الخراج:
ورد مصطلح الخراج في القرآن الكريم، قال تعالى: { أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ } . وقوله تعالى : {إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ} . وقوله تعالى: {وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ} .
أمّا في عهد الدولة الفاطمية فيعد الخراج أحد النظم المالية، وما أدخلته عليها من تغييرات، فقد اختلفت موارد الدولة الفاطمية وتنوعت مصادرها حيث كانت تأتي أولاً من ضريبة الأرض التي فرضت على مساحة الأرض وهي تشمل على المال الذي يجبى كل سنة على الأرض المزروعة وعلى الواجبات العينية من غلة ونخل وكروم وفواكه وأغنام ودجاج وشهد وغيرها من منتجات القرية.
ويشكل الخراج أهم واردات بيت مال الدولة الفاطمية فهو عماد ثروتها. وقد بدا أكثر وضوحاً في مصر منه في المغرب بعد ما جعل الخليفة الفاطمي المعز لدين الله (341-365هـ/951-975م) مسألة الإشراف على الشؤون المالية ليعقوب بن كلس وعسلوج بن الحسن، فاستهلا عملهما بدعوة الرعية لاستثمار الأراضي التابعة للدولة وسائر وجوه أعمالها وتهيئة مستلزمات تضمينها والضرب على أيدي المتهاونين من المالكين للأراضي والمضمنين والعمال ممن تأخروا في دفع مابقي عليهم من أموال الدولة
يذكر لنا أحد المؤرخين أنه عند مجيء الفاطميين الذين أتوا من بلاد المغرب وفتحوا مصر "جبى القائد جوهر الخراج لسنة ثمان وخمسين وثلاثمائة (358هـ/968م)، ثلاثة آلاف الف دينار وأربعمائة الف دينار ونيفاً". وفي الوقت ذاته ذكر لنا المقريزي: أنه بلغ خراج مصر في تلك السنة ثلاثة آلاف ألف دينار ومائتي الف دينار. وعلى الرغم من اختلاف الروايتين فيما جباه الفاطميون عند دخولهم مصر مباشرة، فالظاهر في الأمر مبالغة لاضطراب الأوضاع يومذاك. هذا وقد جعل الخليفة المعز لدين الله جباية الخراج قسمين، حين وضع إحداهما بيد علي بن محمد بن طباطبا وعبد الله بن عطاء، ووضع القسم الثاني بيد الحسن بن عبد الله والحسن بن أحمد الروذبادي، حيث يعمل هؤلاء جميعاً تحت إشراف يعقوب وعسلوج.
كان من الطبيعي ان تلتفت الدولة الفاطمية إلى موضوع الخراج وأهميته لمالية الدولة، فتعيد ترتيب أوضاعه، وتدقيق حساباته انسجاما مع الوضع الجديد، فبعد أن بدأت الأوضاع بالاستقرار نوعاً ما، أبطل الخليفة المعز لدين الله نظام الضرائب القديم وأنشأ نظاماً جديداً لتقدير أملاك الفلاحين وذلك بتحديد الضرائب المفروضة على أراضيهم وجمعها في مكان واحد، وتشدد في جباية ما تأخر عنها