الخيال ... فن رسم المستقبل (من كتاباتي)

الخيال ..... فن رسم المستقبل

لكل منا خياله, وكل منا يريد أن يؤمن في أعماق روحه بأن لديه موهبة, وأن بامكانه انجاز شيء متميز, كما أنه قادر على أن يؤثر في الآخرين بطريقة خاصة, ويعتقد أن بامكانه المساهمة فيما يمكن أن يجعل هذا العالم مكاناً أفضل. ولابد أن كلاً منا تخيّل في وقت من أوقات حياته نوعية حياة يرغب فيها ويستحقها. غير أن الاحباطات وروتين الحياة اليومية مالبثت أن غطت كل تلك الخيالات بالنسبة للكثيرين منا حيث أننا لم نعد نحاول أن نبذل مجهوداً مهما كان ضئيلاً لتحقيق تلك الأحلام . بل ان تلك الأحلام تبددت بالنسبة للكثرة الساحقة, وتبددت معها ارادتنا للقيام بمحاولة لتشكيل مسار حياتنا, اذ فقد الكثيرون ذلك الحس بالثقة الذي يشحذ الهم.

والخيال ليس بالكلمة السهلة فهناك الخيال السلبي والايجابي والخيال الفراغي والموجّه والخيال العلمي والأدبي والكثير الكثير من الأنواع و سنتحدث عن جميع هذه الأنواع ونبدؤها بالخيال العلمي الذي هو نوع من الفن الأدبي يعتمد على الخيال حيث يخلق المؤلف عالماً خياليا أو كونا ذو طبيعة جديدة بالاستعانة بتقنيات أدبية متضمنة فرضيات أو استخدام لنظريات علمية فيزيائية أو بيولوجية او تكنولوجية أو حتى فلسفية . من الممكن أن يتخيل المؤلف نتائج هذه الظواهر أو النظريات محاولاً اكتشاف ما ستؤول إليه الحياة و متطرقا لمواضيع فلسفية أحيانا . و قد تتناول موضوع القيم في عالم جديد مختلف . ما يميز أدب الخيال العلمي أنه يحاول ان يبقى متسقا مع النظريات العلمية و القوانين الطبيعية دون الاستعانة بقوى سحرية أو فوق طبيعية مما يجعله متمايزاً عن الفانتازيا.

في فترة مضت تخيل بعضهم مدينة فاضلة مثل الفارابي وتخيل الآخرون المدن الفاسدة وأتت بعد ذلك كتابات خيالية كثيرة ويعتبر القرن التاسع عشر قرن الخيال العلمي فقد سادت أفكار وعقائد تمجد مكانة العلم وتعتبر العلم كفانوس علاء الدين باستطاعته حل كافة المشكلات التي تواجه البشرية وهو المحرك الجوهري لأي تغير في المجتمع.

وهذا مهد لظهور المؤسس الحقيقي للخيال العلمي الأول الروائي الفرنسي (جول فيرن) الذي استطاع في أعماله ورواياته العلمية التي جاوزت الثمانين أن يصف رحلات خيالية غير عادية إلى مجاهل الأرض وفضائها، وكانت له إبداعات مؤثرة في مقدمتها: خمسة أسابيع في المنطاد , رحلة إلى مركز الأرض, من الأرض إلى القمر, عشرون ألف فرسخ تحت الماء... إلخ. فكان لهذه الروايات الدور الأعظم في تفجير طاقات الوعي الاجتماعي بالعلم والتكنولوجيا لدى الجماهير العادية، وقربت إلى خيالاتهم الإمكانات العجيبة التي يمكن للعلم أن يقوم بها في المستقبل.

كما يعتبر ويلز من أشهر الكتاب الإنكليز في الخيال العلمي, والذي يعتبره البعض المؤسس الحقيقي للخيال العلمي الحديث. ومن أشهر رواياته وأعظمها على الإطلاق هي آلة الزمن عام 1895م, تلاها الرجل الخفي عام 1897م. وتأتي أيضاًَ ضمن مؤلفاته حرب العوالم عام 1898م، وآخرها كان أول أناس على القمر عام 1901م.

ومن أشهر كتاب الخيال العلمي في الغرب إسحاق أسيموف و راي برادبوري و آرثر سي كلارك.

وهذا يؤدي بنا للقول الى أن الخيال العلمي هو أداة لتحريك الطاقات الكامنة في العقل كي يخلط بين الحقيقة والخيال فهو بذلك قادر على رسم مستقبل الناس، وفي تفتيح أذهانهم وتوسيع خيالاتهم لإدراك أهمية التطورات العلمية في المستقبل وما تحمله تلك التطورات من ايجابيات وسلبيات .

فالخيال كان أساس العلم الحديث وجذوره، حيث حاول الإنسان أن يحول الخيال إلى واقع ثم نفذه. فالأجهزة القديمة قبل ان نراها في شكلها الحالي قد مرّت بالعديد من الأشكال المتخيلة وأيضاً النظريات الكبرى في العلم فقد سبقها الخيال أيضاً.

فالخيال يمكّننا من رسم المستقبل البعيد فعندما تزيد مساحة الخيال وعند نضج دراسته يصبح للخيال علم عند الانسان يستطيع أن ينميه أو يوجهه للخير والفائدة العظمى وهذا يعمل على تهذيب ورقي علماء المستقبل ورفدهم بالأخلاق ودفعهم نحو العلم المفيد بعيداً عما وصلنا اليه الآن من استغلال لهذا الخيال في أمور منافية لأخلاق العلم.

ومن المفيد أيضاً أن نشير الى موضوع فصل الخيال عن الخرافة وهي السم القاتل للخيال العلمي ويمكننا أن نستعين بتعريف كارل بوبر "بأن الخيال العلمي هو ما يقبل من الناس وأن أهم خواص المنهج العلمي في التفكير هو وجود العقل الناقد الشكاك".

مما سبق يمكننا استنتاج أن للخيال ارتباط كبير بتقدم العلم وفتح الآفاق الواسعة له والخرافة استعملها الإنسان في دثر الفجوات الهائلة في المعرفة واستغلها القادة والحكام في السيطرة على الشعوب و كانت الخرافة هي الطريقة الأساسية لعلاج العديد من الأمراض، وأيضاً الايمان القديم بمواضيع الآلهة والقرابين وغير ذلك، وقد انتشرت الخرافة عبر السنين وعبر الأجناس البشرية وظهرت بمظاهر مختلفة, وأصبحت وسيلة لكبت الآراء المعارضة بل واستعملت أيضا في إرهاب العلماء وظهرت أنواع عديدة الخرافات مثل قراءة الفنجان و الكف والسحر والشعوذة إلى حد ما، ولكن ظهرت بكل أسف مجموعة جديدة من الخرافات تتمسح بالخيال العلمي ويمكن وصفها بالعلم الزائف.

فلكل خيال علمي بالمعنى الحديث الدقيق خيال علمي زائف يواجهه، فللجولوجيين قصص القارات المختفية، وللفلكيين التنجيم، ولعلماء الأنثروبولوجي اكتشافات مزعومة للرجل القرد أو رجل الثلوج وللبيولوجيا توجد قصص وحوش البحيرات، ولعلماء الفضاء أساطير الأطباق الطائرة، والزوار من الفضاء الخارجي. فالتمييز بين الخيال العلمي الحقيقي والخيال العلمي الزائف (الخرافة) مسألة في منتهى الأهمية.

ولايمكننا نسيان الخيال الأدبي خيال الأم التي تنادي ابنها والأخت التي تنادي أخاها, خيال الذكريات الجميلة والصور الرائعة, هو لغة الحجر والشجر لغة العصافير لغة البحر الهادر و الورد الهادئ هو سكون الليل وصخب النهار هو فرح الأطفال بالعيد وصمود الأبطال في المعارك, هو بكاء الشعراء على الأطلال , وصرخة الحبيب لحبيبته.

لا يمكننا وصف الخيال الأدبي لأنه رفيقنا الدائم أينما كنا نعبر به عن فرحنا وحزننا, شقائنا وسعادتنا, نجاحنا وفشلنا, من الصعب قياسه أو مقارنته فهو الابداع في التعبير عن الذات ليرتقي الانسان فيه لمحاكاة ما حوله من جمال الطبيعة.

اقتباس :: لا يمكننا وصف
الخيال الأدبي لأنه رفيقنا الدائم أينما كنا نعبر به عن فرحنا وحزننا,
شقائنا وسعادتنا, نجاحنا وفشلنا, من الصعب قياسه أو مقارنته فهو الابداع
في التعبير عن الذات ليرتقي الانسان فيه لمحاكاة ما حوله من جمال الطبيعة.

ولا يمكننا وصف حضورك الرائع بيننا وابداعك المتميز
نطمع بالمزيد فهل انت مجيب

تقبل مروري صباح الخير

عزيزي نسيم الصباح أشكر كلماتك فههي بالفعل نسمة في الصباح .. أرجو أن أكون خفيف الظل بمروري المتواضع
تقبل تحياتي

أخ محي الدين مشكور من القلب على ما تقدمه من طروحات لمواضيع قيمة ورائعة

تقبل مروري

اخي محي الدين هل لنا ان نطلب المزيد

أشكركم على مشاعركم الصادقة فيما اكتب فأنتم تمثلون لي مداد قلمي تحياتي الى ابناء سلمية الغوالي على قلبي
اشتقت كتير لترابا

مشكور كتير على حضورك الرئع وعلى مساهمتك الجميلة
تحية لشخصك الكريم

» كتاباتي...
» حب الناس أهو سحر.. أم سر؟ (من كتاباتي)
» قل لي كيف تجلس ؟ .. اعرفك من أنت................(كتاباتي)
» في الطريق نحو المستقبل
» دليلك إلى معرفة طباع الناس وأخلاقهم...(من كتاباتي)