ثانياً- الزكاة:
ورد مصطلح الزكاة في القرآن الكريم، قال تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌلِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}( ). وقوله تعالى: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا}( ).ومعنى الزكاة في الشرع اسم "للصدقة" الواجبة من المال( ) لأن فاعلها يزكو بفعلها عند الله سبحانه وتعالى، ويصير من الطاهرين المطهرين، ويومئ إلى هذا المعنى قوله تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} ( ). والزكاة واجبة بحكم القرآن( )، وقد فسرها الماوردي( )، ومعنى قوله سبحانه ((تطهرهم وتزكيهم بها)) أي تطهر ذنوبهم، وتزكي أعمالهم. وهي فرض فرضه الله تعالى على عباده، قائلاً: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌلِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}( )
أمّا الزكاة في الدولة الفاطمية، وهي تعد أحد النظم المالية فيها حيث لم يدخل الفاطميون أي تعديل عليها فقد نص عليها بالقرآن الكريم والسنة النبوية، حيث عدّ هذا العمل واجباً دينياً المراد به التقريب لله (عزّ وجل). وقد اختلفت الموارد المالية للزكاة، الواردة لبيت المال، باختلاف السنين، باختلاف الاوضاع المالية للناس، لكنها –على كل حال- غذت إيرادات الخزينة، كمورد مهم من الموارد المالية للدولة. ولم تذكر لنا المصادر على مدى حكم الفاطميين لأكثر من قرنين من الزمان المبالغ المتحصلة من الزكاة ولكن هناك إشارة في نهاية الدولة الفاطمية حيث كان أول من جبى الزكاة بمصر سنة 567هـ/1171م
وحدد ابن مماتي في جدول جامع ماتجب فيه الزكاة ومصارفها وما لم تجب فيه( )، مع ملاحظة أن تقسيم الزكاة منصوص عليه وليس للائمة اجتهاد فيه( ).
اعتاد الناس بدفع الزكاة ومبالغها إلى المستفيدين منها مباشرة دون تدخل الدولة أو وساطتها في ذلك إلا أن المقريزي يذكر لنا أن صلاح الدين وزير الخليفة الفاطمي أصدر سجلاً بعد وفاة الخليفة أمر فيه أن تدفع الزكاة على الوجه الشرعي المأمور به من الله (عز وجل)( ).
وهناك ما يعرف بالفطرة (النجوى) التي كان على الدعاة الإسماعيليين أن يدفعوها للحكومة الفاطمية عن طريق الداعي أو نقبائه، ومبلغها ثلاثة دراهم وثلث، فيجتمع في ذلك الشيء الكثير، يحمله الداعي إلى الخليفة بيده بينه وبين الخليفة، وأمانته في ذلك مع الله تعالى، فيفوض الخليفة منه ما يعينه لنفس ولنقبائه، وأن من بين الإسماعيلية الممولين من يحمل ثلاثة وثلاثين ديناراً وثلثي دينار على حكم النجوى وبصحبتها رقعة مكتوبة باسمه فيتميز في المحوَّل وتعود إليه وعليها خط الخليفة ((بارك الله فيك وفي مالك وولدك ودينك))( ) فيدخر ذلك ويتفاخر به.