في اليوم العالمي للمرأة..!!
((طالبوا بتحرير المرأة العربيّة من العسف والظلم..!!))
***********************************
1 ـ في المقدّمة:مناسبة الاحتفال بالعيد العالمي للمرأة..!!
في اليوم العالمي للمرأة الذي يحتفل به في الثامن من شهر آذار من كلّ عام نقول:كلّ عام... والمرأة العربيّة في تقدّم وازدهار...ومزيداً من المكاسب لقضية نضال المرأة وتحريرها من ربقة الرّجل وعبوديته لها,وخاصة أنّ المرأة العربيّة تشكلّ في عالمنا المعاصر أكثر من نصف المجتمع تعداداً،ولا يرقى مجتمع إلا برقي المرأة وزجها في أتون الحراك الثقافي والاجتماعي وحتى السّياسي في وطننا العربي الكبير..!!
ولنصرخ بأعلى صوتنا
((طالبوا بتحرير المرأة العربيّة من العسف والظلم..!!))
ودعنا أولا: نتعرّف على قصة اليوم العالمي لحقوق المرأة،ثم نضطلع على أوضاع المرأة في بعض الأقطار العربية..!!
و ماهي نظرة وتطلعات مجتمعاتناالعربيّة المعاصرة لدور المرأة كأمّ،وكامرأة عاملة ومثقفة تناضل من أجل رقيّ مجتمعها في كافّة الميادين..!!
وأخيراً نجيب على سؤال هام:هل نالت المرأة العربيّة على أغلبيّة حقوقها..!!
2ـ قصة اليوم العالمي للمرأة:
في 1857 خرج آلاف النساء للاحتجاج في شوارع مدينة نيويورك على الظروف اللا إنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها، ورغم أن الشرطة تدخلت بطريقة وحشية لتفريق المتظاهرات إلا أن المسيرة نجحت في دفع المسئولين السياسيين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة على جداول الأعمال اليومية كما أنه تم تشكيل أول نقابة نسائية لعاملات النسيج في أمريكا بعد سنتين على تلك المسيرة الاحتجاجية.. وفي الثامن من مارس(آذار) من سنة 1908 عادت الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديد في شوارع مدينة نيويورك لكنهن حملن هذه المرة قطعا من الخبز اليابس وباقات من الورود في خطوة رمزية لها دلالتها واخترن لحركتهن الاحتجاجية تلك شعار "خبز وورود". طالبت المسيرة هذه المرة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع.
شكلت مُظاهرات الخبز والورود بداية تشكل حركة نسوية متحمسة داخل الولايات المتحدة خصوصا بعد انضمام نساء من الطبقة المتوسطة إلى موجة المطالبة بالمساواة والإنصاف رفعن شعارات تطالب بالحقوق السياسية وعلى رأسها الحق في الانتخاب، وكان اسم تلك الحركة "سوفراجيستس" (suffragists) وتعود جذورها النضالية إلى فترات النضال ضد العبودية من أجل انتزاع حق الأمريكيين السود في الحرية والانعتاق من العبودية.
وبدأ الاحتفال بالثامن من مارس كيوم المرأة الأمريكية تخليدا لخروج مظاهرات نيويورك سنة 1909
وقد ساهمت النساء الأمريكيات في دفع الدول الأوربية إلى تخصيص الثامن من مارس كيوم للمرأة وذلك في مؤتمر كوبنهاغن بالدانمرك الذي استضاف مندوبات من سبعة عشر دولة وقد تبنى اقتراح الوفد الأمريكي بتخصيص يوم واحد في السنة للاحتفال بالمرأة على الصعيد العالمي بعد نجاح التجربة داخل الولايات المتحدة.
غير أن تخصيص يوم الثامن من مارس(آذار) كعيد عالمي للمرأة لم يتم إلا سنوات طويلة بعد ذلك لأن منظمة الأمم المتحدة لم توافق على تبني تلك المناسبة سوى سنة 1977 عندما أصدرت المنظمة الدولية قرارا يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة يختارونه للاحتفال بالمرأة فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من مارس.
وتحول بالتالي ذلك اليوم إلى رمز لنضال المرأة تخرج فيه النساء عبر العالم في مظاهرات للمطالبة بحقوقهن وتذكير الضمير العالمي بالحيف الذي مازالت تعاني منه ملايين النساء عبر العالم. كما أن الأمم المتحدة أصدرت قرارا دوليا في سنة 1993 ينص على اعتبار حقوق المرأة جزء لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان وهو ما اعتبرته الكثير من المدافعات ... يختارونه للاحتفال بالمرأة فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من مارس.
وتحول بالتالي ذلك اليوم إلى رمز لنضال المرأة تخرج فيه النساء عبر العالم في مظاهرات للمطالبة بحقوقهن وتذكير الضمير العالمي بالحيف الذي مازالت تعاني منه ملايين النساء عبر العالم. كما أن الأمم المتحدة أصدرت قرارا دوليا في سنة 1993 ينص على اعتبار حقوق المرأة جزء لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان وهو ما اعتبرته الكثير من المدافعات عن حقوق النساء حول العالم تنقيصا من قيمة المرأة عبر تصنيفها خارج إطار الإنسانية.
3ـ مظاهر، وأوجه نضالات المرأة العربيّة:
ومن يومها يحتفل وطننا العربي بيوم المرأة العربيّة،التي ناضلت نضالا مريراً من أجل نيل حقوقها الاجتماعية والسّياسية.
ققي عام 1919 شاركت المرأة المصرية في أوّل تظاهرة نسائية ضدّ المحتل الانكليزي في مصر وقد كتب شاعر النيل حافظ ابراهيم قصيدة يصف هذه المظاهرة النسائية :
خرج الغواني يحتججن… ورحت أرقب جمعهنه
فإذا بهن تخذن من… سود الثياب شعارهنه
فطلعن مثل كواكب… يسطعن في وسط الدجنه
وأخذن يجتزن الطريق… ودار سعد قصدهنه
يمشين في كنف الوقار… وقد أبن شعورهنه
وإذا بجيش مقبل… والخيل مطلقة الأعنه
واذا الجنود سيوفها… قد صوبت لنحورهنه
وينتهي حافظ ابراهيم بالسخرية من الجيش الانجليزي الذي تصدي بعنف شديد للمظاهرة النسائية فيقول:
فليهنأ الجيش الفخور … بنصره وبكسرهنه
بقي أن نشير إشارة سريعة إلي هذه المظاهرة الوطنية النسائية الأولى في تاريخ الحركة الوطنية المصرية, ويكفي هنا ان نقرأ هذا المشهد المؤثر من مشاهد هذه المظاهرة التاريخية كما يقدمه لنا المؤرخ الكبير عبدالرحمن الرافعي في كتابه ثورة1919 ـ صفحة211
تقدمت واحدة من المتظاهرات وهي تحمل العلم إلي جندي انجليزي كان قد وجه بندقيته اليها، وإلي من معها, وقالت بالانجليزية, نحن لانهاب الموت، أطلق بندقيتك في صدري، لتجعلوا في مصر ((مس كافل)) ثانية, و ((مس كافل)) التي تشير اليها المتظاهرة الشجاعة هي ممرضة انجليزية كانت تعمل في صفوف المقاومة ضد الألمان في الحرب العالمية الأولي, وقد وقعت في الأسر, فأعدمها الالمان بالرصاص, وكان لإعدامها ضجة كبري في العالم.
وأوّل مظاهر نضال المرأة العربيّة، كان ضدّ الحجاب وقد شارك الأدباء في ثورة المرأة ضدّ الحجاب واعتبروه قناعاً لايبيّن حقيقة المرأة أهي فاضلة أم غير ذلك، وهو ليس من الدّين منه شيء..يقول الشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي:
وَفَتاة كزهرة الروض حسناً == ذبلت وهي في رَبيع الحياة
وَلَها في حجابها نظرات == يا لَها في الحجاب من نظرات
لَم يكن وضعه من الدين شيئاً == إنما قد أَتى من العادات
إن هَذا الحجاب قبر كثيف == حال بين الفتاة والنسمات
وهنا أذكر قصة حدثت معي وأنا أدّرس مادة اللغة العربيّة عام 1989 للثالث الثانوي، في القطر اليمني الشقيق،وكنت أشرح قصيدة عن الحجاب فاستغرب الطلاب ذلك:وسألني أحدهم:هل يعني ذلك أنّ المرأة تخرج من بيتها سافرة الوجه..!!وكان ذلك وحسب عقيدتهم يعتبر من المحرّمات..!!ثمّ توالى نضال المرأة العربيّة من أجل التحصيل العلمي،إذ كان كثير من الأسر العربيّة لاتسمح لبناتها بالذهاب إلى المدارس لأنّ في ذلك فساد لأخلاقهنّ،وإذا ماسمحن لهنّ فيكون فقط لمستوى التعليم المتوسط وبقلّة شديدة،في اليمن الشقيق أيضاً كنت أدرّس شعبة الثالث الإعدادي فيها أكثر من سبعين طالباً،ولايوجد في هذه الشعبة إلا طالبة واحدة تجلس في الزاوية وحيدة وكنت أتحاشى أن أنظر إليها أوأسألها منفردة خوفاً من نظرات الطلاب الأشاوس التي كانت تراقبني مراقبة الجاني للبريء، لذلك كنت ألجأ إلى الدور في القراءة والتسميع من أجل أن يلحقها وتقرأ دون أن أفت انتباه أحد بالاهتمام الخاص بها،مع أني كنت أتمنّى أن يحصل ذلك لسبب بسيط هو(أنّني كنت أريد لهذه الفتاة اليتيمة في صفها أن تتعلّم وتتفوّق على زملائها..!!)، وأمّا في المرحلة الثانوية فلم تسجّل أيّة طالبة..!!بينما كانت الجزائر ومنذ عام 1977 أي العام الذي أعرت فيه إليها،كانت الدراسة مختلطة(ذكوراً وإناثاً) في المرحلة الثانوية،وفي معهد المعلمين الذي درّست فيه..!!
ثمّ تدّرج نضال المرأة من أجل مشاركة الرّجل في ميادين العمل..وكان من المعيب أن تعمل المرأة بشهادتها حتى ولو تخرّجت من الجامعة..فالمرأة يجب أن تجلس في البيت وتدّلل كما تقول كلمات أغنية حديثة وعلى الزوج أن يعمل ويقدّم لامرأته المصون المدّللة مايلزمها..!!
4ـ كيف تنظر بعض المجتمعات العربيّة إلى المرأة اليوم..؟؟
وكلّ هذه الأوجه من نضالات المرأة أصبحت في بعض الدوّل العربيّة من الماضي، والمرأة اليوم صنو الرّجل، وشريكته في العمل في كافة مجالات الحياة..قال الشاعر اللبناني أمين تقي الدّين:
ما أرى الحقَّ لآسٍ وحدَهُ == إنما المرأةُ صِنو الرَّجُل
فالمرأة اليوم منها الطبيبة، والمحامية، والقاضي، والمهندسة والمعلّمّة، والممرّضة، والموظّفة،وليس هذا فقط بل أخذت تنافس الرّجل في كلّ مجال أدبي، وثقافي..فالمرأ كاتبة، وشاعرة مبدعة، وفنّانة تخطّ بريشتها أبهى، وأروع اللوحات الإنسانية.. وموسيقيّة تعزف على أوتار آلتها أعذب الألحان، وفوق كلّ ذلك، بقيت المرأة المعلّمة في بيتها (أمّاً رؤوماً ) ومربيّة فاضلة،تعتني بتربية أولادها،وتنشئتهم ـ وكما تعلّمت ـ على مكارم الأخلاق، وتعدّهم ليكونوا جنداً مسلّحاً بالعلم، ومهيّئاً لخدمة وطنه، والتضحية في سبيله.. وهنا نذكّر بقصيدة الشاعر حافظ ابراهيم المشهورة التي توصي بإعداد الأم إعداداً صالحاً، لتعدّ بنيها على مبادء العلم، والفضيلة، والحريّة، والتي يقول في بعض أبياتها:
الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها == أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ
الأُمُّ رَوضٌ إِن تَعَهَّدَهُ الحَيا == بِالرِيِّ أَورَقَ أَيَّما إيراقِ
الأُمُّ أُستاذُ الأَساتِذَةِ الأُلى == شَغَلَت مَآثِرُهُم مَدى الآفاقِ
وخير مثال على تربية الشباب الصالحة، شباب( تونس ومصر وليبيا الحرّة...) المثقفين الذين خرجوا دفاعاً عن حقوقهم التي سلبها منهم حاكم ظالم مستبّد، ولولم يرضعوا من صدور أمهاتهم حليب الحرّية،والأماني المعسولة، لما أقدم شاب على التضحية بنفسه، من أجل دفع الظلم، والفساد عنه، وعن أبناء وطنه..
واقرأ معي هذه الأبيات للشاعرمعروف الرّصافي الذي يوصي بتربية الشباب تربية قائمة على مكارم الأخلاق ،ووجوب تسليحهم بثقافة علميّة عمليّة:
ربّوا البنين مع التعليم تربية == يُمسي بها ناقص الأخلاق مُكتَمِلا
وثقّفوهم بتدريب وتبصِرة == ثقافة تجعل المُعوَجّ معتدلا
فإذا ما تسّلح شبابنا بسلاحي العلم، والأخلاق، أصبح مضرب الأمثال:
فجّيِشوِا جيش علم من شبيبتنا عرمرماً تضرِب الدنيا به المثلا
أن قام للحَرْث ردّ الأرض مُمرعة == أو قام للحرب دكّ السهل والجبَلا
وأن غزا مستظِلاً ظلّ رايته == هزّ البلاد وأحيا الأعصُر الأُولا
وهذه هي شمائل شباب انتفاضة أرض الكنانة، و شباب ثورة الياسمين،وشباب ثورة ليبيا الحرّة الذين جدّدوا أمل الأمة في النّهوض، ورفعوا راية العروبة عالياً، حيّوا معي انتفاضة الشباب في هذه الدّول العربيّة،وكلّ الشباب العربي الثائر من أجل رفعة وطنه، وتقدّمه، وازدهاره.. وأكرم بتربية وطنيّة كريمة وفاضلة، شبّوا ونشؤوا عليها... !!
5 ـ هل نالت المرأة العربيّة المعاصرة كامل حقوقها..؟؟
وإذا كانت المرأة العربيّة في بعض الأقطار العربيّة، مازالت تناضل من أجل استرداد حقوقها المسلوبة كإنسانة لها حقّ في الحياة،والعيش الكريم،ونضالها من أجل أن تنزع عنها صفة الجارية التي تجلس في بيت الحريم، وعليها أن تخدم سيّدها، وترضي شهواته وعندمايشبع منها، يرميها كالفاكهة المتعفّنة التي تسقط عن الشجرة الأم بعد تلفها،ومّما لاشك فيه أنّ نضال المرأة في بعض أقطار وطننا العربي(ولا حاجة هنا إلى ضرب أمثلة،فالأمثلة كثيرة وواقعيّة) ضدّ العسف، والظلم والقهر، والعبودية وسوف يؤول بها النّضال إلى الانتصار، وسوف يمضي بسفينة أحلامها إلى برّ الأمان، مهما طال الزمن به، ومهما عصفت بأمواجه رياح الجهل، والتضليل ،والشكّ ،والكذب، والخداع، والحرمان..!!وللشاعر معروف الرّصافي قصيدة جميلة تصوّر مساندته للمرأة في نضالها المرير من أجل انتزاع حقوقها من مجتمع ظالم وفاسد أذكر بعض أبياتها:
ما تصنع المرأة محبوسة == في بيتها أن أصبحت معدِمه
ضاقت بها العيشة إذ دونها == سُدّت جميع الطُرُق المُعلَمَه
كم في ُبيوت القوم من حرّة == تبكي من البؤس بعينَيْ أمه
قد جعلوا الجهل صواناً لها == من كل ما يدعو إلى المَأثمه
والعلم أعلى رتبةً عندهم == من أن تلقّاه وأن تعلمه
6ـ الخاتمة..تحيّة إلى المرأة العربيّة عامة، والفلسطينية خاصّة في عيدها..!!
إنّنا وبهذه المناسبة الجليلة، نحيّي المرأة العربيّة في العيد العالمي للمرأة،ونشدّ على أياديها من أجل مواصلة النّضال حتّى بلوغها تحقيق كافة أمانيها في التحرّر،وكما حملت النّسوة باقات من الورد في أوّل تظاهرة سلميّة لهنّ، للمطابة بحقوقهنّ،نقدّم لهنّ في عيدهنّ، و إلى كلّ إتحاد، أو جمعيّة، أو مؤتمر، أو منظمة تعنى بالدفاع عن حقوق المرأة باقات من الياسمين، والورود المضمّخة بعطر المحبّة، ونسائم الحريّة للمرأة الفلسطينية ، والسّلام ،والتغيير نحو الأفضل، وكلّ عام والمرأة العربيّة بألف خير.
الكاتب :حيدر حيدر
سلمية في /8/3/2011/