إشكالية العلاقة بين الرواية- والسيرة الذاتية
إشكالية
العلاقة بين الرواية والسيرة الذاتية، والتناص الواقع بينهما، مثار جدل
تناولته أقلام النقاد في العديد من البحوث والدراسات، فهناك نقاد يرون أن
العناصر المشتركة بين الرواية والسيرة الذاتية غير كافية حتى نطلق على
رواية ما أنها رواية سيرة ذاتية، لأنها سوف تفقد -أي الرواية- ميزاتها
وترابطها واستقلالها.
وهناك من يؤمن بوجود تعالقٍ بين الرواية والسيرة
الذاتية يرتبط أساساً بالصلة بين عالم الكاتب الواقعي وعالم السرد
المتخيل، فتأمّل حياة الكاتب، بما يعتريها من إخفاقات ونجاحات وتماس مع
آلام وأحلام البشر كل ذلك عمل على الاعتقاد بأن الكتابة الأقرب إلى ذائقة
الكاتب تعتمد على سرد وقائع تنتمي بدرجة أو بأخرى إلى حياته الشخصية.
إن الرواية العظيمة عالمها غني ومتنوع وربما يكون شديد التعقيد، من ثم فإن كتابتها تتطلب معرفة وتجربة في إعادة خلق الواقع وتشكيله.
فبقدر
ما كانت الشخصية مقنعة بقدر ما اكتسبت وجودها الواقعي «الفني الجمالي» وما
أكثر الشخصيات التي اكتسبت حضوراً ووجوداً واقعياً مثل «دون كيخوته»
و«هاملت» و«مدام بوفاري» و«سانتياغو» و«مصطفى سعيد».. الخ.
إن الروائي،
في أحايين كثيرة، يستعين بسيرته الذاتية في شخوصه الروائية، وكأن هذا
الوجود خفي وموزع في جوانب الرواية كلها، أي أنه ذائب في كل جزء دون أن
يعلن عن نفسه، ومع ذلك يمكن إدراكه وتمييزه، فالروائي الذي يتقن صنعته
يستفيد من تجاربه في الحياة ويسرِّب جزءاً مما عاشه إلى الرواية... لكن
على الراوي أن يكون شديد الحذر حين يستعين بسيرته الذاتية «بحسب ما ذكره
الروائي عبد الرحمن منيف في كتابه رحلة ضوء».
ويشير الكاتب نبيل غالي،
في دراسة له عن أصداء رواية السيرة، إلى قول الناقد أحمد ناهد عن شيوع
كتابة رواية السيرة الذاتية: «ينبغي بادىء ذي بدء أن نعترف أن الكثير مما
يكتب في الآونة الأخيرة هو كتابة من هذا النوع، وخاصة في الولايات المتحدة
الأمريكية، ومن الأسماء البارزة في هذا المجال «فيليب روث» فأبطاله
روائيون في الغالب ويدعون أحياناً بفيليب روث أيضاً».
وفي الأدب العربي
يمكن أن نشير إلى غالب هلسا، تحديداً، لأنه يكاد يكون بطل معظم رواياته
غير بعيد عن تجليات السيرة الذاتية في الأدب، إن هذه التجليات وجدت مناخات
لها في السينما أيضاً، فعلى صعيد ذلك في السينما العربية وعلى سبيل المثال
نجد تجارب يوسف شاهين من خلال فيلميه «اسكندرية ليه» و«المصير»، ومن
الأفلام السورية «أحلام المدينة» و«الليل».