وبقصد تخفيف الضغط على اعدادية تلدره التي بلغ عدد طلابها سنة 1953 حوالي 336 طالبا ، أسس المجلس الاسماعيلي الأعلى الذي حل محل لجنة الثقافة والاقتصاد والاعمار منذ 1951، ثانوية أبي العلاء المعري في سلمية سنة 1955 لاستقبال الطلاب الذين يستنفذون فرص الرسوب في المدارس الرسمية لمدة سنتين متواليتين في الصف الواحد. ولعدم وجود اعدادية رسمية للبنات أفتتح المجلس اعدادية الزهراء للاناث سنة 1954. وقريب من الفترة التي تأسست فيها ثانوية أبي العلاء ، أسس الدكتور سامي الجندي ثانوية عقبة بن نافع الخاصة في سلمية(1957 كما أذكر) .بعد ذلك أخذت الاعداديات الرسمية تظهر في القرى التالية تباعا مع نهاية الخمسينات : تلدره، بري الشرقي ، صبورة ، عقارب ، السعن ، جدوعة، المبعوجه، المفكر، تلتوت ، تلجديد ، عقيربات . كما تحولت بعض الاعداديات الى مدارس ثانوية في القرى الكبيرة ، مثل تلدره ، صبورة ، بري الشرقي. وتوالى تأسيس الثانويات الجديدة بعد قيام ثورة الثامن من آذار، مثل ثانوية الحرس القومي الخاصة، ثانوية علي بن أبي طالب، ثانوية زينب ، ثانوية الزهراء ، الثانوية الصناعية ، الثانوية التجارية، ثانوية الفنون النسوية في سلمية أضافة الى افتتاح ثانويات جديدة في نواحي المنطقة.
مع بداية السبعينات، اختفت من الوجود ثانوية ابي العلاء المعري الخاصة (1967) واعدادية الزهراء الخاصة (1968)، وثانوية تلدره الخاصة( 1971) مع تطبيق خطة الدولة بالاستيلاء على التعليم الخاص، ولم يبق في منطقة سلمية من الثانويات الخاصة حتى الآن سوى ثانوية الحرس القومي .
وكبديل للثانويات الخاصة المغلقة، أخذت تظهر الى الوجود مؤسسات تعليمية جديدة تحت اسم " معاهد " . ونظام التعليم في هذه المعاهد يقوم على تدريس مواد المنهاج الثانوي ككل أو اختيار مواد معينة من قبل الطالب للتقوية فيها ، وذلك للطلاب الذين لايسمح مجموعهم بمتابعة التعليم العام الثانوي، ولايرغبون بمتابعة الدراسة في الثانويات المهنية الرسمية، أو الطلاب الذين يستنفذون فرص الرسوب لسنتين متواليتين في الصف الواحد في الثانويات الرسمية .
بعد الانتهاء من الدراسة في المرحلة الثانوية، كان على الطلاب المقتدرين ماليا، والذين يسمح مجموعهم، الالتحاق باحدى الجامعات الرسمية أو المعاهد الرسمية، أو الالتحاق بنظام التعليم الموازي في الجامعات الرسمية، اذا لم يسمح لهم المجموع ، أو الجامعات الخاصة التي سُمح لها بالعمل خلال السنوات القليلة الماضية اذا كان الطالب من أبناء الطبقة الوسطى الميسورة فما فوق.
مما سبق نستخلص ، أن العامل الرئيس لانتشار التعليم بين مختلف فئات الشعب في المنطقة، يعود جوهريا الى دخول التعليم الابتدائي الى المنطقة منذ الربع الأول للقرن الماضي في الوقت الذي لم تعرف فيه معظم مناطق الريف السوري هذا النمط من التعليم الا مع بداية النصف الثاني من القرن الماضي.
ولاعطاء فكرة واضحة عن المستوى التعليمي في سلمية ومناطقها الرئيسية، نبين الاحصائية التالية التي تعود الى عام 2005:
- التعليم الاساسي 39% من مجموع السكان - التعليم الثانوي 38%
- التعليم ما بعد الثانوي 17% - نسبة الأمية 6 %
واذا ما قارنا نسبة الأمية في المنطقة مع النسبة الوطنية ( عموم سورية )، والتي هي 19% حسب التقرير المركزي للاحصاء لعام 2004 ، ندرك مدى انتشار التعليم في المنطقة ، علما أن نسبة الأمية فيها (6%) تشمل فئات السكان الذين تجاوزوا الخامسة والأربعين من العمر ، وتكاد أن تكون صفرا لفئات السكان الذين هم دون هذا العمر. قد تكون نسبة التعليم ما بعد الثانوي في المنطقة (17% ) متدنية نسبيا عن بعض المناطق في القطر، والسبب الرئيسي هو مستوى الدخل المتدني لأغلبية سكان المنطقة ( حوالي 65% منها)، لأن هذه الشريحة من السكان تعتمد على العمل المأجور في حياتها ، الحكومي والخاص، وعلى العمل الزراعي، وكليهما لايؤمنان دخلا يسمح للأهل بتغطية نفقات الدراسة خارج مناطق سكناهم.
هذه – باختصار - قصة التعليم في سلمية ومنطقتها ، والسر وراء انتشاره أفقيا وعاموديا بين فئات السكان.
مصادر البحث
- كتاب سلمية في خمسين قرنا للأستاذ محمود أمين
- جولة أثرية للأستاذ أحمد وصفي زكريا
- أرشيف المجلس الاسماعيلي
- مقابلات مع بعض المعمرين
04 Feb 2008
0التعليقات