانية، ويؤدي إلى تلوث الدم بالمواد الكيميائية، إضافة إلى ظهور التورم من جديد بعد فترة من الزمن، بفعل تسبب المواد الكيميائية بشلل في جهاز المناعة.
كما وتسقط المعالجات الحالية للسرطان حقيقة علمية أساسية، وهي أن جهاز المناعة هو العنصر الفعال المركزي لمكافحة هذا المرض.