"إن النقود وعلم المسكوكات الذي يتعلق بها، يمتد على تقاطع عدة اهتمامات فنية وثقافية وتاريخية بحيث أن أي شخص يدرس الحضارة التراثية أو الفترة المبكرة من التاريخ لا يستطيع بسهولة تجنب التعاطي أو التعامل مع الآلاف من هذه القطع الصغيرة الفضية، والذهبية والنحاسية. فالمؤرخون الاقتصاديون يرون فيها معايير مجرَّدة للحفاظ على التبادلات التجارية المحلية والعالمية، ويستخرجون منها استنتاجات مهمة حول عمليات التضخّم الاقتصادي، أو توفر أو فقدان الذهب والفضة. وبالنسبة للمؤرخين السياسيين فإن الأهمية الأولية للنقود تستخلص من طبيعتها الرسمية، ولكون النقود تصك تحت تحكم الدولة الصارم في حركة دور صك النقود، فإنها تعرض دلالات بارزة للقوة والسلطة، وتغيُّر هذه الدلالات عادة يدل على تغيرات سياسية وعقيدية رئيسية. وبالنسبة لمؤرخي الفن فلديهم العديد من الأسباب لكونهم مسحورين بالنقود، لكن السبب المهم نمطياً أن معظمها مؤرَّخ وهكذا فإنه يضيف معالم للحماس المفرط المثير لمؤرخي الفن بالنسبة لتتابع الأحداث والتواريخ. بالإضافة إلى ذلك، فالنقود هي رسائل منظورة محمولة للجمهور الواسع، وأعدادها الضخمة تمنح إدراكاً لما كانت تدل عليه لتكون جزءاً من اللغة الطبيعية المنظورة للثقافة أو لفترة تاريخية معينة. أما المؤرخون الاجتماعيون وعلماء الأجناس فيعلمون كم كانت النقود جزءاً من النظام المعقد لإعطاء الهبات التي تميِّز أي جماعة بشرية. أولغ جابار، العصور الذهبية: النقد الإسلامي للعصور الوسطى. لندن: معرض زمانا، 1986م ، "مقدمة" ص6. |