بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على النبي محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين
وعلى إمام الزمان شاه كريم الحسيني علينا منه النور والبركة والسلام
أما وبعد أن قدمنا شيئا عن الدكتور نادر البزري سنقدم نظرته الينا
فكر البروفيسور عظيم ناجي /معهد الدراسات الإسماعيلية:
الدعوة الاسماعيلية النزارية
يشير تاريخ الفرع النزاري للاسماعيلية على تمسكهم بالأهداف الموضوعة من قبل الفاطميين ، وكذلك الى بروز أهداف وسياسات أجد ضمن سياق بيئة متغيرة ومعادية بشكل متزايد ففي ايران - على وجه الخصوص – حيث النفوذ الاسماعيلي كان قد توطد في العهد الفاطمي، كان على الدعوة أن تعمل ضمن ظروف متغيرة بشكل ملحوظ ، ليس بسبب انقطاع الروابط مع القاهرة فحسب ، بل بسبب حضور سلالة السلاجقة الأتراك السنية على مستوى السلطة والعسكري. وفضلاً عن انتشار العداء في المحيط السياسي والعسكري، فإن الدعوة كسابقتها في العهد الفاطمي، أصبحت هدفاً لتهجمات فكرية ودينية قصد منها في أغلب الأحايين تشويه صورتها بشكل سلبي ومحرف عن عمد. لقد نتج عن هذا الأمر آراء متعصبة وأسطورية تتعلق بتاريخ الاسماعيليين وفكرهم. ولاتزال الى اليوم تستخدم مصطلحات تشويهية مثل " الحشاشون " في الكتابات الشعبية غير الأكاديمية، رغم أن العمل البحثي الرصين أدى الى مراجعة معتبرة لوجهة النظر المحرفة هذه ، ولفهم أكبر لتاريخهم وتطلعاتهم .
كانت النقطة المحورية للحركة الاسماعيلية النزارية القلعة آلموت في جبال البورز شمال ايران. لقد استولى على هذا الحصن الداعي حسن بن الصباح سنة 483- 1090 ليصبح مركزاً لعدد متزايد من الحصون التي تم انشاؤها بالوسائل الدبلوماسية والعسكرية. ومع الزمن أصبحت هذه المراكز أماكن لسكنى الاسماعيليين في ايران وسورية التي أقيم فيها نموذج عن هذه الحصون في الجبال الساحلية. عمل حسن بن الصباح – طبقا للتقليد الاسماعيلي - كممثل للإمام، ومنظم لأماكن سكناهم المختلفة. وعملية التدعيم هذه قدمت أساساً لما أصبح فيما بعد الدولة الاسماعيلية النزارية التي ضمت كلاً من قلاع الاسماعيليين الايرانيين والسوريين، والتي حكمت من آلموت من قبل الأئمة الاسماعيليين الذين تولوا الحكم بعد الفترة الأولى من اقامتها من قبل ممثلي الأئمة كحسن بن الصباح. ورغم الضغط المتواصل من السلاجقة، فقد حققت هذه الدولة وجود متنام لأكثر من مئة وخمسين سنة. مع ذلك فان المواجهة مع القوة المغولية المتمددة آلت الى سقوطها، وتخريب حصونها الرئيسية، والى مذبحة عامة وواسعة للاسماعيليين .
إن تاريخ الاسماعيليين النزاريين الذي أعقب تخريب دولتهم وتشتيت قادتهم في ايران ومناطق أخرى، غير معروف كثيراً. ففي سورية ، كما في ايران، بقوا على قيد الحياة بالرغم من الاضطهاد الذي لحقهم. وعلى الأغلب، فان بنيتهم التنظيمية في ايران تماثلت مع نظام الطرق الصوفية التي وطدت نفسها آنذاك في كل العالم الاسلامي. وتتحدث المصادر الاسماعيلية عن تتابع متواصل للأئمة في أجزاء مختلفة من ايران. ففي القرن التاسع / الخامس عشر، ظهرت نشاطات جديدة في جزء من الدعوة نتج عنه نمو إضافي للاسماعيلية النزارية في أجزاء من الهند وآسيا الوسطى، ارتبط بالإمام في ايران عبر نشاطات الدعاة. وعلى العموم، فان الطوائف المختلفة للاسماعيليين النزاريين في ايران وسورية وآسيا الوسطى والهند ظلت معزولة نسبيا، وتتولى حماية نفسها بنفسها لقرون عديدة ، كما ظلت متيقظة لكل تهديد دائم بالاضطهاد.
في القرن التاسع عشر والعشرين ، هاجر الإمام حسن شاه الملقب بآغاخان إلى الهند من ايران. وفي القرن العشرين وتحت قيادة الإمامين الأخيرين، السير سلطان محمد شاه ، آغاخان الثالث (1294/1877-1377/1957)، وشاه كريم الحسيني، الآغاخان الرابع (و. 1936)، لعب كل منهما دوراً قيادياً بارزاً بين المسلمين ، وكذلك في القضايا الدولية، وحقق الاسماعيليون النزاريون نقلة ناجحة إلى الفترة الحديثة في العديد من أصقاع العالم. لقد شمل إعادة تنظيم شؤون الاسماعيليين تطورات في مجالات مختلفة من الصحة والتعليم والحياة الثقافية والاقتصادية ارتبطت – حيثما أمكن - بالأهداف الوطنية، وحديثا، بمجال عالمي أوسع لخلق وعي ذاتي أكبر بين الاسماعيليين و المسلمين الآخرين بالدور الذي يمكن أن يلعبه التراث الاسلامي في الحياة الحديثة.