تكلم البروفسور إيريك أورمسبي، مدير المكتبة في معهد الدراسات الإسماعيلية، عن نماذج من صور للعمارة الإسلامية في متحف فيكتوريا وألبرت في لندن. وكانت هذه المحاضرة إحدى فعاليات أسبوع خاص بالعمارة هو" اليوم المفتوح لقاعات الدراسة في متحف فيكتوريا وألبرت والمعهد الملكي للمعماريين البريطانيين" RIBA، والذي يعد جزءاً من المبادرة المتواصلة في المتحف والمسماة "التيارات المتناوبة: حوارات في العمارة الإسلامية".
الصورة الأولى التي اختارهـا البروفيسـور أورمسبي كـانت لمسـجد عمر أو قبة الصخـرة في مدينة القدس. وهـو بنـاء تم إنشـاؤه بين عـامي 687 و691 للميلاد في عهـد الخليفـة الأموي عبد الملك بن مروان. وكأول نموذج عن معلم معمـاري يبنيه المسـلمون، كـان مـوقع المسـجد ذا أهمية لكل من المسـلمين واليهـود والمسـيحيين. فالمسـلمون يعتقدون أن الموقع كـان المكـان الذي صعد منه النبي محمد إلى السـماوات، وهـو مـا يعرف باسـم المعـراج. أمـا بالنسـبة لليهـود فالمعتقد هـو أن مـوقع الصخـرة هـو المكـان الذي كـان فيه النبي إبراهيم على وشـك التضحية بابنه. ومن حيث العمارة، يبدو أن المسـجد صُـمّمَ على نسـق كنيسـة القيـامة المجـاورة في القدس.
الصورة الثانية التي ناقشـها البروفيسـور أورمسـبي كـانت للمسـجد الأموي الكبير في دمشـق، الذي بُـني عـام 715 للميلاد. قبل بنـاء هذا المسـجد كـان هنـاك كنيسـة بيزنطية في ذات الموقع التي بدورهـا كـانت بُـنيت في مكـان مَعبد رومـاني. أمـا اليوم فإن المسـجد يقف كرمز للانسـجام الثقـافي والديني. خـلال حكـم الخليفـة الأموي الأول معـاوية بن أبي سـفيـان، شـارك المسـلمون المسـيحيين في الكنيسـة. ويُـعتقد أن قبر يوحنـا المعمدان (النبي يحيى) موجود داخل المسـجد ولا زال الناس حتى الآن يذهبون لزيارته في ذاك الموضع.
رسـم مقياسـي لقصـر الحمـراء وضعه وِليام هارفي كـان إحدى الصور التي نـاقشـها البروفيسـور أورمسـبي. في الصورة بدى أحد أبراج قصـر الحمـراء المسـمى "برج الأسـير" (Torre de la Cautiva). وهـو مزيج من التصميم الهندسي الممزوج بالخط العربي لعبارات من القرآن الكريم والشـعر العـربي. وهذا الرسـم لبرج الأسـير وقصر الحمراء ككل هـو مثـال هـام عـلى الزخرفـة المَعلمية للمسـلمين في أوروبـا وإشـارة هـامة إلى المسـاهمات العديدة لحضـارات المسـلمين.
وفي ختـام نقـاشـه حـول بعض المعالم المعمارية في الشـرق الأوسـط وأوروبـا، تحدث البروفيسـور أورمسبي حـول العمـارة المسـلمة في الهند، فكـان من المعالم التي ناقشـها القبر العائد للقـرن السـابع عشـر للإمبراطور المغولي أكبر الذي حكـم بين 1556 و1605 للميلاد.
يقع القبر في حديقـة كبيرة مُسـوَّرة على الطريق الواصل بين مدينتي دلهي وأغرا، وهـو مثـال ممتـاز على تركيبة من أسـاليب معمـارية مختلفة، ويُـمثل ابتعـاداً كبيراً عن نمط الأبنية المغولية الأولى في الهند. كمـا تحدث البروفيسـور أورمسبي عن قبر سافدار جانغ، كمثـال مهم آخـر على العمـارة المغولية يسـتوحي تصميمه المعمـاري من تـاج محـل. هذا الضريح يتوضع في مـركـز حديقة تشـار بـاغ، التي تمثل الجنـة وتشـكل نموذجاً للهدوء والسـكينـة فيهـا.