أريد أن أكون أماً !
بعد سبعة عشر سنة من الزواج أرادتني زوجتي الخروج مع امرأة أخرى للعشاء , فقالت : أنا أحبك ولكن اعلم بأن هنالك امرأة أخرى تحبك أكثر مني , وتتمنى بأن تقضي بعض الوقت معك....
هذه السيدة الأخرى التي تتمنى مني زوجتي الخروج معها كانت أمي , والتي كانت لوحدها لمدة 20 سنة , لأن عملي وحياتي مع زوجتي وولدي جعلوا من أمر زيارتها صعبا في كثير من الأوقات , إلا في المناسبات ...
في تلك الليلة اتصلت بها حتى أدعوها للخروج والعشاء . وحين سمعت صوتي سألتني بلهفة الأم: هل من خطب يا بني , هل أنتم بخير ؟....
فأجبتها, أنني أريد أن أخرج للعشاء برفقتك , فقط نحن الاثنين , فكرت للحظة ثم أجابت , أود ذلك كثيرا يا بني .
يوم الجمعة وبعد عملي مررت إليها , كنت متوترا بعض الشيء , وصلت إليها لأجدها تنتظرني مع القليل من التوتر , كانت قد صففت شعرها وارتدت الثوب الذي أهديتها إياه في آخر عيد ميلاد لها...
نظرت إليها فابتسمت بوجهها الملاكي , وفي السيارة أخبرتني بأنها أخبرت جيرانها وأصدقائها عن هذا الموعد الذي جعلها سعيدة جدا ....
وفي المطعم , أمسكت بالقائمة ورحت أحدق بها , بينما كانت عيناها تحدقان بي , نظرة مليئة بالحب والحنان , وقالت ..منذ زمن بعيد كنا نأتي إلى المطعم لأمسك بالقائمة وأقرأ , والآن أنت تقوم بهذه المهمة يا بني, بابتسامة...
أثناء العشاء , لم يكن هنالك من أحاديث غير عادية , كلها كانت تدور عن حياة كل واحد .. وكم من الوقت تغيبنا عن بعضنا البعض بسبب مشاغل الحياة ...
وحين أوصلتها للبيت أخبرتها برغبتي للخروج معها ثانية , فقالت بالطبع أود ذلك ولكن هذه المرة أنا التي سأدعوك للعشاء , فأجبتها بابتسامة ...
كيف كان موعد العشاء ؟ سألتني زوجتي , لقد كان أروع وأجمل مما توقعته على الإطلاق...
بعد عدة أيام توفيت أمي بسبب نوبة قلبية بحيث لم أتمكن من فعل أي شيء لها ..
استلمت بعد فترة ظرفا , وفيه دعوة من نفس المطعم الذي تناولنا العشاء فيه سوية أنا وأمي , وفي الظرف كان هنالك ورقة صغيرة " بني لقد دفعت سلفا للعشاء في المطعم لي ولك ولزوجتك وأطفالك , لم أكن متأكدة من إنني سأكون معكم ... بني"
لا يمكن أن تتخيل كم كنت سعيدة معك في تلك الليلة يا بني....
أحبك جدا....بني.
في تلك اللحظة فهمت جدا أهمية كلمة " أحبك " وكم من المهم أن نعطي من نحب ومن يحبوننا بعض الوقت في الحياة , لا شيء في الحياة أهم من عائلتك , أعطهم بعض الوقت الذي يستحقونه , لأن بعض الأشياء لا يمكن أن تؤجل إلى وقت آخر...
بعض الناس يقولون " ستة أسابيع وتتمكن الأم من العودة لوضعها الطبيعي بعد إنجاب طفلها وهم لا يدرون أنه لا يمكن أن تكون الحياة طبيعية من دون هذا الطفل "
بعض الناس يقولون " أن تكوني أما هذا بالغريزة...هم أشخاص اعتادوا التسوق من عمر الثالثة "....
بعض الناس يقولون " أن تكوني أما هذا شيء ممل....شخص ما يقود سيارته برفقة مراهق "...
بعض الناس يقولون " لن تحبي طفلك الثاني مثل طفلك الأول ..بعض الناس الذين ليس لديهم أولاد "...
بعض الناس يقولون " أصعب جزء في الأمومة حين تسلم الأم ولدها للحياة ... بعض الناس الذين لم يروا أبدا الأم وهي تودع طفلها في باص المدرسة أو حين يودعها ولدها وهو ذاهب لخدمة الجيش"....
بعض الناس يقولون " لا يمكن للأم أن تكف عن القلق على أولادها حتى بعد أن يتزوجوا ....هم بعض الناس الذين لا يعلمون أن هذا الزواج سيضيف ابن أو ابنة إلى هذه العائلة "....
بعض الناس يقولون " مهمة الأم تنتهي بمغادرة آخر الأبناء البيت ... بعض الناس الذين ليس لديهم أحفاد "....
شخص ما قال " الأم تعرف أنك تحبها لذلك لا حاجة حتى تخبرها بذلك....شخص ما ليس أما "
ليس هنالك أجمل....منأن تكوني أما .