ولقد انشغل الإسماعيليون النزاريون خلال فترة ألموت من تاريخهم بضمان استمراريتهم في بيئة عدائية جداً. وعلى الرغم من هذا فقد تمكنوا من المحافظة على وجهةَ نظر متطوّرةَ وتراث أدبي يطور تعاليمهم استجابة للظروفِ المُتَغَيّرةِ في فترةِ ألموت. ولقد كان حسن الصباح نفسه رجل دين متعلماً وهو نفسه نال امتياز تأسيس مكتبة رائعة في ألموت. كما ساهمت مجموعات الاسماعيليين النزاريين في القلاع في العهد الألموتي بتأمين ملاجئ آمنة للعديد من العلماء من الخارج و بخاصة بعد بدء الاجتياح المغولي. وأول هؤلاء العلماء كان نصير الدين الطوسي (ت 1274 م) الذي قضى حوالي ثلاثة عقود مشاركا إياهم رعايتهم العلم والتعليم. ويؤرخ المقطع التاسع مساهمة الطوسي مع الإسماعيليين كما يشرح اعتناقه للإسماعيلية كما وصفه في سيرته الروحية الخاصة
السير والسلوك. ولدى الطوسي مساهمات هامة في الفكر النزاري الإسماعيلي في تلك الفترة. وتبدو هذه المساهمات جلية في كتابه
روضة التسليم الذي تم نشره مؤخرا من قبل معهد الدراسات الإسماعيلية ومع نسخة مترجمة باللغة الإنكليزية تحت عنوان
روضة التسليم. يبحث المقطع الأخير من الجزء الثاني من هذا الكتاب في مرحلة ما بعد سقوط الدولة النزارية الاسماعيلية على يد جحافل المغول التي هاجمتهم و ذبحتهم عام (1225 م) و كيف أن النزاريين بقوا أحياء بطريقة غير مضمونة في إيران وأفغانستان وآسية الوسطى ولاحقا في الهند مستخدمين مظاهر مختلفة للهروب من الاضطهاد. وفي إيران وآسيا الوسطى تحديداً تخفى الإسماعيليون كصوفيين من دون أن ينسبوا أنفسهم إلى أي من الأنظمة الصوفية. كما يشرح هذا المقطع الصلات المذهبية لهذين التقليدين السريين المستقلين في الإسلام والتي ساعدت النزاريين الإسماعيليين على تبني البردة
الصوفية كجزء من طقوسهم الخفية والمسماة
التقية). كما يقوم هذا المقطع باجراء مسح عام للأحداث الهامة للانبعاث الانجوداني في المجتمعات النزارية الإسماعيلية والتي من خلالها أكد الأئمة بشكل ناجح قيادتهم المباشرة لكل المجتمعات الإسماعيلية ولاسيما في آسية الوسطى والجنوبية. ويقدم المقطع الأخير من هذا الكتاب نظرة عامة على النشاطات الفكرية للاسماعليين خلال العصور الوسطى. ومن خلال هذه النشاطات يظهر اهتمام خاص بعلم اللاهوت ليس فقط كعلم كلامي وإنما كتراث يؤثر على النشاطات الفكرية للمجتمعات الشيعية المسلمة الأخرى بالإضافة للفلسفة والقانون والتاريخ والجغرافي وبعض التقاليد الإسماعيلية المتميزة ومؤسسات التعليم.