العلاقة السببية بين الفعل والنتيجة الجرمية

aيجب أن نضع معيار للعلاقة السببية وفيما إذا كانت هذه العلاقة تقوم بين الفعل والنتيجة الجرمية لمجرد كونه عاملاً أياً كان من عواملها... أم أنه يتعين أن يكون ذا أهمية خاصة؟.. اختلفت آراء الفقهاء في هذا الشأن: فذهب رأي إلى الاكتفاء بمجرد كون الفعل أحد عوامل النتيجة.. وذهب آخر إلى اشتراط كونه ذا أهمية خاصة، ويمثل أنصار الرأي الأول مذهب التعادل بين الأسباب (
eguivalence des condilions) أما القائلون بالرأي الثاني فينكرون هذا المذهب. وقد اجتهد الشارع السوري في صياغة معيار عام لعلاقة السببية، فنصت المادة 203 / عقوبات على أن «الصلة السببية بين الفعل وعدم الفعل.. إلخ. ونص المادة / 203 / تكملة المادة / 554 / من قانون العقوبات التي تقرر أنه «إذا كان الموت والإيذاء المرتكبان عن قصد أو غير قصد نتيجة عدة أسباب جهلها الفاعل وكانت مستقلة عن فعله أمكن تخفيض العقوبة بالمقدار المبين في المادة 199 من ذات القانون». (ونرى بأن هذا النص أن المادة / 199 / يقرر حكماً يصلح للتطبيق على كل جريمة قصدية.. أو غير قصدية تتطلب فيها علاقة السببية، ولذلك كان من الأفضل إيراده في صورة عامة وإدراجه في القسم العام وعقب المادة 203 عقوبات).

ويقتضي تحديد موضع المعيار الذي تبناه الشارع السوري بين النظريات المختلفة في السببية.. ومن هذه النظريات تعادل الأسباب ونظرية السببية الملائمة، وقد تبنى الشارع نظرية تعادل الأسباب، أي اجتماعها. وهذا النص في تقديرنا هو تأصيل وتقنين للنتائج التي تقول بها هذه النظرية، فقد وضع الشارع السوري قاعدة عامة قرر بها أن مساهمة عوامل أخرى من فعل الجاني في إحداث النتيجة الجرمية لا تنفي علاقة السببية بينهما، وهو لم يحدد شروطاً في هذه العوامل التي لا ينفي تدخلها علاقة السببية، بل على العكس من ذلك فقد صرح بأنه سواء كون هذه العوامل سابقة.. أو مقارنة، أو لاحقة للفعل، وصرح كذلك بأنه سواء علم الجاني بهذه العوامل أو جهله بها، وفي النهاية سواء كونها ناتجة عن فعل مرتبطة به أو مستقلة عنه: فهي في جميع هذه الأحوال تبقى علاقة السببية متوافرة. ويعني ذلك أنه يكفي لتوافر هذه العلاقة بين فعل الجاني والنتيجة الجرمية أن يكون قد ساهم بنصيب أكبر من أحداثها، وكل ذلك إقرار لمنطق نظرية تعادل الأسباب والتطبيقات التي يفضي إليها.
وتتضمن الفقرة الثانية من المادة / 203 / تأكيداً لإقرار الشارع نظرية تعادل الأسباب: فهذا النص يقرر انتفاء علاقة السببية بين الفعل والنتيجة الجرمية لأحداث هذه النتيجة. ويفترض الشارع في هذا ا النص أنه أعقب ارتكاب الفعل طروء عامل يبتدئ تسلسلاً سببياً متجهاً إلى ذات النتيجة فيفضي إلى أحداثها. والغرض في هذا التسلسل أمران: أنه مستقل عن الأول فلم يكن أثراً له، وكان يتحقق بفاعليته السببية الخاصة دون أن يكون للتسلسل الأول نصيب من المساهمة في ذلك، أن هذا العامل قد نفى أن يكون للفعل دور في إحداث النتيجة، فهو ليس من عواملها.. ومن ثم تكون علاقة السببية طبقاً لنظرية تعادل الأسباب غير متوفر بينهما وأوضح مثال لذلك أن يصيب شخص آخر بجراح خطيرة ثم يذهب المصاب إلى بيته كما كان يفعل لو أنه لم يصب بها ثم أثناء نومه عدو ثان له.. ولا صلة له بالأول فيقضي عليه.
وقد اعترف الشارع بالعلاقة السببية بين الامتناع.. والنتيجة الجرمية وهذا الاعتراف صريح بنص المادة 203 من قانون العقوبات التي افتتحها الشارع بقوله «إن الصلة السببية بين الفعل وعدم الفعل من جهة وبين النتيجة الجرمية من جهة ثانية لا ينفيهما اجتماع أسباب أخرى.
فهذا النص يسوى من حيث القيمة السببية بين الفعل وعدم الفعل (أي الامتناع فكل منهما يصلح لأن تقوم بينه وبين النتيجة الجرمية صلة السببية. وقد أحال الشارع بعد ذلك في تحديد علاقة السببية بين الامتناع والنتيجة الجرمية إلى ذات المعيار الذي تتحدد على أساسه هذه العلاقة بين الفعل الإيجابي والنتيجة الجرمية.
فإذا تحقق لدينا أنه لو أتى الجاني ذلك الفعل لما حدثت النتيجة الجرمية، فمعنى ذلك أن هذا الفعل سبب لعدم حدوث النتيجة، فإذا كان من شأن إرضاع الأم طفلها ألا تحدث وفاته.. فمعنى ذلك أن عدم إرضاعه هو سبب وفاته. وهذا الضابط الذي يقودنا إلى إثبات سببية الامتناع هو بذاته الضابط الذي يتيح إثبات توافر العلاقة السببية بين الفعل الإيجابي والنتيجة الجرمية وفقاً للنظرية التعادل بين الأسباب، وذلك مصداق ما قدمناه من إقرار الشارع بالمساواة بين الفعل الإيجابي والامتناع من حيث القواعد التي تحدد القيمة السببية لكل منهما.
رأي فقهي..........
الزميل والصديق الغالي :المحامي وسيم ياسين
..............................................
ربما تطفئ في ليلي شعله
ربما أحرم من أمي قبله
ربما يشتم شعبي وأبي، طفل، وطفله
ربما تغنم من ناطور أحلامي غفلة
ربما ترفع من حولي جداراً وجداراً وجدار
ربما تصلب أيامي على رؤيا مذله
يا عدو الشمس.. لكن.. لن أساوم
وإلى آخر نبض في عروقي.. سأقاوم

» إشكالية العلاقة بين الرواية- والسيرة الذاتية
» العلاقة بين الغذاء والمزاج وتأثيرها على صحه الفرد
» ما هي العلاقة بين سرطان الثدي وهشاشة العظام؟