من وحي المسير الرّياضي..إلى قلعة... (شميميس)..
***************************************
انطلق بنا المسير الرياضي لهذا الأسبوع، في الساعة الخامسة والرّبع من مساء يوم الجمععة /14/4/2010من مقرّ الجمعيّة في حيّ القدامسة،نحو قلعة شميميس،الواقع إلى الشمال الغربي من مدينة سلمية،وسوف أتناول في حديثي عن جانبين رئيسين لهذا المسير:الجانب التاريخي، والجانب الوصفي..
أـ المادّة التاريخيّة:
شميميس والتاريخ:
*************************************************
url=http://www.0zz0.com]
[/url
منظرقلعة شميميس..... وقد كساهاالربيع بثوبهالأخضر الزاهي..
*************************************************
ذكرت قلعة شميميس في الموسوعة الشعريّة في مؤلّف(ذيل مرآة الزّمان)
للمؤرخ(اليونيني)وهومؤرخ أصله من بعلبك ،ولد وتوفي في دمشق،ومن كتبه
مختصر مرآة الزمان) جزءان.وله
مناقب الشيخ عبد القادر الجيلاني) و
(ذيل مرآة الزّمان) وهو أربع مجلّدات،وهو من نوادر كتب التاريخ والتراجم الجليلة، وقد أرّخ فيه المؤلف لأحداث سنة أربع وخمسين وستمائة ههجرية ومابعدها،وقد استهل هذه السنة وخليفة المسلمين ببغداد دار ملكه وهو الأمام المستعصم بالله، وفي عهده ملك الشام والبلاد الفراتية الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن محمّد، وملك الديار المصرية الملك المعز عز الدين أيبك التركماني
..الخ
وفي هذه السنة ورد إلى دمشق كتب من المدينة صلوات الله على ساكنها، وفيما تضمنته الكتب لما كانت ليلة الأربعاء ثالث جمادى الأخرى سنة أربع وخمسين ظهر بالمدينة دويٌ عظيم ثم زلزلة عظيمة رجفت منها المدينة والحيطان والسقوف والأخشاب ساعة بعد ساعة إلى يوم الجمعة الخامس من الشهر المذكور ظهرت نار عظيمة في الحرة أنّه في هذا العام حدث زلزال بالمدينة،(الليل من المدينة كأنها مشاعل الحاج، وأما أمّ النار الكبيرة فهي جبال نيران حمر والأم الكبيرة النار التي سالت النيران منها من عند قريظة، وقد زادت وما عاد الناس يدرون أي شيء يتم بعد ذلك والله يجعل العاقبة إلى خير وما أقدر وصف هذه النار).وفي هذا العام أخبروا عن بغداد أنه أصابها غرق عظيم حتى دخل الماء من أسوار بغداد إلى البلد وغرق كثير من البلد ودخل الماء دار الخليفة وسط البلد وانهدمت دار الوزير وثلاثمائة وثمانون داراً وانهدم مخزن الخليفة وهلك من السلاح شيء كثير وعادت السفن تدخل إلى وسط البلد وتتخرق أزقة بغداد قال وأما نحن فإنه جرى عندنا أمر عظيم لما كان ليلة
الأربعاء الثالث من جمادى الآخرة ومن قبلها -بيومين- عاد الناس يسمعون صوتاً مثل صوت الرعد ساعة بعد ساعة وما في السماء غيم حتى أنه منذ يومين إلى ليلة الأربعاء ثم ظهر الصوت حتى سمعه الناس وتزلزلت الأرض ورجفت بنا رجفة لها صوت كدوي الرعد فانزعج لها الناس كلهم وانتبهوا من مراقدهم وضج الناس بالاستغفار إلى الله تعالى ..
وعندما ذكر قلعة (شميميس)كان يؤرخ للأحداث التي جرت بشأن تسليم القلعة من قبل الملك الناصر ملك الشام إلى الملك الصالح نجم الدين
وكان سبب انتزاع الملك الناصر حمص من الملك الأشرف أنه سلم قلعة (شميميس) في سنة خمس وأربعين إلى الملك الصالح نجم الدين بسفارة مخلص الدين فعظم ذلك على الملك الناصر والأمير شمس الدين لؤلؤ وكرها مجاورة الملك الصالح لحلب وما
والاها وخشياً أن تسلم إليه حمص ولهذا انتصر الملك الصالح للملك الأشرف وجهز العساكر لنجدته لكن فات الأمر فأمرهم بمحاصرة حمص وانتزاعها فجرى الأمر على ماذكرنا.وهذه الأحداث العظام لسنة أربع وخمسين وستمائة ههجرية التي رواها المؤرخ(اليونيني)وصولاً إلى ذكر قلعة شميميس تجعلنا نذكر لمحة تاريخيّة عن هذه القلعة الشامخة كالطود والتي ماتزال أطلالها المندرسة رابضة فوق جبل شميميش كشاهد على عظمة هذه القلعة،ودورها التاريخي في معاصرة أحداث كان لها تأثير على منطقة بلاد الشام، ومصر، والمغرب العربي،ولسنا هنا بصدد التفصيل عن سرد هذه الأحداث،ولكن سنكتفي بذكر هذه اللمحة التاريخية عن قلعة شميميس.
************************************************
منظر لقلعة شميميس،وقد التقط عند غروب الشمس في يوم المسير
*************************************************
قلعة شميميس: تقع شمال غربي سلمية على بعد (3) كم منها وتبعد عن حماة (25) كم أعاد بناءها أسد الدين شيركوه صاحب حمص عام(627) هـ يحيطها خندق كبير, وهذه القلعة إما أن تكون رومانية أو أن الرومان قد جددوها. وقد ذكرها أبو الفداء فقال
في سنة (627) هـ شرع صاحب حمص شيركوه بعمارة قلعة الشماميس)وكان الملك الكامل قد أقطعه سلمية ولما باشر بعمارتها, منعه الملك المظفر صاحب حماة بالنظر لعداوة سابقة بينه وبين الملك العادل )) اشتهرت شميميس بموقعها الاستراتيجي الهام بالنظر لإشرافها على سهول حمص وحماة والأراضي الشرقية ويقال إن سبب تسميتها هو نسبة إلى أحد ملوك حمص من أسرة شميسغرام العربية، أيام الرومان الذين كان يحمهم أحد أفراد هذه الأسرة.
وهكذا بعد روايتي لهذه الأحداث التي ارتبطت بآبدة تاريخيّة وحضاريّة شهدت وما زالت تشهد على عراقة وأصالة(سلمية)وشعب سلمية،وإنّ مدينة تنجب نجوماً في الأدب والشعر،لابدّ أن تكون مدينة عظيمة في تاريخها.
المادّة الوصفيّة الأدبيّة:
انطلق بنا المسير الرياضي لهذا الأسبوع، في الساعة الخامسة والرّبع من مساء يوم الجمععة /14/4/2010من مقرّ الجمعيّة في حيّ القدامسة،نحو قلعة شميميس،الواقع إلى الشمال الغربي من مدينة سلمية،وعلى غير العادة في مثل هذه الأيام الرّبيعية من السنة،كان الطقس سيئاً،والغبار يسدّ منافذ الأفق،وقبل انطلاقة المسير بقيليل هطلت قطرات من المطرالملّوث بغبار الجوّ،وكان عدد المشاركين في هذا المسير قليلاً جدّاً قياساً إلى عدد من يشارك فيه في كلّ مرّة،
وذلك بسبب رداءة الطقس،وبسبب سهر قسم كبير من الأصدقاء في حفل الرّبيع،الذي نفّذ نشاطه في مساء الليلة السابقة للمسير.ادام الله أيامنا وأيامكم كلّها ربيع بريع،على الرغم أنّ ربيع هذا العام كان ي طبيعته توحي بالحزن كما ذكر أحد الأصدقاء، الذي يشاركني السّير على دروبه،هذا وقد تحاورت مع الأصدقاء في عدّة موضوعات جادة وهادفة،كان منها:حوار دار حول مشاركة الجمعيّة في مسير الأب فرانس إلى عين النّسر،وكم كان ذلك المسير جميلاً وممتعاً،وعن طلب أحد أصدقاء على منتدى(فنون سلمية)منّي ،إذا كان بإمكاني مراقبة بوّابة الخاطرة،والتي كما قال:يختلط أمرها على مشرفي المنتدى،هل هي خاطرة،أم قصيد نثريّة..؟؟ووعدت إن سمح الوقت بتنفيذ رغبته،ورغبة أصدقائي على هذا المنتدى.مادام كلّ نشاط يصبّ في خدمة مدينتنا الحبيبة سلمية،التي هي
وطن الأجداد والأمجاد،وخير شاهد على أمجاد هذه المدينة،هو هذه القلعة الشامخة شموخ الدّهر،والجاثمة فوق ذروة تلّ يطلّ من الجهة الجنوبيّة على منظر خلاب لـ جبل عين الزرقاء الحراجي،ومن الجهة الشماليّة الشرقية على سهل فسيح وفيضة من الفيضات التي كانت منذ زمن تغرق ببحر من المياه المتدفقة من عين تنبع من إحدى روابي هذا السهل الشاسع والفسيح الأرجاء،الممتد حتى تخوم البادية في ناحية اسيرية.شرقاً وسهول محافظةحلب شمالاً.
ومن الجهة الشمالية الغربيّة تطلّ على سلسلة تلال العلاة،ومنها جبل أبي زيد،والمخشخش،وقد مرّ وصفي لهما في مسير رياضي سابق،وتمتّد هذه المنطقة حتى أوابد الأندرين وقصر ابن وردان في الشمال الشرقي منها.
أما من الجهة الشرقيّة،فتتكحل عيناها عن كثب، بإطلالة جبلي الخضر والأطوز المجاوران لها،وتمتّد مشارف هذه السلسلة حتى جبيل البلعاس شرقي سلمية.
وعن بعد ترنو بنظرها نحو شروق الشمس، ثم تلقي بالتحيّة كلّ صباح على أمّ القاهرة(سلمية)كما وصفها عميد الأدب العربي (طه حسين)،وتودّعها بابتسامة تفاؤل، وثقة، وأصالة،تفاؤل بالمستقبل،وثقة بالحاضر،وأصالة وعراقة في التاريخ والأوابد،ولقد ذكرت في قصيدة نثرية نظمتها عن هذا المشهد المطلّ من القلعة والممتدّ إلى رياض سلمية المنبسطة أمامها،كراحة اليد،وقلت من قصيدة نثرية بعنوان(صباحاً..في الطريق إلى شميميس):
شميميس..
أيتها الغادة الحسناء..
ارنِ بطرفك الساحر..
نحو الشرق..
حيث ترقد..(سلمية)
واحة.. مفروشة تحت قدميك.
بردائها الأخضر الجميل..
عن وصفها..الشعراء يعجزون..
عروساً..كحمامة برية بيضاء
تسبح في أثير البلعاس
بلا هم ..أو شجون..
مطرز شالها..بسنابل القمح..والذرة..والعيطون
مجدولة ضفائرها..
من عرائش العنب..وأغصان الزيتون..
حمرة وجنتاها..بلح شهي..
تقطر عسله المكنون..
بلسم شفتاها ممزوج..
بعطر الورد.. والزيزفون
ممشوقة قامتها..كعود رمان..
أوقصب مسنون..
هي ابنة الصحراء..
وملاذ العشاق..منذ ليلى...
والمجنون..
خمورها معتقة ..
خوابيها..من كروم بلادي
من معاصر الزيتون..
عقدت فوق روابيها سحابة....
لم تنجب...
رغم المخاض...وآلام السنين..
بها شعب صلبٌ..
أبداً..لم يركع...لعدوّ..
شعبٌ أبيّ...
دوماً،مستعد لردّ...
كيد المعتدين...
*******************************************
سلمية...
ياساحرة الشرق..
وفاتنة الغرب..
أنت المغزل...
ولقصائد... شميميس..
المضمّخة..بالأصالة..
وبعبق التاريخ..
عند الصباح...
وفي كلّ صباح..
كنت ...وما زلت..
تغزلين..
وعن أسطورة هذه القلعة، وأقسامها التي زارها أصدقاء المسير الرّياضي اليوم،وتجاوزوا الخندق المحيط بها،وارتقوا على أعلى قمّة فيها قلت من قصيدة نثرية بعنوان(شميميس في الضباب):
ارو لهم..
بعضاً من أساطيرك..
وحديثهم...
بإلفهّ العشّاق..
أحاديث الهوى..
والرجاء..
حدثيهم:..
عن أسطورة الهوّة السحيقة.. (1)
التي احتار في كشف سرّها
العلماء..
حدثيهم:
عن لغز الأفعى..(2)
التي استوطنت في أعماق جوفك..
عن السرداب..(3)
حدثيهم:
كيف أنّ أسراب الحمام البرّي..؟؟
عششت في جدران هوتك..
في الصباح....
ترحل عنك..
تودّعك..
تحلّق في الفضاء..
تمضي ..
وهي تسبح في الكون..
بحثاً عن الماء..
والنماء..
ثم تعود...مصفّقة بأجنحتها..
عند المساء..
*************************************************
حدثيهم...عن السرداب...!!
الذي يربط بينك وبين العالم...
في الغزوات..
وفي أيام المحن..والبلاء..
حدثيهم :
عن الخندق المحيط بك كالسوار.. (4)
*************************************************
منظر لغروب الشمس،وقد التقط المنظر من أعلى الخندق المحيط بالقلعة..
*************************************************والذي يذود عن حياضك
وقت الشدة...
فيكون مستودعاً للماء..
حدثيهم:
عن كلّ أعدائك..
عن الغرباء..
والدخلاء...
*************************************************
شميميس..
ياأسطورة الأمس...
يارمز الشموخ
والكبرياء..
كيف لأبنائك أن ينسوك..؟؟
وهم،... لولاك...
ما كانوا عظماء..!!
*************************************************
شميميس..
في صحوة النهار..
قد ينقشع عنك ضباب الطبيعة..
وتظهرين شامخة..
كالمسلّة في العراء...
ولكنّ ضمير..من نسيك..
يبقى سراجاً..
لايضاء..
*************************************************
ولكن..ونحن ..
في حمى شميميس..
في ربوع سلمية..
كنّا..وسنبقى..
أهل فكر وثقافة..
أسّس لها..
إخوان الصفاء..
في سلمية..
كنّا..وسنبقى..
أهل مروءة..
وأهل وفاء..
************************************************
ثمّ ناشدت أهلك أن يهتموا بأوابدك المتداعية،فأنت رمز لهم،ورمز لشموخهم على مرّ العصور والأيام..
شميميس..
أين المخلصون من أبنائك..؟؟
أين الأوفياء..؟؟
فصرحك يتهاوى..
وقلبك يتوقف عن النبض..!!
وهل مع من يتوقف قلبه..؟؟
ينفع دواء...
*************************************************
فيا ضباب اليوم..
ظلّل ضباب العمر..
بأبهى وأحلى الذكريات..
فما يبس عود..
وعاد لنسغه..
من جديد..
نماء..
*************************************************
ولكن وعلى الرّغم من أنّ آبدتها مهملة،وصروحها تنهار،إلا أنّنا في حمى شميميس،وربوع سلمية، نظلّ نردّد ونعيد:
ولكن..ونحن ..
في حمى شميميس..
في ربوع سلمية..
كنّا..وسنبقى..
أهل فكر وثقافة..
أسّس لها..
إخوان الصفاء..
في سلمية..
كنّا..وسنبقى..
أهل مروءة..
وأهل وفاء..
*************************************************
أصدقاء المسير الرّياضي يرتقون قمّة شميميس،التي بدت أطلالها متداعية،تستغيث...وتستنجد، بمن يرمّمم أوابدها التاريخيّة..
*************************************************
أيّها المهتمون بآثار بلادي ،وفي أيّ موقع من مواقع المسؤوليّة الرّوحيّة والرّسميّة، كنتم..من أعلى قمة فوق قلعة شميميس الحضارة والتاريخ،أصدقاء المسير الرياضي في جمعيّة أصدقاء سلمية، يخاطبونكم، ويناشدونكم العمل على ترميم أوابد هذه القلعة، التي استمّرت في تداعيها وانهيارها،بفعل العوامل المناخية، والتضاريسية السيئة التي تتوالى عليها صيفاً شتاء..وبفعل وحشيّة الإنسان التي امتدّت يده الآثمة إلى التنقيب عن آثارها تنقيباً عشوائياً وهدّاماً،
وختاماً،وعند غروب قرص الشمس المدمّى كقلب شميميس، والذي يلقي بظلاله الحمراء علينا وعلى آبدتنا العظيمة...
نوّدع مسير اليوم،ونحن نقول: ستبقى قلعة شميميس شاهداً حضارياً وتاريخياً على عراقة مدينتنا سلمية في ماضيها، ورمزاً لها في حاضرها،وكم تحتاج هذه القلعة الشامخة شموخ الدهر،إلى يد العناية من مديرية آثار حماه ومن المسئولين، ليصار إلى ترميمها وربط موقعها الأثري بطريق حماه سلمية،بطريق فرعي مفروش بالإسفلت والذي لايبلغ طوله بضعة كيلو مترات.هدانا وذوي الشأن،ما فيه خير لمدينتنا سلمية،بترميم قلعة شميميش،للحفاظ عليها من كلّ من يحاول إلحاق الضرر بها، وبرسوم أطلالها.
وهيهات... هيهات أن ينفع إيقاظ قوم غرقوا في سبات عميق..!!،وهيهات ..هيهات أن ينفع مخاطبة طلل دارس..!!!ولقد صدق الشاعر العراقي(إبراهيم الطباطبائي)حين قال:
ولقد وقفت على الديار مسائلا == عن أهلها بطوامس الأطلال
أخفي السؤال بها ويعجم ربعها == ومن الضلال سؤال ربع خالي
سلمية في /19/4/2010
الصديق: حيدر محمود حيدر
*************************************************
ملاحظة:الهوامش:
*************************************************
(1) الهوة:بئر عميقة حفرت في جوف قلعة شميميس،لم يكتشف أحد سرّها حتى الآن.
(2) السرداب:منفذ سري يربط شميميس بما حولها من بلدان،والبعض قال:هو قناة تنقل الماء إلى داخل القلعة..
(3)الأفعى :يروى فديماً عن وجود أفعى ضخمة،تستوطن في جوف هوتها،ويقال أنّها تتغذى بفراخ الحمام البري،الذي عشش في جدران الهوة..
(4)الخندق:حفر هذا الخندق بشكل دائري حول القلعة،وعلى علو مرتفع من مستوى القلعة ،عن سطح الأرض.ويقال أنّه كان يملأ بالماء،لمنع الغزاة من الوصول..إلى ذروة القلعة.