من وحي المسير الرّياضي إلى بعض الأوابد الأثرية والتاريخيّة في سلميه...!!
****************************************
أولاً:الماغوط في وصيّته لأبنائه وأحفاده:
أيّها الأصدقاء أينما كنتم:مرحباً بكم في فعالية أنشطة المسير الرّياضي لهذا الأسبوع في جمعيّة أصدقاء سلمية؛ والذي انطلق في الساعة السادسة صباحا من مقرّها،المجاور للحديقة التي سميّت(( بحديقة الماغوط))، تكريماًله،واحتفاء بدفن جثمانه في ترابهاالطاهر،تنفيذاً لوصيته ،ولقد حرص الشاعر الكبير أن يخلّد سلمية في شعره، عندما فتح دفتر تفقدّه على دفتيّه،فتفقّد معالمها، ورجالاتها، وأطنب في تدبيج قيمها، ومكارمها ،كلّ ذلك، كي يستطيع رسم أطياف أحلامه المستقبلية لتطورها ونهضتها التي لم تنجز بعد..!!
*******************************************
url=http://www.0zz0.com]
[/url
الأديب والشاعر والمسرحي الرّاحل محمد الماغوط ابن سلمية البار
****************************************
يقول الماغوط عن مدينته سلمية، من قصيدة بعنوان:دفترتفقد:
((قد تصبحين عاصمة المنطقة كلها، ولم يرتفع على أرضك فندق واحد، حتى الآن وأبوابك مازالت مفتوحة لكل حاج وسكير وجائع ومطارد . فالدنيا بألف خير، وأنت سلمية التي أعرفها والتي أكلت من تراب عتباتها ومصاطبها وريش دجاجها وكلس جدرانها واسمنت شبابيكها ما يكفي لبناء فندق بعشر نجوم.. ((
ولكن أنّى لهذه المدينة أن تكون عاصمة الدنيا... كما أراد لها شاعرنا الكبير الخالد؟؟!!،وخاصة بعد أن جفّ الخير واليُمْن من عروق أرضها بسبب الجفاف والقحط،و كذلك جفّ الخير من شرايين أكفّ أبنائها بسبب قلّة حيلتهم وتدبيرهم،وخيانتهم للمبادىء التي تربّوا عليها منذ نعومة أظفارهم، وأقسموا من أجل خدمة مدينتهم ..
ولكنّ إيغالهم الشديد في العمل من أجل مصالحهم الخاصة، أنساهم العمل من أجل المصلحة العامة،لتبقى سلمية تئنّ تحت نير الفقر والتخلّف، والجهل، والسّير من السيّء إلى الأسوأ..فهذه هي المنتديات الثقافية، والمنابر القلمية، أصبحت مطيّة للمتسلّقين والانتهازيين والوصوليون،وأصبح أعلامها ورموزها آخر مايقال عنهم :أنّهم روّاد ثقافة، وفكر وأدب..!!لكن لاضير، ولاضرار، ،ولتطمئنً روحك في جدثها، أيّها الشاعر الرّاحل عنها جسداً،ولكنّك خالد فيها شعراً ،وفكراً، وعبقرية، وتراثاً..لتطمئنّ نفسك وترتاح قي رقادها الأبدي..فسلمية التي عهدتها ماتزال بلد التناقضات الإبجابيّة المفتوحة على كلّ التيّارات الثقافية والنّضالية والأنشطة الشبابية التي يتوّجها كلّ أسبوع مسيرنا الرّياضي في وهاد ومهاد سلمية التي أردتها أن تكون عاصمة الدنيا،ولكن... ــ ومع الأسف الشديد ــ ماتزال كأوابدها التاريخية قرية نائية، مهملة، تستلقي على تخوم البادية، تعزف ألحان شكواها ونجواها الشرقيّة الأصيلة على ربابة، يشدو على ألحانها مطربها الشعبي الخالد(محمد صادق حديد) فله ألف تحيّة وإكبار بمناسبة ذكرى رحيله المصادفة هذه الأيام من السّنة، وسلمية ماتزال تلك الغادة السمراء التي يجفّف القحط شرايين عروقها، بينما كانت تنبض بالخضرة والجمال أيام كان ترحالك وسفرك وإقامتك فيها عامراً بالرّاحة والطمأنينة رغم الضنك والفقر،ولكن لاعليك أيّها الشاعر الملتصق بترابها وتراثها حيّا، وميتا..!!
فهي إلى نهوض بهمّة شباب الوطن، وهمّة أبنائك وأحفادك الذين لم تنس أن تخاطبهم في نشيدك العبق لها:
)) فيا أبنائي وأحفادي وما تبقى من رفاق طفولتي لقد تعبت . تعبت . خذوني من يدي من دفاتري إلى أقرب ما تبقى من بيادرها وكرومها . أو خذوني إلى المدرسة الزراعية التي أعشقها ومديرها لطفي بك بجزمته العالية وقبعته الفلين وسوطه المفرقع بين ممرات المهاجع والمطابخ والأشجار الغارقة في الظلام فإنه والله لأرحم مما سمعت ورأيت)).
فهلاّ اليوم... يا شباب سلمية،ويا أصدقاءالمسير..!! نهضتم بمدينتكم وأكرمتم شاعرنا الكبير، وكسوتم حديقته المقفرة الموحشة بالورود والرّياحين،لقد شيّدت تلك الحديقة فوق أطلال مقبرة،وما تزال كذلك مأوى لكلّ الحيوانات الشاردة،ومكبّاً للنفايات والقاذورات..فهل يرضي ذلك أبناء وأحفاد الماغوط الذين ناشدهم في قصيدته شاعرنا الكبير..؟؟!!
*******************************************
url=http://www.0zz0.com]
[/url
حديقة الماغوط..التي كانت مقبرة للموتى مقفرة، موحشة ،صارت مقبرة للنفايات.. ومأوى للحيوانات الشاردة، فهل يرضي ذلك أبناء وأحفاد الماغوط..؟؟!!
*******************************************
ثانياً:الوصف العام لدروب مسير اليوم:
وعلى دروب مسير اليوم البرّية تابع أصدقاؤنا حثّ خطواتهم منطلقين عبر مهاد، ووهاد المنطقة الشمالية من سلمية.
******************************************
url=http://www.0zz0.com]
[/url
أصدقاء المسير يضعون أولى خطواتهم على دروب مسير اليوم.
*******************************************
وحيث توضّع الأوابد الأثرية الحضارية كجبل الخضر، والأطوز، وقلعة شميميس ،وجبل عين الزرقاء الحراجي، وكلّ هذه الأوابد والتلال هي جزء من سلسلة تلال العلاة الممتدّة غرباً حتى مدينة أبي الفداء،و وشرقا حتى إسرية وجبل البلعاس، وشمالاً من قلعة الرّبا وحتى أطلال مدينة الأندرين التاريخية،مروراً بقصر ابن وردان...ومروراً بهذا العرزال الذي بناه صاحبه في أحضان الطبيعة الصامتة، ليكون عشاً للحبّ، أوصومعة نائياً للوحدة والعزلة، بعيداً عن صخب البشر، وعن فوضى واستبداد هذا العالم المجنون..فطوبى لصاحبها ،وعذراً لاقتحامنا مملكة عزلته التي بدا عليها الرّث والبٍلى، يقول الشاعر العباسي ابن الرّومي:
يستثيرُ المكايدَ الصُّمعَ منها == أيُّ صِلٍّ هناك في العِرْزالِ
*****************************************
url=http://www.0zz0.com]
[/url
العرزال..وعشً الحبّ و صومعة الوحدة والعزلة
*******************************************
ثالثاً: لمحة تاريخية عن إسرية،وقصر ابن وردان، والأندرين:
*******************************************
(إسرية)البلدة التي كانت عقدة مواصلات لطريق الحرير قديماً،وقد تحدثت عنها مفصلاً في موضوعي(محطات ثقافية في رحلة الأصدقاء إلى جعدة المغارة).
قصر ابن وردان هو آبدة تاريخية وأثرية في سوريا ذات ندرة معمارية وفنية، تقع شمال شرقي سلمية فهو يمتاز بالنوعية المادية من جهة والأسلوب والنسق المعماري من جهة أخرى .
الأندريـن...مدينــة أثـريــة تتدفـــق فنــــاً وحضــارة وتسـكن الباديـة...تتعـــدد البعثـــــات الأثرية العاملة بها.
وللتنويه فقط: أذكر أنّني كنت قد تعرّضت للبيان والتفصيل في وصف تلك الأوابد في مسير سابق،(من وحي المسير إلى الأندرين وهو موجود على صفحات هذا المنتدى)،ولكن مالفت نظري في مسير اليوم هو النّشاط الذي لفّ صبايا وشباب المسير بثوبه الفضفاض،والنّسيم العليل الذي كان يصافح وجوههم فيغمرها بالبهجة والسّعادة،والحديث الهامس الذي كان ينطق بما في القلوب من حبّ واحترام، قبل أن ينطق بالألسن المنطلقة دوماً بحديث وحوار عذب عن مختلف الشجون والهموم التي يمرّبها الشباب أبناء المجتمع الأهلي في هذه الأيام..!!
ودائماً نجوى القلوب، أصدق من حديث الألسن،يقول الشاعر الدمشقي
(أحمد بن حسين الكيواني) معبّراً عن طلاوة الحديث، وسحر القلوب والألباب:
وَحَبيب أَلَمَّ بي بَعدَ هَجرٍ == وَصُدود مُبرح وَاجتِنابِ
خَصَّ بِالحُسن وَالجَمال كَما قَد == خَصَّ قَلبي بِالشَوق وَالإِضطِراب
ذي حَديث هُوَ المُدام وَطَرف == هُوَ سحر القُلوب وَالأَلباب
ثالثاً: حواريات ..وذكريات في مسير اليوم.
وقد يرتفع صوت الحوار أحياناً ليجهر بالحريّة،وبالذكريات التي تطوي الأيام الخوالي،كما في حديث صديقي (أبو وضاح)الذي حدثني مطولاً عن ذكريات له وبعض الصدقاء عن حفلات السّهر والسّمر التي كان يحييها لهم المطرب الشعبي الرّاحل(صادق حديد)،مّما كان يدفع بالبعض منهم، ولشدة انسجامه مع صوت الرّباب، وترانيم ذلك الصوت الشجي،كان يدفعه إلى تقطيع قميصه تعبيراً عن شدّة إعجابه وانسجامه،رعى الله أيام زمان،وحفظ ذكريات المودة والوصال،كم كانت جميلة،ولياليها قصيرة..!
يقول الشاعر اليمني(عبدالله السّودي) في أيام وصاله مع أحبّته:
رعى الله أيام الوصال ولا رعى == زمان صدود للفؤاد يروِّعُ
فيا من فؤادي ربعهم ومحلهم == فإن حال فيه غيركم فهو موجعُ
عجبت لمن قد كان يهوى وصالكم == فعاد إِلى ما ليس يجدي وينفعُ
*************************************************
url=http://www.0zz0.com]
[/url
مدرسة آل (حديد)للغناء الشعبي الأصيل،أرسى قواعدها ،وأسّسها المطربان (صادق حديد) وابنه(محمّد صادق حديد)رحمهما الله.ومن غنائهما الشرقي الأصيل:
ياريت ما شيّلو== من يمّنا وراحوا
خلّوا وراهم قلب == متنوعة جراحو
رابعاً:استراحة المسير ولهو ولعب الأصدقاء:
كلّ مادار من حوار كان يجري في استراحتنا تحت ظلال أشجار الصنوبر في غابة جبل عين الزرقاء الحراجي،بينما كانت قلعة شميميس أمامنا تستلقي فوق ذرا جبلها شامخة بالمجد والأصالة والحضارة،
*****************************************
url=http://www.0zz0.com]
[/url
قلعة شميميس تنتصب شامخة بالمجد،وتختزل تاريخ حقبة، تزهو بحلّتها الحضارية والتراثيّة الأثرية.ويرى في المشهد الصديق (أبو وضاح )يرنو بنظره إلى الأفق البعيد بينما عقله وفكره يسرح مع أصدقاء المسير...!!
******************************************
وهي تلقي بنظرها على بساط (أمّ القاهرة الفاطمي) المزركش، المفروش فوق تلك الرّوابي، والممتّد حتى تخوم البادية شرقاَ،وبالقرب منّا أخذ صبايا وشباب المسير يمارسون هواياتهم المفضلة وألعابهم الرّياضية بين أثلام الغابة وأشجارها الظليلة..
******************************************
url=http://www.0zz0.com]
[/url
صبايا وشباب المسير يمارسون رياضاتهم الفنيّة المفضّلة،بينما أخذ بقيّة الأصدقاء يستريحون، ويتحاورون..!!
*******************************************
وانظر معي كيف نظر(أبو تمام) الشاعر الحوراني المنبت إلى الشباب:
خُذها اِبنَةَ الفِكرِ المُهَذَّبِ في الدُجى == وَاللَيلُ أَسوَدُ رُقعَةِ الجِلبابِ
وَيَزيدُها مَرُّ اللَيالي جِدَّةً == وَتَقادُمُ الأَيّامِ حُسنَ شَبابِ
ما أبهى ثوب الشباب،فهو الخاتمة المثلى لتقادم الأيام ،وما أجمل نشاطاتك أيّها المسير الرّياضي،وأجمل مافيك هو شبابك المتدّفق بالنّضارة، والمتخفّز بالحيوية والحياة والأمل والتفاؤل..
التفاؤل بمستقبل أكثر إشراقاً وإثماراً للوطن بشكل عام ،ولأسرة المجتمع الأهلي في جمعيتنا(جمعيّة أصدقاء سلمية)وباقي جمعيّات المجتمع الأهلي بشكل عام وشامل بإذن الله وتوفيقه.
وفي الختام :أستودعكم الله ..على أمل أن ألتقيكم في مسير قادم برعايته وعونه تعالى.
سلمية في /6/ آب/2011/
الكاتب: حيدر محمود حيدر[/right]