بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد
الأخ شمس الدين فاضل
أردت أن أشكركم بتقديم هذه المعلومات عن
الإمام الحسين بن علي
البروفسور عظيم ناجي
هذه النسخة ترجمة منقحة عن مقالة نشرت أصلاً في موسوعة الحضارة الإسلامية في القرون الوسطى، المجلد 1 صفحة 339- 340، تحقيق جوزيف و. ميري، روتليدج (نيويورك – لندن، 2006).
موجز
كان الإمام الحسين بن علي حفيداً للنبي محمد وابن الإمام علي وابنة النبي فاطمة. ويعتبر أحد الأئمة الأوائل للشيعة، وإن رفضه تقديم البيعة للخليفة الأموي يزيد، الذي قاد إلى وفاته وإعمال السيف في أسرته ومناصريه في كربلاء عام 680 م، قد خلّده في مخيلة المسلمين -وخاصة الشيعة- كأحد أعظم شهداء الإسلام.
Download PDF version of article 30 KB
الكلمات الأساسية
الشيعة، الأمويون، كربلاء، البيعة، العلويون، الحج، عاشوراء، روضة- خاني، الشهادة، التعزية، الحسينية.
ولد الإمام الحسين في المدينة عام 626 م، وأحيط طفلاً برعاية كبيرة من النبي محمد. وشارك وهو شاب، في أعمال والده، الإمام علي، بما فيها حملاته العسكرية. وبعد وفاة والده عام 661 م وفي مواجهة قوة معاوية، بقي الإمام الحسين يتصرف بهدوء، وكذلك تجاهل التهديد بالقوة من قبل معاوية، فلم يبحث عن التحريض على التمرد. على أية حال، عندما أراد معاوية تنصيب ولده يزيد كخليفة، وبذلك يؤسس لحكم الأسرة الأموية، امتنع الإمام الحسين عن تقديم البيعة. فدعاه هل الكوفة لمقاومة يزيد وقبول تولّي القيادة، التي اعتقدوا أنها من حقه. واستجابةً لدعوتهم، غادر الإمام الحسين – مع مجموعة صغيرة من أتباعه وأعضاء أسرته – مكة إلى الكوفة. وفي طريقه، علم بإعدام بعض من أنصاره المقربين من قبل الأمويين وقرر حثّ أعضاء مجموعته الذين لا يريدون وضع حياتهم تحت الخطر على العودة طوعياً. وتابع طريقه إلى الكوفة مع بقية المجموعة، وعسكر في مكان يدعى كربلاء. في أثناء ذلك، وصلت مجموعة من جيش يزيد تبلغ حوالي أربعة آلاف مقاتل إلى مكان الواقعة وأمرت الجماعة الصغيرة بالامتثال لسلطة يزيد بينما قطعت عليهم الوصول إلى نهر الماء أيضاً.
المواجهة النهائية، كما سجلها المؤرخون المسلمون، كانت القصة المأساويةً، قصة تطويق ومذبحة الإمام الحسين وجيشه الصغير، الذي قيل إن عدده اثنان وسبعون رجلاً. قاتلوا بشجاعة، ولكن تم التغلب عليهم سريعاً، وذبح الإمام الحسين، وأخوه، وبعض أقربائه المقربين. وقد أُخذ رأس الإمام الحسين إلى دمشق ليعرض أمام يزيد وحاشيته.
أحداث كربلاء ووفاة الإمام الحسين حفزت المعارضة ضد الأسرة الأموية وحشدت الدعم حول أسرة الإمام الحسين وسببت عموماً ظهور العلويين. أما ابن الإمام الحسين، علي (المعروف أيضاً بالإمام زين العابدين)، الذي نجا من المعركة، فتسلم دور القائد والإمام لأتباع الحسين، وهكذا تبلورت بشكل أكبر هوية شيعية خاصة.
ومع أنه توجد روايات مختلفة أيضاً بخصوص المكان الذي أُخذ إليه رفاة الإمام الحسين، فإن الاعتقاد السائد أنه دفن في كربلاء، حيث مع الوقت، بُني ضريح لتخليد ذكراه. إن الضريح في كربلاء هو مركز الحج الأكثر زيارةً في الإسلام الشيعي بعد الكعبة. إنه مركز للصلوات، والولاء، والطقوس المرتبطة بذكرى الإمام الحسين وموته، الذي يُحيى بشكل خاص وحماسة ومشاعر دينية كبيرة خلال العشرة الأيام الأولى من محرم، المعروفة بعاشوراء.
مظاهر الولاء خلال عاشوراء قد نشأت لتمثيل طقسين تعبيريين أساسيين. يعرف الأول بروضة- خاني، ترتكز فيه الخطب التي تلقى على قصة كربلاء، وخلال فترة الأيام العشرة، يوضع السرد الرسمي للأحداث في سياق التفسير الشيعي للتاريخ الإسلامي، مع تركيز خاص على مفاهيم الاضطهاد، والمعاناة، والمقاومة، والشهادة. أما الطقس التعبيري الرئيسي الآخر، فتطور بشكل متأخراً كثيراً في التاريخ ويعرف بالتعزية، وهو شكل من التمثيل العاطفي يحيي أحداث كربلاء. خلال هذه الطقوس، يعبر بعض المشاركين عن ألمهم الداخلي من خلال أفعال الضرب على الصدر والجَلْد. مواكب التعزية يمكن أن تطبق بشكل كبير وبأسلوب معين وربما تتضمن أشكالاً من تمثيل نعش الإمام الحسين وحصان دون فارس.
حياة الإمام الحسين ووفاته، تُستحضر في قصائد خاصة للذكرى تؤلف لإبراز مواضيع أساسية مثل، العدالة، والولاء، والشجاعة في مواجهة الظلم. وقد تطور إلقاء هذه القصائد، مترافقاً مع الموسيقى، إلى شكل خاص أيضاً. ومع أن جزءاً هاماً من التركيز على هذه التعابير وُجدَ في الحياة الأدبية والثقافية الشيعية أيضاً، فإن نموذج الإمام الحسين قد انتشر في كل فترات التاريخ، والفكر، والثقافة الإسلامية، وقد تجاوز الاختلافات الجغرافية والعرقية. وقد ظهرت الأضرحة، المساجد، وأماكن الذكرى عبر العالم الإسلامي. وبنيت لدى الشيعة أماكن خاصة تدعى الحسينيات لإحياء ذكرى عاشوراء وعقد الندوات لتذكر الأئمة الآخرين والشهداء.
في حالات الصراعات والحروب التاريخية، غالباً ما استخدمت أسوة الإمام الحسين لكسب الدعم لأسباب سياسية ودينية خاصة. ظهر هذا في تخصيص قصة كربلاء، مثلاً، خلال الثورة الإيرانية عام 1979 م وخلال الصراعات الحديثة في العراق. على أية حال، أكثر جوانب حياة الإمام الحسين استمراريةً هي تلك التي تتابع حثّ المسلمين على: الإيثار والقيادة، والالتزام، والشجاعة في مواجهة الظلم، وفوق كل ذلك، الولاء لله ولقضية الإسلام.